د.عدنان عويد
الباب الثاني : النص والحقيقة:
في الباب الثاني من الكتاب يتناول الباحث موضوعاً على درجة عالية من الأهمية والحساسية معاً, وهو موضوع (النص والحقيقة), حيث (يعتبر النص الديني طريقاً للحقيقة, وكاشفاً لها. وهو يستقل بوجوده وكينونته وقيمته. بينما تتوقف صدقية النص على دليله ومدى كاشفيته).(24) وعلى هذا المنطلق تكون مصداقيته أمراً عقلانياً عندما يرتبط بالواقع. أو يرتبط بصحة المصدر أو المرجع كالحديث المتواتر مثلاً. أما عندما تكون صدقية النص الديني قائمة على الظن, فغالباً ما نجد من يرفضه في الوقت الذي نجد فيه أيضاً من يأخذ به من باب التدين. وهذا ما نجده عند فقهاء السنة مثلاً, فالحديث الظني عند ابن حنيفة لا يعتد به كثيراً, بينما هو عند الحنابلة حتى ولوكان ضعيفاً له مصداقيته المطلقة, وهو عند ابن حنبل أهم من الرأي. وإذا كانت قضية القبول أو الشك أو الرفض, واردة في قضايا الشريعة عند المتدينين, فهي غير مقبولة في العقائد, كما يقول الباحث. أما عند الباحث العقلاني المحايد. فالحقيقة نسبية مالم يبرهن على صحتها الواقع.
إن المنهج الديني في تقصي الحقيقة لا ينتج حقيقة كاملة, فالحقيقة تظل نسبية مالم يبرهن عليها. وما دامت مقررة سلفاً في ذات النص, فهو منهج قائم على الايمان والتسليم لا على الدليل والبرهان. (25).
الحقيقة والايمان:
يقول الباحث في هذا الاتجاه : (ثمة نتيجة مهمة تترتب على ثقافة المتلقي وقابلياته في وجود الحقيقة النسيبة). (26) . بل إن النتيجة هذه تترتب على درجة إيمان المتلقي والظروف المحيطة به, والموقف المذهبي والسياسي الذي ينتمي إليه. ومع ذلك فوحدة الايمان لا يمكن أن تشكل دليلاً على صدق الايمان ومطابقته للواقع. بل تكشف عن بنية العقل ومشتركاته في مدى صدق هذه القضية أم لا. فالإيمان المشترك لا يدل على مطابقته للواقع. بل تحتاج صدقيته كما أشرنا أعلاه إلى أدلة وبراهين. وهذا ما يؤكد الفهم العقلاني للآية الكريمة. (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) الفرقان – 73.
إن القرآن في جوهره يحث على البرهان والنظر وتحكيم العقل واستدلالاته. (27).
الحقيقة الدينية ونسبية الهداية:
ما أكد عليه الباحث إذن, هو أن إطلاق الحقيقة بشكل عام يتوقف على مدى مطابقتها للواقع ووجود الأدلة وبراهين حسية وعقلية عليها.
أما الحقيقة الدينية فتستمد وجودها من إيمان الفرد ومستوى وعيه وثقافته التي تختلف باختلاف منشئها. ومع ذلك هي نسبية باستثناء ما دل الاستنتاج المنطقي على وجود خالق لهذا الكون. وكل ما عدا ذلك كعوالم الغيب والمعاد . والكرامات. ويقدم الكاتب الكثير من النماذج الروائية دعماً لموقف الفكري والمنهي هنا. (28).
إن إيمان الباحث بنسبية الحقيقة, يدفعه لتأكيد نسبية الهداية. والهداية عنده (تعني الإرشاد. هديته أي أرشدته. دون تحديد الغاية او القصد) .(29). وقد جاءت الهداية في النص الديني مطلقة (إهدنا الصراط المستقيم), وهي توحي بدلالات خطيرة في الكثير من مواقعها في العقل التراثي. كقول الحديث : (فإنما أصحابي مثل النجوم, فبأي اقتديتم اهتديتم). فالرواية هنا أعطت مصداقية تصل إلى درجة العصمة للبشر, والنص القرآني لم يمنحها لأحد. وعلى هذا الأساس جاء الموقف السلفي من التراث فيما بعد, حيث اعتبرت المرحلة التاريخية للصحابة هي مرحلة مقدسة وصادقة بكل ما فيها فكراً وممارسة, وبالتالي كل جديد يخرج عن معطيات هذه الفترة هو بدعة, وكل بدعة ضلالة, وهذا الموقف القائم على الهداية المطلقة نجده عند الشيعة أيضاً عندما اعتبروا أن الولاية بالنص اولاً, وإن آل البيت معصومون ثانياً.
الحقيقة العقائدية ودور التراث في ترسيخها:
بقول الباحث والمفكر الغرباوي لقد لعب التراث دوراً هاماً وخطيراً في تشييد وبنا الهيكل العام للمسألة الطائفية والمذهبية الدينية بشكل عام, والإسلامية منها بشكل خاص. حيث انتشرت وبعمق في بنية السلطة والمعارضة معاً. : (30).
إن النص القرآني واضح في مقاصده العقيدية والتشريعية. فهي مقاصد عامة ترتكز كما بينا في موقع سابق على الايمان بالله وكتبه ورسله واليوم الاخر ونشر العدل والمساواة وإحقاق الحق في الدفاع عن العقيدة والأرض والعرض والنفس والملكية. بيد أن هذا النص عبر وجوده التاريخي راح يؤول ويفسر وفقاً لمصالح السلطة والمعارضة معاً, وهنا راح النص يميل في دلالاته كما يريده ألذين في قلوبهم زيغ. حيث لم يتوان الكثير من الذين اشتغلوا على الدين أن يضعوا الكثير من الأحاديث التي تمجد هذا الخليفة أو ذاك, أو هذه القبيلة أو تلك. بل إن الكثير من الآيات القرآنية راحت تؤول وتفسر للخدمة ذاتها. بل تفاقم الأمر عند بعض المذاهب إلى اعتبار قول الإمام ذاته نصاً مقدساً (العصمة) لا يأتيه الباطل من تحته أو بين يديه. وعلى هذا الأساس يركز الباحث على أهمية إعادة قراءة التراث ونقده والعودة به إلى مربعه الأول بعد أن استطال وأصبح وسيلة أكثر من كونه غاية تهدف إلى مقاصد الدين الحقيقة. وعلى هذا الأساس خصص الباحث عنوانا خاصاً بأهمية النقد العقلاني ودوره في الوصل إلى حقيقة التراث وغربلته من كل الشوائب التي علقت به تاريخياً بسبب مصالح الفئات الحاكمة أو المعارضة معاً. (31).
ونظراً لخطورة التأويل في النص التراثي يركز الباحث على خطورة هذه المسألة منطلقاً من منهجه الفكري العقلاني النقدي الذي يعتبر أن القراءة التأويلية للنص تقيم علاقة جدلية بين معرفة النص ذاته بكل حمولته ودلالاته, وبين القارئ لهذا النص, أو المؤول لهذه الحمولة المعرفية ودلالاتها. وعبر هذه العلاقة لا يستطيع النص التراثي أن يحافظ على مركزيته وقوته وسيطرته ومعرفته المطلقة, وإنما أمام سلطة معرفة القارئ أو الناقد تنهار هذه السلطة المركزية للنص, وتتفتت كما يقول الباحث الغرباوي, وبالتالي أمام هذا التحطيم لمركزية النص المعرفية, تتشكل معارف جديدة ربما تناقض تلك المعارف الكامنة في النص أو جزءاً منها بما يتفق ومصالح المؤول والمتلقي معاً وفقاً للمرحلة التاريخية المعيوشة. وهذا هو دور النقد في الحقيقة للنص التراثي ووظيفته. فالنقد العقلاني المحايد وحده هو الذي سيعيد قراءة النص التراثي وتخليصه من كل الشوائب التي علقت به تاريخيا, من أوهام وأساطير واحتكار للحقيقة وتقديس, وبالتالي تحرير كل العلقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وخاصة في شقها الديني المتعلقة به.(32).
المهيمن الرمزي:
في الفصل الخامس من الباب الثاني يتطرق الباحث الغرباوي إلى مسألة (المهيمن الرمزي) في النص التراثي, وهي مسألة على درجة عالية من الأهمية والخطورة معاً, على اعتبارها تشكل البعد السياسي في الخطاب التراثي منذ وفاة الرسول حتى اليوم. ممثلة في قضية الإمامة والخلافة. متكأً في رؤيته هذه على مقولة للشهرستاني في كتابه (الملل والنحل), حيث يقول : (وأعظم خلاف بين الأمة هو خلاف الإمامة, إذ ما سُل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سُل على الإمامة في كل زمان.). (33). وهو الخلاف الذي مزق الأمة كما يقول الباحث, وقطع أشلاءها, حتى ضمرت معالم الدين, وتعددت قراءاته وفهمه تبعاً لهذا الانقسامات. علماً أن هذه الانقسامات والصراعات لم تزل حتى هذا التاريخ تحكم سلوكهم وثقافتهم وموقفهم من الحياة والدين معاً. بل وستبقى الفرقة الناجية بعد أن اكتسى هذا الصراع لباس الدين, وانقلبت وجهته من صراع سياسي على السلطة إلى صراع ديني, بكل مفرداته الطائفية والمذهبية, كدليل على صحة هذا الصراع أولاً كونه مشروعاً ضد من حرف الدين برأي كل فرقة اتجاه الأخرى, وثانياً كدليل على احتكار الحقيقة عند من يدعي الحقيقة من هذه الفرق, مهما تظاهر المختلفون وعقدوا الندوات لتجاوز هذا الخلاف في عصرنا الحاضر. وبناءً على هذه المعطيات سيظل النقد العقلاني وحده هو من يستطع مواجهتها وتحطيم بنيتها الملغومة بكل مبررات الصراع وعرقلة تقدم هذه الأمة وإعادة بنائها من جديد على أسس الدولة المؤسساتية والمواطنة, أو ما يمكن تسميته بالدول المدنية.
كما يتطرق الباحث في هذه الفصل إلى مسألة (الرسالة والسلطة) محاولاً أن يبين عجز الدين بكل ما يحمل من قيم إنسانية نبيلة أن يحطم سلطة العشيرة والقبيلة, التي باسمها تجلت إشكالية من هو الأحق بالخلافة, فقبيلة قريش وانتساب الرسول لها, أخذت السلطة أو الخلافة لها. وباسم الدين نفسه فيما بعد انشقت قريش إلى بيوت وكل بيت يدعي بأنه هو الأحق بها, كالبيت الأموي والعباسي والعلوي. وهكذا يتبين لنا كيف أن السلطة بُررت دينياً وبالنص الديني , وباسم الدين نفسه ظهرت الصراعات الطائفية والمذهبية, وكل الحروب التي بدأت مع حروب الردة وصولاً إلى الحروب التي تجري اليوم على الساحة العربية في العراق واليمن وسورية. وإن الإسلامي السياسي المعاصر نفسه في أحزابه وفرقه قام على الدين والحاكمية الله بدل حاكمية الكفر الوضعية. (34).
النص وأدلجة الخطاب :
في الباب الثالث من الكتاب يتناول الباحث والمفكر الغرباوي قضية (النص وأدلجة الخطاب) حيث يرى هنا: بأن ( الطقوس ممارسة رمزية تجري في أجواء خاصة, تعبيراً عن مشاعر تضيق بها اللغة, فتلجأ إلى حركات وإيقاعات, ترافقها انفعالات رمزية, تعطي للحدث قيمة قدسية, وهي إحدى تجليات الروح الاجتماعية عند الإنسان, ابتدأت عفوية, ثم مع مرور الأيام اكتسبت دلالات دينية واجتماعية وثقافية, وراحت تؤدي وظيفتها من خلال رمزيتها وايحاءاتها. ثم ترسخت بقوة حضورها, وحجم التفاعل الشعبي والرسمي معها. وهي في أحد أبعادها الدينية ملاذ خلاص, والمعنى الذي يضفي الطمأنينة والاستقرار النفسي, ويعمق شعور الانتماء.). (35).
يقوم الباحث هنا بتفكيك حمولة هذا المفهوم إلى مفرداته الروحية والاجتماعية والبيسكولوجية, وإلى دلالاته وأهدافه وتأثيراته على الفرد والمجتمع عندما يوظف أيديولوجيا من قبل السلطة, أو من قبل قوى اجتماعية محددة تجد فيه مصالحها, أو إلى تنوع الطقوس ورمزيتها لدى الشعوب. وذلك يأتي كله في مطالب عدة حازها هذا الفصل مثل: ((العمق الروحي للطقوس) و(الآثار الدلالالية للطقوس) و (الخطاب الطقوسي) و (الطقس والمعبد), حتى يقف أخيراً في هذا الباب عند (طقوس عاشوراء) وما لها من دلالات سياسية واجتماعية ومذهبية, دون أن يغفل ما لبعض الطقوس من تأثيرات على اللحمة الاجتماعية والوطنية, كونها تحمل بين طياتها روح التمايز عن الآخر, ومحاولة استفزازه, وهذا ما جعل الباحث يطلق على مثل هذه الطقوس إسم : (طقوس الكراهية). (36).
في الفصل السابع من الباب الثالث يبحث المفكر الغرباوي في (أدلجة الخطاب). فبعد أن يعرف الأيديولوجيا على أنها ( منظومة أفكار ومفاهيم منحازة يراد بها تفسير جميع الظواهر, وإعادة صياغة الواقع وفق قناعاتها وتصوراتها كحقائق ثابته لا يمكن التراجع عنها.). (37). إلا انه منذ البداية يحاول أن يفرق ما بين الأيديولوجيا كموقف معرفي ذا بعد إيجابي على اعتباره علم الأفكار ودراسة مساراتها وتطورها والأهداف التي ترمي إليها الأيديولوجيا ممثلة بحواملها الاجتماعيين. وبين الأيديولوجيا في بعدها السلبي عندما تتحول النظريات إلى بنى فكرية مغله على نفسها مفارقة للواقع المعيوش ومتعالية عليه, وعاملة دائماً على لي عنقه كي ينسجم معها.
وبعد أن يبين الباحث خطورة الأيديولوجيا في اتجاهها السلبي على المتلقي, عقلاً وسلوكا في بعد العلاقات الاجتماعية والسياسية والثقافية, كونها تقوم على اعتبار الحقيقة واحدة ومطلقة وليست نسبية, الأمر الذي يساهم في خلخلت البنية الاجتماعية وفرض صراعات بين مكونات المجتمع غالباً ما تعمل على تدمير الأخضر واليابس, وهذا ما يجعلنا نؤكد في المحصلة على إدانة الأيديولوجيا السلبية في أي صيغة كانت, وضعية ام دينية, من هذا التشويه للحقيقة وممارستها في الواقع. نقول: بعد تناول الباحث لهذا الدور الذي تتركه الأيديولوجيا السلبية على المجتمع, ينتقل الباحث لدراسة الأيديولوجيا الدينية, مركزاً على مسألة (مرونة النص الديني), فمرونة النص الديني الذي اتكأت عليه الأيديولوجيا قد فتحت آفاق النص على التفسير والتأويل تبعاً لتعدد المقاربات الفكرية والعقيدية, ولتأثر قراءة أي نص بقبليات المقاربة وقدرة القارئ على استنطاقه وتأويل كما يقول الباحث. وهنا يعود بنا الباحث مرة أخرى إلى العقل النقدي ودوره في إعادة قراءة النص والأيديولوجيا معاً بحيادية, والبحث في حمولتهما عن القضايا الايجابية التي يتقبلها العقل ومصالح المجتمع, محاولاً بهذا العقل النقدي إقصاء كل القضايا اللاعقلانية التي تحاول الايديولوجيا السلبية الاشتغال عليها من الناحية الأسطورية كانت أو الخيالية أو التحريضية التي تساهم في خلق الفتن والصراعات داخل مكونات المجتمع وتغييب مصالح الناس. وبالتالي ضرورة العمل من خلال النص القرآني ذاته على تعزيز كل ما يساهم في ترسيخ السلم الأهلي, والتسامح والمحبة والوحدة الوطنية ونبذ الطائفية والمذهبية كما بشر بها النص التراثي العقلاني. (28).
إن هذا الموقف العقلاني النقدي, ينسحب على بقية مفردات هذا الفصل أيضاً مثل : (الموقف من الآخر).ص (29).
أما في مطلب (جاهلية المجتمع): فيتناول الباحث في هذا الجانب كتاب سيد قطب (معالم في الطريق), نقداً وتفنيدا. إن كان على مستوى الموقف الأيديولوجي الذي يعتبر فيه قطب أإن الواقع للدين وليس الدين للواقع, حيث يريد قطب هنا أن يجعل من أيديولوجيا الحاكمية نصاً مقدساً صالحاً لكل زمان ومكان, وعلى الواقع أن يرتقي للنص دائماً, مع رفض لأي فكر أخر وضعي يضعه الإنسان من عنده للوصول إلى الحقيقة. كما ينتقد الباحث وفق هذا العمق النقدي مواقف قطب في مسائل الجهاد والطليعة المسلمة المعول عليها تفسير النص والعمل به .. الخ. (30).
النص وفتاوى الفقهاء:
في الفصل الثامن من الباب الثاني للكتاب يتناول المفكر الغرباوي النص وفتاوى الفقهاء, مبيناً في البداية مفهوم الفتوى وعلاقتها بالنص حيث يقول: (إن علاقة النص بالفتوى علاقة مرجعية, وما الفتوى سوى فهم للنص وتطبيق لكلياته. ورفع ما يبدو متعارضاً بين نصوصه, وتحديد ما هو عام وخاص ومطلق ومقيد. وما أخذ من أحكامه على نحو القضية الحقيقية أو الخارجية, وتحديد شروط فعلية الحكم وموضوعه. والتمييز بين الأوامر والنواهي المولوية والإرشادية. هذا من حيث علاقتها بالنص. وأما اصطلاحاً فيراد بالفتوى رأي الفقيه المستند إلى دليل. حيث يعمل رأيه في استنباط وبيان الحكم الشرعي بناءً على مصار التشريع المعترف فيها عندهم.) (31). أما مصادر التشريع فهي الكتاب والسنة والاجماع والقياس كمصادر أساسية عند السنة, إضافة للمصادر الثانوية كالاستحسان وسد الذرائع والمصالح المرسلة وقول الصحابي وغير ذلك. علماً أن للشيعة مصادر تشريعهم أيضا إضافة للقرآن والحديث المتواتر و المشهور المتعاق بآل البيت, هناك ما روي عن علي وآل البيت .
بيد أن ما يميز الباحث هنا هو موقفه العقلاني من هذه المراجع من حيث مشروعيتها وصدقها وطريقة الحصول عليها, ومن المناهج المتبعة للحصول على الحكم من خلالها. وهو في المحصلة يؤمن بدور العقل النقدي في تحليل هذه المرجعيات أو المصادر, فالعقل عنده هو الحكم في ذلك, ولكنه ليس العقل الذي يعمل على تثبيت النص كما يفعل الأشاعرة, وإنما النص الذي يحكم على النص من حيث صحته او خطئه ومدى استجابته لقضايا الواقع, وهذا كله يرجع عنده إلى جوهر النص الديني المقدس وهو القرآن.. فكثيراً ما يعود الباحث في عرضه لرؤيته العقلانية هذه إلى الآيات القرآنية التي تقر بالعقل والتطور والتبدل في هذه الحياة, إي إلى النص الديني بعد أن يفتح على كل مخزونه المعرفي الذي يسمح بمواكبة التطور والتبدل في حياة الإنسان. وعلى ذلك فالدين أو النص الديني عنده ليس ثابتاً أو جامداً ووثوقياً, بل هو متحرك في دلالاته, وقابل لمجاراة قضايا العصر. (32).
وعل هذا الموقف العقلاني من النص التراثي يطرح الباحث أسئلته المشروعة هنا وهي: من أين اكتسبت فتوى الفقيه سلطتها ومشروعيتها؟. ومدى علاقتها بالنص المقدس تحديداً. وهو يعتبر هذه الأسئلة محرمة ومسكوت عنها في جميع المذاهب الإسلامية. (33).
