افتتاحية

كتلة اليقظة الوطنية

الاتحاد الاشتراكي

دفعت التطورات السياسية التي تعيشها بلادنا، والآفاق المفتوحة على كل الاحتمالات، حزبين وطنيين كبيرين، هما الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الى إعلان العمل المشترك وفق أجندة وطنية، جماهيرية منظمة ، من أولوياتها تفعيل الدستور الذي وافق عليه أغلبية المغاربة، وتحصين مكتسبات الشعب المغربي، في التعددية وحقوق الانسان والحكامة الجيدة، وتمنيع الاقتصاد الوطني وحماية المواطنين.
ولا يمكن فهم الدينامية الحالية، لمنظمتين سياسيتين، تنحدران من الحركة الوطنية، إلا إذا وضعناها ضمن الدينامية التي عرفها التاريخ المغربي الحديث.
إذا كان صحيحا أن التطورات الحالية في الحقل الوطني، بالمستجدات التي اطلع ويطلع عليها الرأي العام، قد كانت سببا مباشرا في بلورة هذه الإرادة، فإنه من المحقق، لا يمكن فهم هذه الدينامية إلا إذا وضعت في إطار التاريخ الحيوي المشترك بين المكونين الوطنيين.
وبلغة أوضح، لقد كان التاريخ حاضرا دوما لكي يحكم، مرحلة تلو أخرى، على جدية وضرورة ونجاعة العمل المشترك بين الحزبين، في تطوير الممارسة السياسية لبلادنا. والمرحلة الحالية تنتظر حكم التاريخ، لكنها تستند الى تجربة طويلة في العمل المنتج، وتشكل الفصل الثالث من مسيرة تاريخية مطبوعة بالدفاع عن الوطنية وعن الديموقراطية.
في عز السبعينيات من القرن الماضي، وفي مثل هذا الشهر من سنة 1970، أعلن المرحومان علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد عن ميلاد الكتلة الوطنية. وذلك لكي لا تواجه المنظمات الوطنية التزاماتها، السياسية والاجتماعية والسيادية، متفرقة.
وكان من مستلزمات المرحلة بعث اليقظة الوطنية، بشكل قوي ومتضامن ، في سياق التزامات جديدة صعبة وحاسمة. تتمثل في مواجهة «تدهور عام في الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تتفاحش أخطاره باستمرار، وتشتد وطأته على سواد الشعب، يوما بعد يوم، انعدام الضمان الديموقراطي الذي لايمكن بدونه أن يتحقق حكم سليم متجاوب مع الجماهير، ذو فعالية في معركة البناء الوطني، تآمر الرجعية المحلية مع الاستعمار الجديد ضد الجماهير الشعبية ومنظماتها الوطنية في البلاد. ومحاولة استئصال كل القيم التي ناضل الوطنيون من أجلها»، كما نص على ذلك ميثاق الكتلة الأولى. وقد ظلت الثقة في « القوى الحية في البلاد (العمال والفلاحين والمثقفين والطلبة والموظفين والتجار والصناع) وضرورة توحيد كل القوى الوطنية الواعية»، ثابتا بنيويا في التفكير والعمل المشترك للحزبين، عندما دخلت البلاد منعطفا جديدا، في بداية التسعينيات من القرن الماضي.
وكانت البلاد في 1970، سنة الإعلان عن الكتلة الوطنية ، على وشك فترة جد حرجة، حيث أن ميلاد الاطار الوطني جاء قبيل محاولتين انقلابيتين، عصفتا بالبلاد وكشفتا العزلة التي كانت تعيشها الطبقة الحاكمة وقتها، بالاضافة الى تفكك مرجعيتها وتناحراتها على مستوٍى القمة، وكادت بالتالي أن تعصف بالوطن. ولقد قدم الحزبان، وقتها، قراءة وطنية مخلصة لأوضاع البلاد، استقبلت بغير قليل من الاستهواء، وكانت النتيجة عقدان من الجمود السياسي وسنوات الرصاص ، وتفاقم الاوضاع الاقتصادية والسياسية.
وقد استطاعت القوى الوطنية المخلصة أن تخرج من هذه المحنة بتجديد التعاقد بين القوى الوطنية والملكية، الذي تأسس بتقديم وثيقة الاستقلال ، وفي ثورة الملك والشعب، بالدفاع عن وحدة المغرب الترابية. فكانت الوطنية الحقة سندا للمجهودات الصادقة في إطلاق مسلسل دمقرطة البلاد وتحكيم السيادة الشعبية.
إلا أن تعثرات المرحلة وسيادة منطق الاقصاء والتبخيس الممنهج في حق القوى الوطنية ،ومحاولة خلق بدائل «مرتجلة» تاريخيا وسياسيا لها، أدت الى ما أدت إليه، وكان لزاما على القوى الوطنية، من باب الوفاء لرسالتها في تقوية المناعة الوطنية والمؤسساتية للبلاد، أن تلتئم من جديد في كتلة واسعة من الطيف الوطني لتقديم مقترحات للخروج بالبلاد من النفق الذي قادتها إليه سياسات التحكم.

7/20/2013

‫شاهد أيضًا‬

حضور الخيل وفرسان التبوريدة في غناء فن العيطة المغربية * أحمد فردوس

حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها…