تأملات وسط الأحداث :

وضعية مجلس المستشارين القائم حاليا

ذ. عبد القادر باينة

إن مسألة التعديل الحكومي الطاغية حاليا لا تنسينا وضعية مجلس المستشارين القائم حاليا. فإنه سبق لنا أن سجلنا بعد اتخاذ حزب الاستقلال لقرار انسحاب وزرائه من حكومة السيد عبد الإله ابن كيران، أن الأمر يقتضي تفعيل الفصل (47) من الدستور وليس الفصل (42)، ويظهر أن الأمور الآن رجعت الى مجراها الطبيعي في نطاق التأويل الديمقراطي للدستور. على كل حال، هذا الموضوع يتطلب تأملات أخرى أكثر تفصيلا.
وفي جميع الحالات لا يمكن الحدث أن ينسينا أحداثا أخرى مازالت تتطلب منا هي الأخرى اجتهادات مستمرة في التأويل الديمقراطي لدستورنا، وحضورا دائما لتطبيق الدستور والابتعاد عن تجاهل مقتضياته أو تجميد تفعيله.
ولقد سبق لنا أن نبهنا سابقا إلى الشرعية الدستورية لتمديد انتداب ثلث أعضاء مجلس المستشارين القائم حاليا. الذين قضوا مدة التسع سنوات مع افتتاح دورة البرلمان في الجمعة الثانية من أكتوبر 2012. وفي دراسة مفصلة ودقيقة حول هذا الموضوع تم تقديمها في ندوة علمية في أبريل الماضي. اخترنا لها عنوان: »مجلس المستشارين الحالي بين التمديد والتجديد«. عرضنا فيها لمختلف التصورات الممكنة للحفاظ على شرعية تمديد هذا المجلس. وبالتالي المشروعية الدستورية لبرلماننا بمجلسيه، في نظام التفعيل الكامل والتأويل الديمقراطي للدستور الحالي.
وتعميما للفائدة، وتذكيرا بإحدى القضايا المثارة دستوريا، نقترح في هذه التأملات أن نعرض تقديمنا الاجمالي والخلاصة النهائية لتلك الدراسة لكل غاية مفيدة.
يقتضي تجديد مجلس النواب، الذي تم عن طريق انتخابات سابقة لأوانها يوم 25 نونبر 2011، ضرورة تجديد انتخاب مجلس المستشارين، القائم وقت الموافقة على الدستور الجديد في يوليوز 2011، المستمر بعد انتخابات مجلس النواب والذي لايزال ممتدا في أيامنا هذه في منتصف سنة 2013، مع العلم أنه سبق للخطاب الملكي لعيد العرش يوم 30 يوليوز 2011، أن أعطى توجيهاته بأن تتم المرحلة الانتقالية لتجديد المؤسسات المنتخبة بإجراء كافة الاستحقاقات الانتخابية والتي يجب أن تنتهي بانتخابات مجلس المستشارين قبل نهاية سنة 2012.
ونحن الآن في منتصف سنة 2013، تجدنا أمام تمديد مجلس المستشارين، والاحتفاظ بثلث أعضائه الذين أنهوا مدتهم البرلمانية بمجلس المستشارين بقضائهم لمدة التسع سنوات كأقصى مدة مخولة لهم، وبالتالي
لم يقع تجديد هذا الثلث تطبيقا لمقتضيات دستور 1996 ولم يتم انتخاب كافة اعضائه من جديد تطبيقا لمقتضيات دستور يوليوز 2011.
ولهذا، نجدنا عمليا أمام تعطيل لتفعيل مقتضيات الدستور الجديد في ما يتعلق بتركيب مجلس المستشارين، إذ لايزال هذا التركيب يخضع لمقتضيات دستور 1996 مع العلم ان اختصاصات هذا المجلس تخضع لمقتضيات دستور 2011، تطبيقا للمرحلة الانتقالية المنصوص عليها في هذا الشأن في الفصل 176 من هذا الدستور الذي جاء فيه:
الى حين انتخاب مجلسي البرلمان المنصوص عليهما في هذا الدستور، يستمر المجلسان القائمان حاليا في ممارسة صلاحياتهما ليقوما على وجه الخصوص، بإقرار القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديدين، وذلك دون إخلال بالاحكام المنصوص عليها في الفصل 51 من هذا الدستور.
ولقد سبق للبرلمان السابق أن صادق على القوانين التنظيمية المتعلقة بانتخاب كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين وانتخاب مجالس الجماعات الترابية. وكل ذلك تطبيقا لأحكام الدستور الجديد.