فعلى هذه الأسئلة يبين الباحث كيف أخذ النص الفقهي قدسيته أيضاً وتحول إلى مقدس راح الناس ينجرون وراءه كالأنعام. ويقول المفكر الغرباوي: إن الفقها اعتمدوا في تحقيق شرعية فتاواهم على قول مشهور مفاده: (ما من واقعة إلا ولله فيها حكم.) وهذا يتنافى مع صريح القرآن كما يقول الباحث: ( اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً.) سورة المائدة الآية 3. ولكن من يطلع على تفسير الآية عند الباحث يرى أن الباحث يؤكد تلك المقولة التي اعتمد عليها الفقهاء في اعتبار القرآن أو الدين لم يفرط في شيئ. هذا مع اعترافنا للباحث في إقراره بأن المصالح الأنانية الضيقة لدى الناس هي التي دفعتهم لوضع أحاديث كاذبة على لسان الرسول, وهي التي دفعتهم لتأويل النصوص القرآنية كما يشتهون.. وبالتالي التلاعب بالنص المقدس كما يريدون. وهذه المسائل كلها يتناولها الباحث وبشكل دقيق في مطالب هذا الفصل مثل: (سلطة الفقيه) و (يقينيات الفقيه), (أسباب تفاقم الفتوى) و ( أسيجة القداسة). (34).
النص وميثيولوجيا التراث:
في الفصل التاسع يقف الباحث عند مسألة النص وميثيولوجيا التراث, حيث يقول: إن للتراث فهم بشري يمكن تفكيكه وتحليل مكوناته, أو مقولاته, لكن الضرورات المرجعية للمذاهب المتصارعة ناءت عن النقد والمراجعة والتشكيك, عندما احاطته بأسيجة مثيولوجية (أسطورية) ورسخته في اذهان الناس عبر هذه الأسطورية والغرائبية. وبذاك حولته إلى أيديولوجيا متعالية على الواقع حازت على التعالي والوثوقية والقداسة بعد أن جردت التراث من بشريته وتاريخيته.
إن هذا الموقف من الثقافة التراثية الذي رمز الأحداث وأسطرها ومنحها القداسة, خلق حالة لا شعورية تجاه الحداثة ومعطياتها, فمع عملية الانحياز هذه نحو الماضي ضد الحاضر, فقدت المعرفة العقلانية حضورها ومكانتها أمام الايمان والتسلم المطلق .. فالمعرفة العقلانية لا تقوم عند الباحث إلا على الشك للوصول إلى اليقين, والشك لا يمكن أن يستكين ويهدأ إلا مع نسيبة الحقيقة, فالحقيقة لا تعطى كاملة, بل هي تقوم دائماً على معرفة ناقصة, والشك هو من يساهم في خلق استمرارية البحث عنها : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي). البقرة 260.
إن العقل العلمي القائم على البرهان والاستدلال والاستنباط والاستقراء, هو المنطلق الأساس عند الباحث للوصول إلى الحقيقة المعنية هنا بصدقية النص التراثي من جهة, وهو المنطلق الأساس أيضاً في الوصول إلى الايمان الحقيقي بهذا النص بعد الكشف عن كل دلالاته الإنسانية أو مقاصده الخيرة التي هي في الأساس جوهره وهدفه .
إن كل ما جاء في هذا الفصل لا يخرج في قراءته أو دراسته ونقده عن عملية البحث والنظر وفقاً للمنهج العلمي الذي يتكئ عليه الباحث, وهو المنهج القائم على البرهان ورفض الاستسلام للواقع أو الفكرة معا. وهذا نجده هنا في مطلب (قوة حضور النص) التراثي لدى كلا المذهبين الشيعي والسني معاً. حيث استطاع الباحث أن يقدم أدلة قاطعة على وجهة نظره وموقفه المنهجي العلمي تجاه ما جاء من أوهام وأساطير وإطلاق في الرأي والممارسة, فرضتها قوة النص وحضوره. محاولاً الاثبات في المنهج ذاته, أن التراث تراكم بشري, ينفع في دراسة العقل وتطوره تاريخياً, وهو نتاج محترم لا يتعالى على العقل والمراجعة, وليس لديه أي سلطة معرفية, ولا يستطيع أن يكون مصدراً معرفياً إلا بحدود. والغرباوي في موقفه الرؤيوي هذا يصل بنا إلى درجة عالية من النقد العقلاني للتراث, فهو لم يسخف التراث ولم ينل من مكوناته سخرية أو استهزاءً, بل هو يريد الوصول بنا إلى أن كل ما جاء في هذا النص التراثي هو من جهة شكل أو درجة من درجة تطور العقل العربي والاسلامي في تلك المراحل التي وجد أو أنتج فيها هذا النص عبر سيرورته التاريخية, وهو نص لم ينكر الباحث أيضاً بأن السياسة والمذهبية والمصالح الأنانية الضيقة أدخلت فيه الكثير من الكذب والتزوير والتشويه للحقيقة. من (35).
