(*) مساهمة الاستاذ حسن السوسي في العدد الأخير من مجلة “النهضة”
(***)
تعتبر الظاهرة الحزبية ظاهرة حديثة في تنظيم الحياة السياسية وفرز القوى والنخب التي تضطلع بمهام تدبير الشأن العام، في المجتمعات الديمقراطية الحديثة.
لكن هذه الظاهرة قد عرفت تطورات نوعية في أشكالها بحيث يصعب عقد أي مقارنة بين هذه الأدوار وتلك الأشكال في مختلف مراحل حياتها وعلى جميع مستوياتها.
وإن معاينة وضع الأحزاب السياسية في الوقت الراهن ومقارنة دورها الحالي بالأدوار التي كانت تقوم بها، خلال عقود مضت، يدفع بِنَا إلى تسجيل عدد من الملاحظات الأساسية تعتبر قاعدة عامة لمحاولة تقويمنا الخاص لأوضاعها في المغرب.
الملاحظة الأولى،
لم تعد التنظيمات الحزبية الفاعل الرئيسي داخل الحقل السياسي، سواء على مستوى القاعدة الاجتماعية أو على مستوى قمة هرم السلطة. فقد استطاعت جماعات الضغط المختلفة تبوأ مواقع الصدارة في تحديد توجهات الدول الحديثة، إلى درجة أدى فيها هذا، في كثير من الأحيان، إلى غياب شبه كامل للأحزاب أمام تصدر جماعات الضغط المشهد السياسي، بشكل علني أحيانا وبشكل منهجي خارج الأضواء في أغلب الحالات.
وقد أدى هذا الواقع إلى تحول عدد من الأحزاب السياسية إلى ناطقين باسم المصالح الأساسية لتلك الجماعات، داخل الحقل السياسي ومنفذة لتوجهاتها واستراتيجياتها الأساسية عندما تصل إلى السلطة على أي مستوى من مستوياتها المحلية والجهوية والوطنية.
صحيح أن الأحزاب القوية بقواعدها الاجتماعية الشعبية وقياداتها القادرة على استشراف مستقبل تطور القضايا الأساسية والتأثير في مسار الحياة السياسية، تحتفظ بدورها غير القابل للإنكار في تحديد الاختيارات الكبرى للدول، ولو كان ذلك في خضم مقاومة محاولات جماعات الضغط الهيمنة على كل شيء، على مستوى التوجهات والخطط العملية لكن هذا لا يغير في شيء من حقيقة الدور الوازن لتلك الجماعات في التركيز على قضايا دون غيرها وفق ما تقتضيه مصالحها في كل فترة من فترات تطور المجتمع والسياسات التي تمليها في علاقاتها بمعادلات الداخل كما في علاقاتها المعقدة مع الخارج وموازينها، لكن هذا لا يلغي في شيء هذا المنحى في تطور تأثير بل وهيمنة جماعات الضغط المختلفة في مسارات الأحزاب السياسية واتخاذ القرارات الاستراتيجية التي تهم الدول وأنظمتها السياسية .
هناك أمثلة كثيرة على هذا الواقع يمكن الإشارة من بينها إلى الكيفية التي اتخذ فيها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير قرار المشاركة في الحرب الأمريكية في العراق للإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين، رغم معارضة تيار واسع داخل حزب العمال لهذا الموقف، بل ورغم اعتراض ملايين البريطانيين الذين نزلوا إلى شوارع لندن إعلانا لرفضهم للتدخل العسكري في العراق والانخراط في الحرب الأمريكية على العراق. إن التفسير الوحيد الممكن للموقف البريطاني هو أن مراكز القرار داخل المؤسسات الصناعية والعسكرية ذات المصلحة المباشرة أو غير المباشرة في الحرب، هي التي تم ترجيح كفتها على غيرها من المباديء الحزبية، رغم مزاعم تم الدفاع عنها في حينها ان الحرب ضرورة حتمية من أجل إقامة مجتمع ديمقراطي في العراق على أنقاض الديكتاتورية السياسية والتهديد الذي يمثله العراق بالنسبة للاستقرار والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي بدعوى امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل التي تبين، في وقت لا حق، أن الدعوى ليست غير الذريعة الكاذبة لتبرير شن الحرب على البلاد، بعلم من القيادات السياسية البريطانية والأمريكية التي روجت لمعلومات كاذبة حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، عن عمد وسابق إصرار.