لكن لغاية منتصف سنة 2013 لم يتم بعد تحديد انتخابات مختلف المجالس والهيئات التي ينبثق عنها مجلس المستشارين، وبالتالي لم يتم تجديد انتخاب أعضاء مجلس المستشارين. و بالتالي يطرح تساؤل ملح حول مدى شرعية تمديد مجلس المستشارين القائم حاليا. واخيرا للجواب عن هذا السؤال المقلق لابد من التأكيد على ضرورة تجديد انتخاب مجلس المستشارين الحالي بكامل أعضائه احتراما لروح ونص دستور 2011.
ومع حلول شهر يوليوز 2013 تكون قد مرت سنتان كاملتان على الموافقة على الدستور الجديد عن طريق الاستفتاء.ومع ذلك مازلنا نتعايش مع مجلس مستشارين يعتمد في تركيبه على دستور 1996 بالرغم من أنه يمارس اختصاصاته وفق مقتضيات دستور يوليوز 2011 ولقد تم تمديد التسعين مع أعضائه الذين أنهوا مدة التسع سنوات. عمر مجلس المستشارين في ظل دستور 1996. وهكذا فهذا المجلس القائم حاليا من منتصف سنة 2013 لا يخضع تركيبه لا لدستور 1996و لا لدستور 2011.
ويرجع هذا الواقع الى تأويل غير مقنع لمنطوق الفصل (176) من الدستور الحالي بواسطة نص المادة 98 من القانون التنظيمي رقم 11 – 28 المتعلق بمجلس المستشارين القادم.
ورأينا أنه إن كان شرعيا تمديد مجلس المستشارين القائم حاليا في نطاق المرحلة الانتقالية التي جاء بها الفصل 176 من الدستور الجديد، فإننا نرى أنه ليس شرعيا أن يستمر تمديد هذا المجلس بالشكل الموجود عليه حاليا في منتصف سنة 2013 بوجود أعضاء به أنهوا مدة التسع سنوات المقررة من دستور 1996 مع العلم ان دستور 2011 يحدد مدة عمر مجلس المستشارين في ست سنوات، وعلى أساس أن يتراوح عدد اعضائه بين 90 عضوا على الاقل و 120 عضوا على الاكثر (فصل 63 )
هكذا إذن تعذر، لأي سبب من الاسباب، إجراء انتخابات مبكرة.
لمختلف مجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية وممثلي المأجورين قبل نهاية مدة الست سنوات لعمر انتداب الأعضاء بها في صيف 2015، فمن الضروري أن ينظر في تمديد أعضاء مجلس المستشارين القائم حاليا بقواعد شرعية تحترم المقتضيات الدستورية، تبعا للتأويل الديمقراطي لكل من دستور 1996 ودستور 2011 المعنيين بهذا التمديد.
وأخيرا، فتفعيل الدستور الجديد، دستور يوليوز 2011 واحترام الشرعية الدستورية لأعضاء مجلس المستشارين واحترام المشروعية الدستورية لبرلماننا بمجلسيه: لابد من العمل على تجديد كافة أعضاء مجلسي المستشارين وفق مقتضيات الدستور الجديد والقانون التنظيمي رقم11 – 28 المكمل له مع إدخال التعديلات الضرورية عليه، وذلك اعتمادا على التوافق الضروري على جوانب فيه مرتبطة بالتقسيم الجهوي المنتظر، وفي نطاق الجهوية المتقدمة التي ظهرت معالمها الاجمالية في الدستور الجديد، وكذلك مع مراجعة بعض الاختلالات في الاجراءات المتعلقة بالعمليات الانتخابية، سواء بالنسبة لانتخاب مختلف الهيئات المنتخبة التي ينبثق عنها مجلس المستشارين القادم أو بالنسبة للانتخابات غير المباشرة لأعضاء هذا المجلس نفسه.
هكذا يمكن أن نقول في النهاية: إنه إذا كان من الضروري تمديد مجلس المستشارين القائم عند صدور دستور يوليوز 2011.
تطبيقا للمرحلة الانتقالية المقررة في الفصل 176 من هذا الدستور، وإن كان من الضروري التفعيل الكامل لهذا الدستور بكل فصوله كواجب دستوري، يجب على الجميع من أي موقع كان العمل من أجله. فإنه من الضرر أن يستمر التمديد بالشكل الحالي لمجلس المستشارين القائم حاليا في يوليوز 2013 بعد انقضاء سنتين كاملتين على الموافقة على الدستور الجديد.

7/24/2013

‫شاهد أيضًا‬

بيـــان المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم (ف.د.ش): يرفض الزيادة الهزيلة في الأجور التي اقترحتها الحكومة على المركزيات النقابية، ويشجب بأقصى عبارات الاستنكار الإجهاز الممنهج على مجانية التعليم العمومي من خلال القانون الإطار

  تدارس المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل في اجت…