النص وشرعية السلطة لأليات التأسيس:
في الباب الرابع من الكتاب يبحث المفكر الغرباوي في طبيعة النص وشرعية السلطة لأليات التأسيس. حيث يقول: إن ثمة أسباب ودوافع وراء تدفق النصوص والروايات في القرون الأربعة الهجرية الاولى, ويأتي في مقدمتها إشكالية مشروعية السلطة أو أزمة مشروعية السلطة, ممثلة بالدولتين الأموية و العباسية, اللتين اشتغلتا على ظلم الناس والاستهتار بمصالحهم, واضطهاد كل من يعارضها, والعمل على تصفيته جسدياً أفراداً كانوا أم جماعات. وعلى أساس هذا الاضطهاد استمرت الخلافة. فهذا الخلافة الأموي ممثلة هنا بـ “مروران بن عبد الملك” على سبيل المثال لا الحصر, يقول مخاطباً رعايا الخلافة : (أما بعد فلست بالخليفة المستضعف, ولا الخليفة المداهن, ولا الخليفة المأمون, ألا أني لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم لي قناتكم…ألا أن الجامعة (القيد) التي جعلتها في عنق عمرو بن سعيد عندي والله لا يفعل أحد فعله إلا جعلتها في عنقه, والله لا يأمرني بتقوى الله أحد بعد مقامي هذا إلا قطعت عنقه.) (36). وعلى هذا الأساس استمرت ولاية السلطان مباركة من مشايخ السلطان الذين شرعوا ولاية الفاسق منهم, ومن يأتي بالغلبة, وأن الخليفة لا يسأل يوم القيامة ولا يحاسب, وأنهم سكتوا على فساد الحاكم ودعارته, واعتبروا الرضوخ للحاكم المستبد أمراً أقره الله كونه خيراً من الوقوف ضده وحدوث الفتنة بين المسلمين.
كل هذه المبررات وجدوا لها أحاديث عن الرسول وروايات وإن استطاعوا تفسير النص المقدس لمصلحة الحاكم لما توانوا في ذلك. وعلى هذا الأساس رسخت أيضاً هذه النصوص التراثية تاريخياً ونال بعضها صفة التقديس, كأقوال وأحوال أهل السلف والصحابة الذين قيل فيهم بأنهم كالنجوم بأي منهم اقتدينا اهتدينا.
يحاول البحث في هذا الباب أن يبين إشكالية السلطة ما بين الشورى والنص من جهة, وما بين الملك العضوض الذي كرسه معاوية من جهة ثانية, معطياً الكثير من الأمثلة والأدلة على هذه القضية التي ظلت محط صراع مادي وفكري بين المسلمين طوال تاريخ الخلافة الإسلامية منذ السقيفة حتى سقوط الخلافة. وما جرى من قمع وتشويه للحقيقة الدينية من أجلها.
ولا يفوت الباحث أن يقف من الناحية السياسية عند النظريات السياسية التي وضعت عبر تاريخ الخلافة حيث قسمها إلى :
النظرية الثيوقراطية, التي تحيل السلطة إلى أمر متعالي عن الواقع وخارج نطاق البشر, وتشمل :
آ- الطبيعة الإلهية للحكام.
ب – الحق الإلهي المباشر.
ج – الحق الإلهي غير المباشر.
2- النظريات الديمقراطية. التي تحيل مرجعية السلطة إلى الشعب. (37).
وعلى هذا الأساس تأتي دراسة الباحث في كل مفردات هذا الباب هي للنظر في طبيعة السلطة الاستبدادية عبر الخلافة الإسلامية, وآلية عملها وحواملها الاجتماعيين وشرعية وصولهم إليها, وبالتالي الصراعات والدسائس والمؤامرات التي حيكت حولها وداخلها, وتوظيف النص الديني المقدس وأدلجته من أجلها.. وغير ذلك نجده في مفردات هذا الباب ونصوصه مثل: (النص والتاريخ) و ( (الدين والسلطة), (الإسلام السياسي). و (رواية الإمامة أو الخلافة في قريش . والتطور التاريخي لهذه الرواية), و( من بدل دينه فاقتلوه), و (تاريخية النصوص),. و (النص ومراوغات المفهوم), و (مفهوم الخلافة), و (مصداقية القداسة), و (مفهوم الخلافة ), و (مفهوم الرشد), و (الدلالات السلبية لمفهوم الخلافة لدى الدولتين الموية والعباسية), و (مفهوم العصمة), و (الألقاب), (38).
النص واتجاهات المعارضة:
في الباب الخامس من الكتاب يقف الباحث والمفكر الغرباوي عند النص واتجاهات المعارضة. فهو يرى أن وضعية النص التراثي بالنسبة للمعارضة السياسية لا تختلف في الحقيقة عن وضعيته عند القوى السياسية الحاكمة. حيث يقول في هذا الاتجاه: إن ما جرى على النص من تزوير وتأويل وتفسير ساهم في إعادة صياغة هذا النص بصورة تخدم مصالح القوى السياسية المعارضة, وذلك كله جرى منذ وفاة الرسول مروراً بالخلافتين الأموية والعباسية, وصولاً إلى سقوط الخلافة الاسلامية.
