كما توقعت خرج منتخبنا الوطني من المونديال من أول مقابلتين بعد خسارتين متتاليتين ، إحداهما موجعة خلال مبارة افتتاح المجموعة أمام ” تيم ملى ” ، والتانية أمام الجار البرتغالي .
ورغم أننا قدمنا مستوى مقنعا خلال هذه الأخيرة واستطعنا تنظيم صفوفنا واللعب بهدوء و ثقة بعد المردود المتوسط للمقابلة الأولى ، بل إن دفاعنا نجح في الحد من خطورة أقوى مهاجم في العالم كريستيانو رونالدو ، إلا أننا خسرنا بخطأ مراقبة و من كرة ثابتة مع العلم ان النتيحة في كرة القدم لا تحددها نسبة امتلاك الكرة أو العمل الجماعي الجيد للفريق و لكن الفعالية أمام المرمى.
لم يشكل خروج منتخبنا الوطني  مفاجئة كبيرة بالنسبة لي ، و كنت أعلم أن اعتمادنا الكلي ، كما جرت العادة بذلك خلال العشرين سنة الأخيرة ، على ” المحترفين ” بأروبا (و الخليج) لن يحقق النتائج المنتظرة فقد شاهدنا البعض من لاعبينا ضيوف شرف و لم يكن لهم حضور يستحق الإشادة أو حتى الذكر مع العلم ان فريق من حجم وداد الأمة ، على سبيل المثال لا الحصر ، الفائز بثنائية البطولة و عصبة الأبطال الأفريقية له من الزاد البشري ما كان يسمح له بأن يكون ممثلا بلاعب أو لاعبين على الأقل خلال هذا المونديال خصوصا اذا علمنا بأن الأهلي المصري المنهزم امامه خلال النهائي الإفريقي كان ممثلا بثمانية لاعبين .

مشاركاتنا في المونديال لن تتغير للأفضل إلا بمحاكاة التجارب الناجحة . ففي الوقت الذي سنشاهد قائمة 23 مختارة حسب معيار العطاء و الجاهزية و التكاملية بغض النظر عن صفتي ” المحلي ” و ” المحترف ” ، و بعد أن نعمل على تأهيل الرأسمال البشري و تطوير المنتوج التقني لبطولتنا ” المحترفة ” التي تستهلك المليارات من المال العمومي دون إنتاجية تذكر لحد الآن حينها نستطيع أن نشارك بحثا عن نتائج إيجابية كما حصل خلال مونديالي مكسيكو 86 و فرنسا 98 خاصة و ان بلد الجوهرة السوداء العربي بن مبارك و ” أمير الحديقة ” بلمحجوب و الفائزين بالكرة الذهبية فرس و التيمومي و ” الماتادور ” النيبت يتوفر ، كما كان دائما ، على المادة الخام مقارنة بدول أخرى ، فالأوروجواي الفائزة بكأسين للعالم مثلا لا يتجاوز عدد سكانها الأربعة ملايين نسمة و إيسلاندا المتعادلة مع الأرجنتين لا يتجاوز عدد سكانها النصف مليون نسمة.
علينا الآن فتح ، من طرف الفاعلين في المجال الكروي ، ملف مشاركة كلفت الكثير من المال العام بشكل موضوعي بحثا عن السلبيات التي يجب معالجتها من أجل تكوين فريق قادر على الفوز بكأس إفريقيا للأمم (الأصلية) التي ستقام بالكامرون لأن من السلبي يتم صناعة الإيجابي ومن لا يشخص مشاكله و يعترف بها و يواجهها لن يخرج من دوامة سلبياته و الفكرة المؤسسةفي اعتقادي للمشروع القادم بعد العودة من روسيا  يجب أن تكون هي التأسيس لبناء نظام كروي مغربي متطور و منتج يكون أساسه أنديةنخبة محترفة احتراف حقيقي مختلف عن الاحتراف ” الهاوي ” الحالي و بالتالي القطع مع الخيار الاستراتيجي السهل بالاعتماد على ” المحترفين ” و الذي يمكن تشبيهه بالعمارة التي تبنى لكن دون أساس و عدم تحقيقينا لأي نتيجة تذكر خلال العشرين سنة الماضية ما هو إلا دليل مادي على ذلك. بلادنا تستحق أن تحلم بهزم الأوروبيين والأمريكيين اللاتينيين على المدى المتوسط خصوصا مع المجهود العمومي المبذول خلال السنوات الأخيرة لإصلاح كرتنا الوطنية.  تحليلات ” النعامة ”  (التي تدفن رأسها في الرمال) السائدة من خلال وسائل التواصل الإجتماعي و التي تتحدث في مجملها عن الحظ العاثر و التحكيم السئ (جزء منها قد يكون ربما صحيحا) لا تفيد في شئ و لا تسمن و لا تغني من جوع إذا أردنا الاستفادة من هذه المشاركة ، فإذا استثنينا بنعطية (جوفنتوس) ، درار (فرنبتشه)، بلهندة (غلطة سراي) و حارث (شالكه) بالإضافة الى حكيمي (ريال مدريد) فهل الباقي الذي أكمل لائحة 23 بإمكانه اللعب في الأندية الأوربية الكبيرة ، أظن ان الاجابة بالقطع لا إذن فهذا هو مستوانا الحقيقي الذي لم يسمح لنا في الأخير بحصد أكثر من صفر نقطة بعد مقابلتين و عدم تسجيل أي هدف. لا أحب جلد الذات لكن التاريخ لا يعترف إلا بالنتيجة أما الأداء فينسى لهذا فواقعنا الكروي يحتاج إلى التغيير أكثر من أي وقت مضى. 
الاحد :10 شوال 1439 هج/ 24 يونيو 2018.

‫شاهد أيضًا‬

الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس يناقض أفكاره الخاصة عندما يتعلق الأمر بأحداث غزة * آصف بيات

(*) المقال منقول عن : مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية ألقى أحد الفلاسفة الأكثر…