الملاحظة الثانية،
يمكن التوقف عند الكيفية التي تم بها تصنيع إيمانويل ماكرون شخصية سياسية فرنسية وازنة، في السنتين الأخيرتين، وتمكينه من النجاح بسرعة البرق في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على رأس حزب سياسي أنشئ في رمشة عين ولغايات انتخابية، في مواجهة كل الأحزاب الفرنسية التقليدية في المشهد السياسي يمينها ويسارها بل وفي محاولة إضعافها جميعها والاستقطاب التنظيمي والسياسي في أوساط أطرها وقواعدها في آن واحد. ولقد تبين بعد فوز إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية الذي اعتبر مفاجئا للرأي العام وكل المراقبين الذين يقيسون الأمور بالمقاييس الكلاسيكية في هذا المجال، ان هناك تحولا كبيرا قد وقع وان تدبير الأمور السياسية لم يعد ربما يسير وفق ما هو معتاد عليه، حيث يكون الحزب السياسي الجماهيري القوي أو المتحالف مع غيره من التنظيمات السياسية، في إطار جبهة موحدة، العامل الرئيس في تحقيق الفوز الانتخابي. ذلك ان ماكرون لم يكن زعيم حزب سياسي بعينه ولَم يسبق له أن كان وجها أساسيا من وجوه السياسة الفرنسية رغم مروره القصير داخل التشكيلة الحكومية للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.
ويعود الفضل في توجيه مساره إلى علاقاته الوطيدة مع المؤسسات المالية ذات التأثير الأهم في تحديد مسارات الدول وهي التي دفعته، على ما يبدو، قبل المراهنة عليه، بشكل نهائي، إلى المرور بتجربة الحكم ليكون له الإلمام الكافي بفن تدبير الأمور على مستوى الشأن العام وفِي مجال الاقتصاد والمال بوجه خاص.
لقد أدركت القوى المالية والاقتصادية التي وراء الدفع بماكرون إلى الواجهة، أن واقع الأحزاب السياسية الفرنسية عرف تحولات كبيرة خلال العقدين الأخيرين وأن إمكانية وصول اليمين المتطرف، ممثلا في الجبهة الوطنية، أو ما يعتبر يسارا متطرفا، إلى السلطة يشكل خطرا كبيرا على الديمقراطية منظورا إليها من زاوية مصالحها، وبالتالي كان لا بد من التحرك استباقا لمثل هذا التطور ومنعا من حدوثه، فكان أان اتخذ قرار تشكيل قوة سياسية تستطيع أن تتحول الى قطب جذب على يمين المشهد السياسي الحزبي كما على يساره أي على حساب أحزاب اليمين واليسار معا. وهذا ما قام به حزب ماكرون بالذات خلال الانتخابات الرئاسية كما في الانتخابات التشريعية.
الملاحظة الثالثة،
وهي الملاحظة الأخيرة في هذا السياق التأطيري تتعلق بالتحول السياسي الكبير الذي حدث في الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال انتخاب دونالد ترامب وهو شخصية لم تكن تحظى بأي وزن في الحياة السياسية الأمريكية، ذلك أن مصدر قوة الرجل هو نفوذه الاقتصادي والمالي. وقد استطاع المرور من جميع الاختبارات السياسية، بدءا بالانتخابات التمهيدية داخل الحزب الجمهوري وهو الحزب الذي ناهضت شخصيات وازنة داخله ترشيحه أصلا وعملت كل ما في وسعها لإفشاله دون جدوى. ورغم عدم تأييده من قبل أوساط كثيرة داخل الحزب الجمهوري بعد نجاحه في الانتخابات التمهيدية وتكريسه مرشحا رسميا للحزب في مواجهة مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون التي كانت استطلاعات الرأي تمنحها حظوظا أوفر بالفوز في الانتخابات، استطاع ترامب تحقيق المفاجأة الكبرى التي أدت إلى حدوث الانزياح في الحقل السياسي التقليدي الأمريكي وعدم خضوعه قواعده الكلاسيكية في مجال اختيار المرشحين أو الفائزين في الاستحقاقات الكبرى. قد يقال إن الجهات التي تتحكم، على الدوام في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، هي المجمعات الصناعية العسكرية، وبالتالي، فليس هناك جديد، من حيث الجوهر، على هذا المستوى، غير أن إمعان النظر في تجربة انتخاب ترامب يؤكد أن تحولا كبيرا قد وقع وهذا ربما هو الذي أعطى لفرضية التدخل الروسي في التأثير على مجرى الانتخابات الرئاسية ما قد يبررها لدى بعض أوساط الرأي العام الأمريكي التي لم تكن مستعدة للتعامل مع الحدث بما هو تحول داخلي بالأساس وليس وليد أي تدخل خارجي.
ولعلها مفارقة كبيرة أن نرى الدولة الأعظم في العالم وأحد أحزابها العريقة مثل الحزب الديمقراطي يعتمد في تفسير هذه الظاهرة بالمؤامرة والتدخل الخارجي، تماما كما تفعل بعض الدول التي لا ترى في كل تحولات أوضاعها الداخلية غير أيادي مؤامرات من هنا أو هناك.
انطلاقا من هذه الملاحظات ذات الطابع العام والتي هي نتيجة استقراء عام لكيفية التفاعل بين الأحزاب السياسية الحديثة مع جماعات الضغط وتأثير هذه الأخيرة المتزايد في صنع القرار السياسي الاستراتيجي، ماذا يمكن تسجيله بخصوص الأحزاب السياسية المغربية من ملاحظات وما هي أهم التساؤلات التي يطرحها المشهد الحزبي في ضوء فكرة التعددية السياسية من جهة ومسألة التحديث السياسي من جهة أخرى؟
يمكن مقاربة الظاهرة الحزبية بالمغرب من عدة زوايا، لكل منها ما يبررها، على مستوى التنظيم وآليات الاشتغال وطبيعة البرامج وتطورها التاريخي عبر الحقب التي مرت بها البلاد منذ بروز الأنوية الأولى للعمل الحزبي فيها تحت الحماية وفِي مواجهة سلطاتها.
لكنني اخترت، في هذه المحاولة، مقاربة الظاهرة من زاوية العلاقة بينها وبين بناء المجتمع الحديث ومؤسساته في بلادنا. وليس مرد ذلك إلى كون هذا الهدف هو شعار المرحلة الراهنة بالنسبة لعدد كبير من الأحزاب السياسية فحسب، بل لأن الظاهرة الحزبية بالمغرب، على ما يبدو لي في فرضية المقاربة الأساسية، محكومة، إلى حد كبير، بتحديات بناء المجتمع الديمقراطي الحديث بمختلف مؤسساته الدستورية والاجتماعية والثقافية، منذ تأسيس التنظيمات الأساسية التي ستتحول بعد ذلك إلى أحزاب، سواء تم الوعي بذلك أم لا. لذلك لا يمكن فهم معضلات البناء الحزبي المغربي خارج هذه الإشكالية العامة وما ولدته من تعقيدات على الممارسة السياسية داخل مجتمع تقليدي كان في أوج مواجهة نتائج ضعفه الشديد في مواجهة القوى الاستعمارية المسلحة بمفاهيم الحداثة على المستوى الفكري السياسي وبالقوة العسكرية الغاشمة حتى عندما تم تقديمها على أنها مجرد نظام الحماية لتأهيل البلاد لمواجهة تحديات التنمية السياسية والتحديث وبناء مجتمع جديد على قاعدة قيم الحداثة السياسية والاقتصادية.
وفي الواقع، فإن أحزاب الحركة الوطنية التقدمية واليسارية لم تخف، قط، رغبتها في تحديث المجتمع المغربي ودمقرطته إلى جانب دمقرطة مختلف مؤسسات الدولة أسوة بالدول الديمقراطية الحديثة. وهو موقف يتأسس على تصور محدد، بهذا القدر أو ذاك، على الجواب الذي قدمته على سؤال: لماذا نحن على هذا الوضع من التخلف والتأخر السياسي مقارنة بدول الغرب الأوروبي؟ وكيف يمكن تجاوز هذا الواقع في المستقبل وما هي المداخل الأساسية نحو هذا الأفق الممكن؟ غير أن بنية هذه الأحزاب وطرق اشتغالها ظلت في الأغلب الأعم أسيرة شرطها الاجتماعي السياسي وبيئة المجتمع الثقافية ذات المنحى التقليدي المحافظ. وليس هناك مجال للشك في ان تأثير هذا العامل ليس على مستوى واحد وبالنسب إياها بالنسبة لكل الأحزاب السياسية المغربية غير أنها جميعها لم تتحرر من مؤثرات هذا الواقع.
لقد حاول بعضها التخلص نهائيا من هذه البيئة بتبني أفكار وتصورات ماركسية أو ماركسية لينينية حديثة، لكنها وجدت نفسها معزولة، تماما، عن الواقع الذي عليها التأثير فيه إيجابا، فظلت تنظيمات هامشية على المستوى الجماهيري حتى في الوقت الذي يمكن الاعتراف فيه ان بعضا من مطالبها السياسية وبرامجها الجزئية قد حاول معانقة جوهر تطلعات الشعب المغربي في الحرية والكرامة والعيش الكريم، لكن مقاومات الواقع الشعبي أقوى بكثير من إرادة التحديث التي حركت جل تلك التنظيمات.
ولقد اعتمد بعضها الآخر مقاربة تروم عدم الاصطدام بمقومات الثقافة السياسية السائدة غير ذات الارتباط العضوي بالحداثة وفلسفتها، في مختلف المجالات، فاعتمدت خطا فكريا سياسيا حاول القيام بقراءة تحديثية لتلك الثقافة، دون أن تؤدي هذه القراءة إلى تأويل ينجز القطيعة الضرورية مع أهم مرتكزات الثقافة التقليدية بغاية التحرر من وطأتها، الأمر الذي حد من تأثير هذه المقاربة، في أحسن الأحوال، أو الاصطفاف الضمني أو الصريح مع تلك الثقافة والدوران في فلك تصوراتها باسم الأصالة أو باسم عدم التفريط في قيم مثلى منتزعة من سياقها التاريخي، في أسوإ الأحوال. وهو ما ساهم في إحداث عمليات فرز مستمر داخل الحقل السياسي المغربي وفسر عمليات الانتقال من موقع داخل معادلاته في فترة من الفترات إلى موقع آخر قد لا يكون بينه وبين قواعد الانطلاق أي علاقة تذكر. وبدل محاولة القيام بقراءة موضوعية لهذه التحولات، التي قد تبدو فجائية وليس لها ما ييررها، يتم النظر إليها باعتبارها مجرد خيانات متتالية للمشروع الأصلي والاصطفاف إلى جانب قوى التخلف والتأخر بمختلف أشكالها. وهو ما لم يساهم في إنجاز قراءة موضوعية شاملة لطبيعة التحولات التي عرفتها الظاهرة الحزبية واستسهال تحميل المسؤولية في كل انتكاساتها للنظام السياسي وتدخلاته في مسار العمل الحزبي تارة، ولانحراف القيادات أو خمول القواعد الحزبية تارة أخرى. وليس خافيا أن حصر تقييم الواقع الحزبي على هذين لمستويين بعيد من أن يكون المدخل الصحيح لإعادة النظر في طبيعة التحولات التي عرفها العمل الحزبي في بلادنا.
والملاحظ ان عددا من التيارات التي تحركت عند الانطلاق على أساس رفض الفكر التقليدي ومحاولة بناء بديل جذري على أساس مفردات الحداثة والاشتراكية والماركسية إلى غير ذلك من العناوين، لم تنج من هذا المصير، حيث تحولت باسم التكتيك السياسي إلى مجرد رديف لقوى ليس لها أي علاقة بالفكر السياسي الحداثي حتى ولو نادت بالانتخابات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية عندما ترى نفسها مضطرة إلى ذلك.
وهنا لا بد من تأكيد حدوث تحول جوهري داخل الحقل السياسي مفاده تراجع كبير في تأثير العمل السياسي المنظم في مجرى الأحداث، لفائدة تأثير فاعلين جدد، كان يمكن أن لا يكون لهم هذا الدور الوازن في توجيه الممارسة، في عدد من القطاعات الهامة، ونعني بذلك ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني ومختلف اللوبيات التي تستمد قوتها من عدة مصادر أهمها ضعف التأطير السياسي الحزبي الناجم عن سنوات من تبخيس العمل السياسي وإشاعة عدم الثقة في المؤسسات الحزبية انطلاقا من سلبيات ملموسة في ممارستها خاصة من مواقع المسؤولية المحلية أو الجهوية أو الوطنية أي داخل المؤسسات المنتخبة أو داخل الأجهزة التنفيذية، بما في ذلك المؤسسة الحكومية حيث كان لجل الأحزاب السياسية تجربتها الخاصة في هذا المجال بعد الحدث التاريخي الذي مثله تشكيل حكومة التناوب برئاسة الاستاذ عبد الرحمن اليوسفي الكاتب الأول الأسبق للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عام 1998.
وبطبيعة الحال، فإن المواجهة بين أحزاب الحركة الوطنية مع مجمل النظام السياسي خلال العقود الأربعة التي تلت حصول المغرب على استقلاله السياسي، بما عرفته من قمع وتجاوزات، تركت أثرها العميق على أداء تلك الأحزاب تمثل في ضعفها وتراجع دورها كقوى اقتراحية على مستوى بلورة البرنامج التنموي البديل وتحديد أسس المشروع الاجتماعي الحديث الذي ظل مطلبا يتردد بمناسبة انعقاد هذا المؤتمر الوطني أو ذاك دون أن يجد طريقه إلى التنفيذ، خاصة أن نوعا من الانتظارية هي سيدة الموقف، في الأوساط الحزبية، وكأنها سلمت، أخيرا، بمحدودية دورها في بلورة النموذج المنشود والتعويل على مبادرات الملكية في هذا المجال. وقد أصبح هذا التوجه جليا بعد استلام الملك محمد السادس زمام الحكم في البلاد بعد وفاة الملك الحسن الثاني عام 1999.
وقد شجع على هذا المنحى ما أقدم عليه الملك من مبادرات توجيهية وسياسية في مجالات ممارسة الحكم وتبني المشروع الحداثي الديمقراطي والقيام بإصلاحات هامة كإصلاح مدونة الأسرة على سبيل المثال وليس الحصر.
إن تركيز اهتمام جل الأحزاب السياسية على المبادرات من فوق قمة الهرم السياسي لم يرافقه، في الأغلب الأعم، الاجتهاد الضروري في مجال اقتراح التصورات التي يمكن ان تشكل الأساس المكين لتلك المبادرات وانخراطها في بيئة قابلة لتطوير المشروع الحداثي المغربي. بل إن الأحزاب السياسية المغربية قد وجدت نفسها خلال السنوات الأخيرة تعيش مفارقات صارخة بين خطاب تحديثي وبين ممارسات قد تتنافى أحيانا كثيرة مع مقتضيات الحداثة السياسية نظرا للخلل الكبير في ميزان القوة بين التيارات الوطنية التحديثية والتقدمية وبين التيارات المحافظة، بما في ذلك منها المناهضة فكرا وممارسة للتحديث والمتشبثة بالتقليد الفكري والسياسي.
من بين هذه المفارقات المثيرة كيفية التعاطي مع المناخ الجماهيري السياسي الناجم عن حركة عشرين فبراير عام 2011. ذلك أن معطيات هذه الحركة الخاصة وسياقها المحلي والإقليمي كان ممكنا أن يدفع باتجاه استثمارها من قبل قوى التقدم إلى أقصى الحدود الممكنة، على غرار ما قامت به الدولة مباشرة بطرح مشروع دستور جديد لم تكن مختلف القوى التحديثية تنتظر طرحه وبالطريقة التي تم طرحه بها وهو دستور ليس هناك مجال خلاف حول كونه نقلة نوعية في مضامينه في مجال تكريس السعي إلى بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي المنشود. غير أن الواقع التنظيمي والسياسي العام، لتلك القوى، لم يكن في مستوى الأحداث لأسباب عديدة، ليس هنا مجال الوقوف عندها. هكذا عاين الجميع استفادة فصيل أساسي من الإسلام السياسي المغربي من هذه البيئة فتمكن من الحصول على موقع الحزب الأول في الانتخابات التشريعية الأولى، بعد إقرار الدستور الجديد كما حافظ على الموقع في الانتخابات التشريعية الأخيرة الأمر الذي مكن حزب العدالة والتنمية من قيادة العمل الحكومي لولايتين متتاليتين.
ويمكن تسجيل هنا كيف كانت حكومة التناوب بقيادة عبد الرحمن اليوسفي قد كرست بشكل رسمي التطبيع مع الأحزاب التي كانت الحركة الوطنية تتعامل معها باعتبارها أحزابا إدارية، مثل التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، وهي خطوة تم النظر إليها في حينها باعتبارها لحظة لا غنى عنها في سبيل تطبيع الممارسة السياسية بين مختلف مكونات الحقل السياسي الحزبي المنخرطة بهذا القدر أو ذاك في مسلسل الانتقال الديمقراطي وكيف ان عدم التجديد لليوسفي عام 2002 رغم حصول الحزب الذي يقوده على المرتبة الأولى في الانتخابات وتكليف إدريس جطو وزير الداخلية في حكومنه بتشكيل الحكومة طرح أسئلة عديدة حول مستقبل التجربة الديمقراطية المغربية غير أن مختلف القوى اعتبرت أن الملك محمد السادس يشكل ضمانة لاستمرارية التجربة الديمقراطية، وبالتالي، فلم تَر مانعا في الانخراط في حكومة جطو رغم الاختلافات في وجهات النظر التي رافقت هذه المشاركة.
غير أن ما حدث بعد دستور 2011 يندرج في سياق مخالف تماما بحيث أصبح زمام المبادرة في تدبير العمل الحكومي بين يدي حزب سياسي كان أبعد ما يكون عن الانخراط في المسلسل التحديثي، كما دافعت عنه القوى الوطنية المغربية، بل وكما دافعت عن ذلك الدولة بقيادة الملك محمد السادس. وهذا ما يمكن اعتباره نكوصا فعليا في المسار الديمقراطي المغربي رغم قوة الكبح التي كانت للدولة في لجم طموح تيارات داخل الحزب الإسلامي إلى تكريس تأويل محافظ للمشروع الحداثي المغربي باسم الدفاع عن القيم المثلى للشعب المغربي أو ما شابه ولا يبدو أن هذه المعركة قبل بلغت مداها الأخير.
ولا يغير من هذا في شيء الشعارات التي جعلها الحزب في مقدمة ممارسته مثل محاربة الفساد ومناهضة الاستبداد أو التحكم كما تم التركيز على ذلك خلال ولاية عبد الاله بنكيران وفِي نهايتها، ذلك ان هذه الشعارات ليست حكرا على تيارات الإسلام السياسي بل هي في صلب المشروع الحداثي الديمقراطي الذي تم الدفاع عنه من قبل الأحزاب السياسية الوطنية المغربية.