إن كل ذلك جرى من أجل تبرير الوصول إلى السلطة, أو دعم بقائها. وهذا الذي جرى على النص استطاع في الحقيقة أن يساهم في خلق وعي كاذب, راح ينتشر كالسيل الجارف عند اطراف المعارضة, كما راح يتجذر شيئاً فشيئاً في وعي وسلوكيات الناس الذين تحولوا إلى شيع وفرق ومذاهب, اتخذت من الدين ذاته هذه الوضعية الاجتماعية المأزومة والملغومة بكل أشكال التناقضات والصراعات والكره والحقد بين مكوناتها, وصولاً إلى تأسيس الفرقة الناجية وامتلاك الحقيقة المطلقة التي على أساسها قامت حروب راح ضحيتها الكثير من المسلمين منذ صراع السقيفة حتى اليوم. كل هذه القضايا نجدها قائمة أيضاً في مضامين مفردات هذا الباب مثل: (اتجاهات المعارضة), و (عناصر المعارضة الناجحة)., و (الاتجاه التنظيري – لدى المعارضة), أو (النص وفتنة الشعار), و (النص والتأصيل الكلامي – علم الكلام القديم). (39).
النص والغلو:
في الباب السادس يتناول الباحث النص والغلو. حيث جاء تعرف الغلو عنده بأنه : المبالغة والخروج عن الحد… والتعصب والتطرف والارتفاع.. وفي التاريخ الإسلامي لازم مغالات الناس بأنبيائهم ورموزهم حد التأليه عند البعض بشكل مباشر أو غير مباشر. وهو في بعض معانيه أيضاً سلب بشرية الإنسان ومنحه قدرات خارقة. (40). هذا وقد بين الباحث أيضاً الموقف الحقيقي للدين من الغلو, وهو موقف رافض له بناء على نص الآية : ( ل تغلوا في دينكم غير الحق). (وما جعل عليكم في الدين من حرج).
إن هذا الغلو جاء أساساً كما يرى المفكر الغرباوي للتعبير عن مواقف تخدم قوى اجتماعية محددة سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية. والغلو اشتغل عليه كتاب التاريخ الإسلامي مثلما اشتغل عليه الفقهاء وعلماء الكلام, وهو لم يترك مسألة في حياة المسلم إلا وكان له حصة فيها. لذلك نجده في التشريع وفهم العقيدة, الأمر الذي أوجد من يقف ضد هذا الغلو من فقهاء وعلماء دين. فالكثير من مصادر التشريع الفرعية كسد الذرائع والمصالح المرسلة والاستحسان وغيرها, كلها جاء خدمة للخروج من هذا الغلو. وكذلك التأكيد على أن الأصل في الأشياء الإباحة. وتغير الأحكام بتغير الأحوال .. الخ.
إن كل هذه المصادر التشريعية جاءت أصلاً لهذه الغاية. هذا وقد اتكأ الذين يمارسون التطرف (الغلو), أو ممن يدعون إلى تشغيل العقل ومراعاة خصوصيات تطور أحوال الناس في مواقفهم الفكرية على النص التراثي بشكل عام, والنص المقدس بشل خاص, من خلال البحث في الآيات المحكمات الواضحات التي تدعوا إلى التسامح والمحبة وقبول الرأي والرأي الاخر, أو الأخذ بالآيات المتشابهات التي غالباً ما أولت وفسرت من قبل الذين في قلوبهم زيغ .
في المحصلة في هذا الباب ومفرداته, لا يخرج الباحث في موقفه المنهجي العقلاني الذي يشتغل عليه, من الاستناد على العقل وحريته وعلى العلم وقوانينه وطرق وصوله إلى الحقيقة عبر الاستنتاج والقياس والاستدلال والبرهان إلخ. فالباحث هنا يعمل بجهد عال المستوى في تقصي أسباب هذا الغلو ومراجعه و أسبابة ونتائجه المدمرة على الدين والدنيا معاً, مؤيداً في ذلك كل من حارب الغلو في تاريخنا الإسلامي وعلى مستوى الطوائف والمذاهب والفرق., مبيناً بالمثال النتائج المدمرة في التاريخ الإسلامي لهذا الغلو.
نجد كل ذلك في مفردات هذا الباب مثل : ( الغلو والنص. ), و (اتجاهات الغلو المذهبي), و (الغلو السني), والغلو الشيعي والولاية التكوينية.) (41).
معرفة الروايات) في التراث العربي الإسلامي :
في الفصل الساس ذاته وهو الأخير في كتابه, يقف الدكتور الغرباوي عند مسألة على غاية من الأهمية أيضاً وهي (معرفة الروايات) في التراث العربي الإسلامي, حيث اعتبرها تمثل قوام مرجعيات التفكير لدى المسلمين, لأنها تكتسب أهمية كبيرة لدى المتلقي. كما يرى الباحث مرجعيات التفكير هذه, ليست سوى نصوص متراكمة تتحكم بمرجعيات الوعي وضبط أداء العقل, لذا يجد الباحث من الضروري والمناسب إضافة ضوابط علمية لتمييز الصحيح من الغلط في هذه الروايات للتخلص من ثقل التراث وتبعات النصوص, وذلك بسبب ما حققته هذه النصوص لنا من إرهاق, وخاصة الأحاديث الصحيحة منها قبل الضعيفة, لأن النصوص في ثقافة المسلمين تمثل مرجعية نهائية لجميع تفصيلات حياتهم. بدءاً من النظر إلى الطبيعة في كيفية خلقها وإلى نجومها وكواكبها, وصولاً إلى النظر في حياة الفرد والمجتمع من إدارة أمور حياتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وصولاً إلى دخول بيت الخلاء. وهنا يقدم في هذا الفصل الكثير من الأدلة والوثائق على ما جاء إليه في هذا الاتجاه من حيث سيطرة النص التراثي بشكل عام والمقدس منه بشكل خاص على حياة العرب والمسلمين حتى اليوم بكل مكوناتهم الطائفية والمذهبية. وهذا ما نجده في مفردات هذا الفصل مثل : (شواهد الوضع), (مناهج التوثيق), و (حجية السنة), وأخيراً في (القيمة المعرفية) (42).
في نهاية الكتاب يصل الكاتب والباحث والمفكر الغرباوي إلى نتائج على درجة عالية من الأهمية في كيفية التعامل مع التراث وما هي القضايا التي يجب على الباحث أن يتكئ عليها كي تخرج الأمة من هذا المأزق التراثي والتاريخي معاً, وذلك من خلال المنهج العلمي الذي أشرنا إلى العديد من مفرداته عند قراءتنا السريعة لهذا الكتاب, والتي أهم ما فيها هو اعتماد العقل وبرهانه أولاً, ثم الدليل القائم على الشك والاستنتاج والاستقراء والاستدلال ثانياً. فالغرباوي بالرغم من محاولة ابتعاده عن البعد الطبقي في قراءة التراث إلا أن تركيزه على العدل والمساوة والمحبة والتسامح من خلال إعادة قراءة النص التراثي يدخله هذا التركيز بهذا الشكل أو ذاك في البعد الطبقي. وانطلاقاً من موقفه هذا, فهو يقول : لا يمكن الوثوق بنص تاريخي سوى القرآن الذي تعهد به جميع المسلمين, على أن يقرأ ضمن شروطه التاريخية ومنطقه الداخلي, ومنهجه في المحكم والمتشابه من الآيات, ومعرفة تاريخ الآية وأسباب نزولها وظروفها, وما علاقتها بالهدف الأساس من الدين وبخلق الإنسان. ثم ما رسبته الروايات والأحاديث من مفاهيم كرست الجهل والتخلف وروح التنابذ والانقياد والتبعية, وشوهت معالم الدين وهدف الإنسان في الحياة. وهذا كله يتطلب إعادة النظر في منظومة القيم المعرفية والأخلاقية, وجميع قَبْلِياتِ الفرد ويقينياته بما يتيح تأسيس العقل بأسس جديدة. (43).
د .عدنان عويد كاتب وباحث من سورية
(*) المرجع.
النص وسؤال الحقيقة – نقد مرجعيات التفكير الديني – تالف ماجد الغرباوي – الطبعة الاولى 2018 إصدار مؤسسة المثقف العربي –سيدني – استراليا.نشر وتوزيع دار الأمل الجديدة – دمشق سورية – ص7.
المرجع نفسه ص8.
المرجع نفسه. ص 8.
-4 المرجع نفسه.ص 9.
5- المرجع نفسه .ص 13.
6- المرجع نفسه. ص13.
7- المرجع نفسه. ص13.
8- المرجع نفسه . ص 13.
9- المرجع نفسه. ص 13.
10 – المرجع نفسه. ص 15.
11- المرجع نفسه. ص 16.
12- المرجع نفسه. ص 16.
13- المرجع نفسه. ص 16.
14- المرجع نفسه.ص 18.
15- المرجع نفسه.ص 19.
16- المرجع نفسه. ص 20.
17- المرجع نفسه.ص 22.
18 – المرجع نفسه. ص 23.
19- المرجع نفسه. ص 33.
20- المرجع نفسه. ص 35.
21- المرجع نفسه. ص من 40 إلى 43.
22- المرجع نفسه.ص من 43 الى 48.
23- المرجع نفسه. ص من 49 الى 56.
24- المرجع نفسه. ص 56.
25- المرجع نفسه. ص. 59 وما بعد.
26- المرجع نفسه.ص 64.
27- المرجع نفسه.ص 65.
28- المرجع نفسه. ص 67.
29 – المرجع نفسه.ص 72.
30- المرجع نفسه. ص 72.
31- المرجع نفسه. من ص 76 الى 78.
32- المرجع نفسه. ص 79.
33- المرجع نفسه. ص 83.
34- المرجع نفسه. من ص 79 الى 102.
35- المرجع نفسه. ص 105.
36- المرجع نفسه. نت ص 105 الى 122.
37- المرجع نفسه. ص 123.
38- المرجع نفسه. ص 124.
39- المرجع نفسه. من ص 128 الى 133.
40- المرجع نفسه. من ص 133 الى 134.
41- المرجع نفسه. ص 135.
42- المرجع نفسه. من ص 135 الى 139.
43- المرجع نفسه. ص 139.
44- المرجع نفسه. من ص 139 الى 150.
45- المرجع نفسه. من ص 150 الى 160.
46- المرجع نفسه. ص163.
47- المرجع نفسه. من ص 165 الى 2006.
48- المرجع نفسه.من ص 167 الى 184.
49- المرجع نفسه. من ص2007 الى 236.
50- المرجع نفسه. ص242.
51- المرجع نفسه. من ص 237 غلى 286.
52- المرجع نفسه. ص 297.
53- المرجع نفسه.296.
الاحد: 13 يناير 2019.