بيان المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المنعقدة بالرباط بتاريخ 29 شتنبر 2018
إن المجلس الوطني للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، المنعقد بتاريخ 29 شتمبر 2018 بالرباط، وبعد تثمين عرض المكتب السياسي، الذي قدمه الكاتب الأول، الأخ إدريس لشكر، الذي وبعد المساهمات القيمة لعضوات وأعضاء المجلس، التي دعت إلى ضرورة تقديم بدائل فعلية، بعد عملية تشخيص الواقع على الصعيد الوطني، كما تطرقت بدقة وحدة إلى العديد من المشاكل العويصة التي تعانيها كل الأقاليم، على مختلف الأصعدة الإقتصادية والإجتماعية، معبرة عن انشغالها وقلقها تجاه هذه الأوضاع، التي لايمكنها أن تستمر، دون حلول جذرية والقطع مع النموذج والإقتصادي والإجتماعي الذي أدى إلى تفاقمها.
وبعد المناقشة العامة، يؤكد المجلس الوطني على المواقف التالية:
(1) ينوه بالمضامين الواردة في خطاب العرش وخطاب ثورة الملك والشعب، اللذان وقفا على حجم الخصاص والإختلالات، كما قدما جملة من التوجيهات العملية للحكومة، من أجل معالجة مشاكل إقتصادية وإجتماعية.
ويعتبر أن التقارير الصادرة عن هيآت الحكامة وعن مؤسسات رسمية مغربية أخرى، تتفق كلها حول ضرورة المعالجة الجذرية لأوضاع متفاقمة في العديد من المجالات، خاصة في المجال الإجتماعي، وهو ما يستوجب الشروع في تبني سياسات وحلول إستعجالية، لتقديم أجوبة ملموسة على المشاكل المتراكمة، التي تعاني منها فئات واسعة من الجماهير الشعبية، التي طال إنتظارها، ولا سيما فئة الشباب، التي أصبحت تفرز تعبيرات قوية عن فقدان الثقة والأمل.
(2) يستحضر المجلس الوطني الظرفية، التي تمر بها قضية وحدتنا الترابية، مؤكدا أن الإستمرار في لعبة التخفي المفضوحة التي تمارسها الدولة الجزائرية، لن تجدي نفعا، فهي الخصم الرئيسي في هذا الملف المصطنع، وعليها أن تسقط القناع، فالمغرب لا يمكنه أن يحاور طرفاً لا حول له ولا قوة، كما أن المغرب الذي تقدم كثيرا في البحث عن حلول، عبر مقترح الحكم الذاتي، لن يتخلى أبدا عن سيادته على الأقاليم الصحراوية، مهما كان الثمن.
(3) يسجل قلقه تجاه الاختلالات الواقعة في تماسك الاغلبية الحكومية، ويعتبر أن استمرار هذا الوضع يؤثر سلبا على أداء الحكومة، التي ينبغي أن تنكب على أوراش الإصلاح التي من شأنها تحسين مناخ الإستثمار ورفع المعاناة عن الطبقات الهشة والحد من بطالة الشباب، ومعالجة المشاكل المتراكمة في شتى الواجهات، وعليه فإنه يدعو رئيس الحكومة إلى عقد إجتماع للأغلبية من أجل مناقشة وضعيتها والعمل على تجاوز ما يمكن أن يضعفها ويزيغ بها عن الأهداف التي رسمتها.
(4) يعبر عن إنشغاله العميق تجاه الصور المؤلمة التي تتخذها أزمة البطالة في أوساط الشباب، على الخصوص، ويعتبر أَن المجهودات المبذولة لإيجاد الحلول لهذه المعضلة، غير كافية أمام حجم الطلب، بسبب الإلتحاق المتزايد لهذه الفئة العمرية بسوق الشغل، وهو أمر طبيعي، ومحكوم بحتميات ديمغرافية، لم تؤخذ بعين الإعتبار في السنوات الأخيرة، على مستوى السياسات الإقتصادية والاستثمارية وكذا على المستوى الإجتماعي والثقافي. وهو الوضع الذي كان لحزبنا مواقف واقتراحات واضحة تجاهه، غير أنها ووجهت بالتجاهل التام.
(5) إن هذه التراكمات السلبية، سُجِّلت أيضا على مختلف الواجهات الأخرى ذات الحساسية البالغة مثل التعليم والصحة والحماية الإجتماعية والسكن والنقل، الأمر الذي يستدعي القطع مع الخلفية والمنهجية، التي أدت إلى تفاقمها، بنهج سياسة إقتصادية وإجتماعية و ثقافية، تتوخى التوازن بين الطبقات، وتراعي تحسين أوضاع الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وتتخلى عن الإنحياز التام للطبقات الغنية والمصالح الريعية والفئات الطفيلية.