إن الاستقطاب الحاد الذي شهدته المرحلة الأخيرة من حكومة بنكيران بين العدالة والتنمية وبين مجمل القوى السياسية الأخرى دال، في عمقه، على الاختلاف الجوهري بين الحمولة التي يرغب فيها كل طرف أن تكون للمشروع السياسي لمغرب المستقبل رغم نوع من التثبيث المرضي حول الاختلاف على الحقائب الوزارية ومن يحق له أو لا يحق له الانخراط في التجربة الحكومية.
المسألة الحزبية والتعددية السياسية
ليس هناك تماثل بين التعددية السياسية والتعددية الحزبية على جميع المستويات. فقد تكون هناك تعددية حزبية صريحة وواضحة داخل مجتمع من المجتمعات تعكس تعددا في مكونات المجتمع الثقافية والعشائرية وغيرها من الانتماءات كما قد تعكس مواقع القوى والجماعات على المستويات الاجتماعية والاقتصادية، غير أنها لا تتجاوز ذلك لترقى إلى مستوى التعددية السياسية التي توحي بها وتؤشر عليها على وجه العموم. إن رسم حدود لهذه التعددية على المستوى السياسي يعكس إلى حد كبير طبيعة القوى السائدة وأفق تعايشها مع الاتجاهات المختلفة على مستوى اتخاذ القرارات الكبرى على المستويات السياسية والاستراتيجية السيادية حيث تظل هناك مجالات من احتكارها الحصري، لأسباب عديدة تتراوح بين ما هو تاريخي مرتبط بطبيعة تطور الحياة السياسية والنسق السياسي السائد وطبيعة المشروعية التي تستند إليها هذه القوة أو تلك، وبين ما هو من صميم موازين القوى القائمة بين أهم مكونات المشهد السياسي، حيث تكون كفة قوة بعينها هي الراجحة وحيث يعود لهذا العامل دور المحدد الرئيسي لمجالات تحرك القوى الأخرى ومستواه ومحظوراته الضمنية أو الصريحة. وبطبيعة الحال، فإن هذا النوع من التموقع، وإن كان ممكنا أن يغطي مرحلة تاريخية طويلة نسبيا، فإنه ليس أبديا، بل يظل في جوهره مؤقتا ومرتبطا بمدى قدرة القوى السائدة على الحفاظ على هيمنتها المطلقة على مجمل القوى وعدم قدرة هذه الأخيرة على تحسين مواقعها والانتقال من التحرك ضمن الدوائر التي تحددها القوى السائدة إلى موقع أخذ زمام المبادرة والتحول إلى قوى سائدة في ظروف جديدة.
أما التعددية السياسية فتتأسس على عوامل أعمق بكثير من التعددية الحزبية ويمكن أن تطال مجمل ساحات الفعل داخل المجتمع وعلى مستوى السلطة السياسية والبعد الفكري الثقافي على حد سواء. وهذا يعني ان التعددية الحزبية قد لا تكون سوى مؤشر بسيط على وجود التعددية السياسية وترجمة لها على مستوى الممارسة اليومية.
اذا أردنا مقاربة التعددية من وجهة نظر الديمقراطية والحداثة السياسية يمكن القول: إن التعددية الحزبية قد تكون انعكاسا للتصور الديمقراطي للممارسة السياسية وممارسة الحكم في بعض الأحيان، وليس في جميعها، بينما التعددية السياسية هي الترجمة الفعلية للانتماء إلى تيارات الحداثة والديمقراطية في تنظيم شؤون الدولة والمجتمع.
إن الهدف من إثارة الموضوع من هذه الزاوية هو التأكيد على أن هناك بلدان لا تربط قواها السائدة أدنى العلاقات مع قيم الديمقراطية السياسية غير أنها قد تفتح المجال لنوع من التعددية الحزبية شريطة أن تظل القوى التي تحظى بحق العمل الحزبي ضمن السقوف التي تحددها القوى السائدة والتي غالبا ما تكون مسلحة بترسانة من القوانين تحد من طموح تلك القوى للعب دور البديل عن الحكم القائم، جملة وتفصيلا، أو على مستوى كل ما هو جوهري في مجالات التأسيس وتحديد الهيكلة العامة للنسق السياسي. وإذا كان بدهيا محاولة القوى السائدة الحفاظ على تفوقها وهيمنتها، في كل معادلات البناء والتدبير، فإن ما يطرح أكثر من تساؤل هو السلوك الخاص ببعض القوى التي تتصرف بنوع من استبطان هذه العلاقة اللامتكافئة والتعامل معها كما لو كانت قدرا لا مفر من الامتثال لمفاعيله.
