ليس هناك ما يدعو إلى التساؤل عن مدى أحقية المغرب في التفاؤل من قرار الاتحاد الإفريقي، بخصوص قضيته الوطنية الأولى.…
وليس هناك أيضا ما يدعو إلى سرور مطلق ونهائي، من التوصية التي اعتمدها الاتحاد في قمة رؤساء الدول والحكومات بنواكشوط..
فقد تحقق للمغرب ما يلي:
- أولا، لم تعد قمم الاتحاد الإفريقي منصة متحركة وشبه حصرية لإطلاق المواقف المناهضة للدولة المغربية في قضية الصحراء، ومنذ كانت السيدة الجنوب إفريقية حاملة لواء المناهضة إلى الآن، سالت مياه إفريقية جديدة تحت جسر الاتحاد.
-ثانيا، لم يكن في الموقف ما يشكل امتدادا للمعلنات السابقة، عندما كان الاتحاد يسعى إلى تثبيت موفد عنه في كل لقاءات الصحراء أو في كل ما يتعلق بها من مفاوضات، ونحن ما زلنا نذكر كيف أن الاتحاد، في شخص مجلس الأمن والسلم، تحول منذ سنة 2013، إلى آلية للدفاع عن أطروحات الانفصال، والدعوة الصريحة إلى تعيين مبعوث خاص عنه في قضية الصحراء..
-ثالثا، لم يستطع القرار الجديد أن يغير من مرجعيات البحث عن حل، إن لم يكن في مناقشة هذا الحل والعمل على تنفيذه، باعتبار أن المرجعية الأممية، كما يريد المغرب، هي التي ما زالت معتمدة، بأولوياتها المعروفة وبسقفها القانوني المعروف.
وكما أكد ذلك وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، فهذا القرار الإفريقي «قرار هام»، لأنه « يكرس أسبقية المسلسل الأممي في تدبير قضية الصحراء المغربية، ويذكر بأنه ما من مسلسل مواز». وبجملة أخرى، إن ملف الصحراء المغربية مطروح بشكل حصري داخل الأمم المتحدة، وفقط فيها.
وللتذكير فإن الفقرة “20ت” من التقرير الذي عرض على رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، تنص على ضرورة أن يدرج الاتحاد الإفريقي عمله في إطار دعم معزز لجهود الأمم المتحدة، من أجل مضاعفة حظوظها في بلوغ هدفها. بعبارة أخرى لا يتعلق الأمر، بالنسبة للاتحاد الإفريقي، بتطوير مسلسل مواز لذلك الذي تشرف عليه الأمم المتحدة.
وهكذا تنص الفقرة “20 س” على”ضرورة أن يدرج الاتحاد الإفريقي مسعاه في إطار دعم معزز لجهود الأمم المتحدة، من أجل زيادة فرص نجاحها. وبعبارة أخرى، فإن الأمر لا يتعلق بالنسبة للاتحاد الإفريقي بتطوير مسلسل مواز لمسلسل الأمم المتحدة »”.
بالمقابل، هناك ما يدعو إلى توسل الاحتياط والواقعية »الحذرة«، من نقط لا تخلو من مناورة ضد المغرب:
-أولا: الثابت لدى الخصم، مهما أضعفت شروط التواجد الحديث للمغرب من قدراته هو أنه متواجد في شخص الجمهورية الموهمية، بالاضافة إلى المساند الرسمي والجيوستراتيجي..
- ثانيا: سيكون موعد القمة، باعتبار أنها ناقشت التقرير الذي رفعه إليها رئيس مجلس الأمن والسلم، موسى فقي، موعدا دائما للمناورة والعودة من جديد..
-ثالثا: لا يمكن أن يوفر المغرب على نفسه إجبارية تغيير شروط العمل داخل الاتحاد، وبالتالي فقد أصبح من مهامه الاستراتيجية تغيير قوانين الاتحاد بما يجعل قمة الدول والحكومات، قمة دول وحكومات حقيقية وفعلية تماما وليس بقبول الارتهان إلى ما قبل وصول المغرب إلى عائلته المؤسساتية..
وقد صارت هناك آلية غير مسبوقة في تاريخ المجموعات الإقليمية أو القارية، هي آلية نابعة من الاتحاد.. غير ما يحدث مع الجامعة العربية أو الاتحاد الأوروبي، لأنهما معا لم ينشئا آلية من رؤساء الدول والحكومات لمتابعة القضية.…
ولا بد من التذكير بإطار خلقها، أي أنه تمت المصادقة على هذه الآلية عقب القرار الذي أعده رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد ، في إطار تنفيذ القرار 653 الصادر عن القمة ال 29 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي المنعقدة في يوليوز
2017 . …
-رابعا : لا يمكن أن نغفل بأن القمم الإفريقية، ومنها القمة التي انعقدت في الثمانينيات بنيروبي، كانت وراء الدفع باتجاه غير صحيح، بالنسبة للقضية الأولى عندما تمت تعبئة قادة الدول آنذاك ضد المغرب، بل ستبقى القمة دوما أمام تحد قوي يتعلق بالوقوف ضد مناورات الخصوم المعلنين للمغرب..
-القرار يعطي بفقراته بعضا من الالتباس في تعريف مهام الاتحاد، إذ يشير في فقرته ( 21أ) بأن الاتحاد الإفريقي مدعو إلى تعزيز “مشاركته في البحث عن حل للنزاع في إطار مسؤوليته في ترقية السلام و الأمن والاستقرار في عموم القارة و الدور المعترف له كمنظمة إقليمية من قبل ميثاق الأمم المتحدة” وهي فقرة تعطي إمكانية في المستقبل بتأويل عمل آلية العمل ودور الاتحاد الإفريقي…من خلالها.
هناك نوع من التوزان« لفائدة الشك في هذه الحالة…