(6) إن المجلس الوطني، وهو يعبر عن هذه المواقف، فإنه يستحضر المرجعية الإشتراكية الديمقراطية لحزبنا التي تسعى إلى تحقيق العدالة الإجتماعية ، ومن هذا المنطلق، يرى أنه من الضروري إحداث تغييرات جذرية في العديد من المجالات، مثل سن نظام ضريبي جديد أكثر إنصافا وتوازنا، و تشجيع الإستثمارات الصغيرة والمتوسطة، بتحفيزات ملموسة وحقيقية، ووضع حد لشجع المضاربين والمحتكرين وللربح اللامشروع والمنافسة غير الشريفة، وغيرها من الإجراءات التي من شأنها إحداث تغيير فعلي في كل ما يتعلق بالمقتضيات الضريبية والمالية والإستثمارات.
(7) يدعو كذلك إلى تبني سياسة إجتماعية، في أفق مناقشة قانون المالية، واتخاذ إجراءات لتحسين الدخل والزيادة في الأجور، والتعويضات العائلية، وإدماج خصم ضريبي لصالح الأسر التي تدرس ابناءها في التعليم الخاص، وترشيد نفقات التسيير وجعل الإستثمارات العمومية دعماً للتشغيل، ومأسسة الحوار الإجتماعي، وغيرها من الإجراءات التي تخفف الضغط على الفئات الفقيرة والمتوسطة وتعمل على الترشيد والحكامة الجيدة، التي تعتبر المدخل الرئيسي لأي إصلاح.
(8) يذكر المجلس الوطني بمواقف الحزب الثابتة في ملف التربية والتعليم والتكوين، باعتبارها قضايا مصيرية لمستقبل البلاد، ولا ينبغي أن تعالج بأي منظور سياسي/إيديولوجي، أو بالتوافقات الشكلية، بل بالإحتكام إلى التطور الذي يعرفه العالم في مجالات العلم والفكر والمعرفة والتطور التكنولوجي، الأمر الذي يتطلب إصلاحات هيكلية عميقة، من أجل مدرسة عمومية وطنية حداثية، تضمن تكافؤ الفرص بين أبناء الشعب، وتوفر العدالة في دراسة اللغات الأجنبية للجميع والجودة في التدريس، بشكل متساوٍ، وتلعب دورا إيجابيا في التنشئة الإجتماعية. وفي هذا الإطار يجدد موقفه بخصوص السهر على تنفيذ إجبارية التعليم الأساسي وجودته.
إن الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية لايمكنه أن يتخلى عن المبادئ التي شكلت مرجعيته السياسية والاجتماعية، وعلى رأسها مجانية التعليم كحق من حقوق الشعب المغربي، والتزام وتعاقد من طرف الدولة مع المجتمع، لا يمكن التراجع عنه.
(9) يدعو إلى التفعيل الديمقراطي والجدي للمبادئ الواردة في الدستور، بخصوص الحكامة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة وتطوير آليات وخدمات المرفق العام، ويؤكد على ضرورة المراجعة الجذرية للمنظومة الإنتخابية، ونهج إصلاحات سياسية عميقة من أجل ضمان تمثيلية حقيقية في كل الهيآت المنتخبة، للقطع مع الأنظمة الزبونية والريعية، التي شوهت العملية الديمقراطية، تارة بطرق الرشوة المباشرة وتارة بالرشوة المغلفة بالإحسان، وهي نماذج لم تنتج سوى ضعف أو غياب الكفاءة والتسيب واللامسؤولية، مما انعكس سلبا على أداء العديد من الهيآت المنتخبة.
(10) يدعو المجلس الوطني كل الإتحاديات والإتحاديين، إلى الإستنفار والتعبئة من أجل الدفاع عن مبادئ الحزب ومواقفه، على مختلف الأصعدة الوطنية والإقليمية، طبقا لبرنامج العمل، الذي يناقش داخل مختلف تنظمياتنا المجالية والقطاعية، ليكون بمثابة خارطة طريق، للعمل من أجل التصدي لكل المشاكل المسجلة في السياسات العمومية الوطنية، والإختلالات المتراكمة في الجهات والأقاليم، في اطار اهتمام أكبر بقضايا القرب والمعاناة اليومية التي يعيشها المواطنون.
ويهيب بكل التنظيمات بأن تنفتح على كل الطاقات الإتحادية، كيفما كان موقعها، لأن الإتحاد بيتنا جميعاً، يعلو فوق المصاعب والإختلافات الظرفية، لذلك ينبغي أَن نكون كلنا في مستوى المرحلة التي تتطلب تجميع كل المجهودات، خدمة لأهداف ومبادئ الحزب ومستقبل الوطن.