صحيح ان بعض القوى تنطلق من نظرة واقعية إلى موازين القوة المتحكمة في مسارات الممارسات في حقبة تاريخية معينة انطلاقا من تقديرها للدور الإيجابي الذي تقوم به القوى السائدة في تطوير المجتمع وتحديث بنياته الأساسية، ولو بنوع من التدخل غير المؤطر بقيم الديمقراطية السياسية التي يتم وضعها في واجهة البرامج السياسية لمجمل القوى، غير أنه صحيح أيضا ان عدم التصرف على المستوى الحزبي بمنطق لعب دور البديل الممكن للقوى السائدة يؤدي، في نهاية المطاف، إلى تبرير كل واقع، بغض النظر عن الطرق التي تشكل بها أي خارج كل تفكير في بلورة البدائل الذي يمكن اعتباره الأساس المكين لكل عمل حزبي ناجع، على مستواه الخاص، كما على مستوى ممارسة الضغط الضروري على القوى السائدة ودفعها إلى إعادة النظر المتواصلة في مشاريعها في ضوء المشاريع التي تضعها القوى الحزبية بهدف البحث عن أرضية مشتركة للممارسة السياسية تضمن تقدمها إلى الأمام. بمعنى العمل على لعب دور الشريك الكامل في تدبير الشأن العام ضمن مفردات صريحة ومعادلات تنحو باتجاه نوع من الإنصاف الضروري لاستمرارها واتساع مجالاتها باستمرار مع تنامي الثقة بين فرقاء الحياة السياسية والتقارب الممكن في تصوراتها ومقارباتها للقضايا الوطنية الكبرى في مختلف المجالات.
إشكالية الحزب الحديث في التجربة المغربية
عندما تأسست التنظيمات الحزبية في مغرب عهد الحماية ارتبطت بآمال عريضة، في تشكيل قوة اعتراض لسياسات الحماية ومحاولة بلورة بدائل عنها تحضيرا لما بعدها. ولعل هذا ما يمكن فهمه أساسا من تأسيس حزب الاستقلال المغربي في أربعينيات القرن الماضي على سبيل المثال، ذلك أن اسم الحزب، في حد ذاته، قد أعطى عنوانا لتصور مؤسسي الحزب لدوره وطبيعة علاقته مع سلطات الحماية، كما حمل معه صورة هلامية عامة لمغرب الاستقلال. فلم يعد الأمر مسألة العمل على تحقيق عدد من المطالب ذات الأبعاد الاجتماعية أو السياسية المستعجلة أو أقل استعجالا، في سياق التعايش مع نظام الحماية ومطالبتها بعدم تجاوز الوثيقة التي دشنتها وعدم تحولها الى استعمار صريح وواضح كما يمكن استشفاف ذلك من الأشكال التنظيمية التي اتخذها العمل الوطني بعد عام 1930 ،وإنما يتعلق بالعمل على وضع حد للحماية وتمكين المغرب من استقلاله الناجز وتمكين بنيه من تحمل مسؤولية قيادته في مختلف المجالات بعيدا عن الحجر والوصاية الاستعمارية.
ولعل هذا التميز في تصور الحزب ليس واضح المعالم لدى الأحزاب الأخرى بما فيه الكفاية لأسباب تتعلق بظروف النشأة وطبيعة الايديولوجية المعتمدة لدى بعض تيارات العمل الوطني المغربي انطلاقا من تحالفاتها القائمة على تصوراتها للنضال السياسي في مرحلة بعينها كما هو حال الحزب الشيوعي في المغرب من جهة، قبل تحوله إلى الحزب الشيوعي المغربي بقيادة وطنية مستقلة مبدئيا وتنظيميا عن الحزب الشيوعي الفرنسي الذي لعب دورا محوريا في تأسيس الحزب فرعا له في المغرب. وكما هو حال حزب الشورى والاستقلال وإن على مستوى فلسفي ونظري متميز من جهة أخرى. هذا بخصوص منطقة الحماية الفرنسية أما منطقة الحماية الاسبانية أو الخليفية شمال المغرب فإنها قد عرفت أشكالا تنظيمية ضمن ما كانت تسمح به ظروف الاستعمار قبل العمل على توحيد التنظيمات السياسية.
ان التشكيلات الحزبية الأولى التي عرفت النور في عهد الحماية والتي يمكن اعتبارها قاعدة ما كان يسمى الحركة الوطنية المغربية هي التي ستترك آثارها البارزة على مجمل الأحزاب السياسية المتفرعة عنها نتيجة انشقاقات تنظيمية متتالية في صفوفها كما على مجمل الأحزاب التي نشأت خارج منطق تلك الحركة وربما من أجل منافستها او محاولة إزاحتها عن تصدر المشهد السياسي المغربي خاصة انها كانت تُمارس من مواقع المعارضة السياسية بصورة منهجية الأمر الذي دفع الدولة الى محاولة إنشاء كيانات سياسية تدافع عن الخط السياسي الرسمي وهو ما اصطلح عليه الأحزاب الإدارية في حينه كما أسلفنا.
والملاحظ ان تأثر هذه الأخيرة بأحزاب الحركة الوطنية والمنحدرة منها، لا يتوقف على كونها في برامجها تحاول محاكاتها والنسج على منوالها من حيث الشعارات الرئيسيّة فحسب، ذلك أن هذا البعد يبدو من طبيعة الأشياء، متى أرادت أن يكون لها مكان تحت شمس المشهد السياسي العام الذي كان مناوئا لخلق كيانات جديدة خاصة إذا لم تأت من قلب الحركة الجماهيرية، بل إن من بين تلك الأحزاب من حاولت صياغة بدائل عن أحزاب الحركة الوطنية التي لقيت منها أسوأ النعوت بما في ذلك عدم حرصها على خدمة المصالح الوطنية العليا للشعب المغربي والاستعداد لخدمة أجندات لا علاقة لها بمتطلبات واقع الدفاع عن الوحدة الترابية للشعب المغربي والدفاع عن المسلسل الديمقراطي الذي انطلق مع تدشين معارك استعادة الأقاليم الجنوبية وما يقتضيه ذلك من الحفاظ على السلم الاجتماعي. وليس رد فعل السلطة السياسية العنيف على مختلف تحركات المركزية النقابية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل حديثة النشأة منتصف السبعينات وخاصة خلال إضراب النقابة الوطنية للتعليم والإضراب العام في يونيو 1981 غير مثالين دالين على طبيعة الاحتقان السائد داخل الساحة السياسية المغربية وخاصة بين أحزاب الحركة الوطنية الديمقراطية وبين السلطة السياسية، وهو مناخ استفادت منه تلك الأحزاب الجديدة التي حاولت لعب دور البديل اعتمادا على الدعم القوي الذي حظيت به ماديا ومعنيا من الأجهزة الإدارية المختلفة. غير أنها ظلت محدودة التأثير الجماهيري حيث لم ينقذها الدعم الحكومي من هامشيتها وضعف تأثيرها. لذلك ظلت مرتهنة بإرادة الإدارة في تحديد أدوارها، نفوذا أو تراجعا، خلال الاستحقاقات الانتخابية التي عرفتها البلاد في زمن صنع الخرائط السياسية وفق مشيئة الإدارة عن طريق تزوير الانتخابات بشكل منهجي.
وهذا الواقع هو الذي يفسر إلى حد بعيد حصول هذا الحزب السياسي أو ذاك على الأغلبية في الانتخابات التشريعية أو المحلية ثم تدحرجه، بعد ذلك، إلى مجرد حزب ثانوي في الانتخابات اللاحقة، كما يفسر الانشقاقات التي عرفتها تلك الأحزاب على إيقاع وتيرة الانتخابات الدورية التي عرفتها البلاد.
هناك، بطبيعة الحال، أحزاب استطاعت أن تشق لها طريقا متميزا، على هذا المستوى أو ذاك، عن ظروف النشأة، وإن ظلت في مواقع أقرب إلى مواقع السلطة السياسية حتى في الوقت الذي تحاول فيه لعب دور المعارضة السياسية، وقد أهلها هذا التميز ليتم النظر إليها باعتبارها قوة سياسية تستند إلى فئات اجتماعية محددة سواء ضمن أطر الوظيفة العمومية أو عدد من المؤسسات الخاصة أو شبه العمومية وعلى هذا الأساس يتم التعامل معها بعيدا عن شروط النشأة قبل حكومة التناوب مثل التجمع الوطني للأحرار الذي يبدو انه يحاول تحسين أوضاعه الجماهيرية في المدة الأخيرة.
ولعل الأمر الأكثر إثارة، في مسألة الأحزاب السياسية المغربية، تراجع تأثير الأحزاب الوطنية الديمقراطية التقليدية في مجمل الأوضاع السياسية المغربية رغم التفاؤل الكبير الذي رافق تأسيس الكتلة الديمقراطية مطلع تسعينيات القرن الماضي خاصة بعد تجربة حكومة التناوب وما تلاها من ممارساتها على المستوى الحكومي كما على مستوى المعارضة.
فهل وعي هذا الواقع واستخلاص العبر من التحولات التي عرفتها الحياة السياسية وطبيعة تفاعل مختلف مكونات المجتمع والسلطة قد بلغ مستوى الدفع بهذه القوى الأساسية إلى إعادة النظر في طرق اشتغالها لتواكب تطورات الواقع أم أنها ستساهم من حيث لا تدري في الدفع بنبوءات خصومها إلى التلاشي والموت؟
يبدو ان هذا من بين الأسئلة التي تلح على الحصول على جواب عملي عليها وليس الجواب المبدئي والنظري على أهميته.
(*) مساهمة الاستاذ حسن السوسي في العدد الأخير من مجلة “النهضة”