من الواضح أن الإحتجاجات ضد الغلاء والخصاص الإجتماعي، تتواصلبمختلف الأشكال، لتعبر عن سخط متجذر لدى الفئات الشعبية تجاه الوضع العام، مما يتطلب تقييماً شاملاً، من طرف الدولة والحكومة، لأن القراءة الأولية تؤكد أننا أمام معطيات بنيوية لن تزول بعض تجلياتها، حتى تعود للظهور بتعبيرات أخرى.
بل أكثر من ذلك، فإن المعطيات المعروفة تشير إلى عجز هيكلي للإقتصاد المغربي عن خلق مناصب شغل كافية، لسد حاجيات الطلب المتزايد خاصة من طرف الشباب، ناهيك مستوى الدخل الذي لم يتحسن، ومقابل ذلك الزيادات المتوالية في أسعار أغلب المواد. كما يشمل الخصاص أيضا التعليم والصحة والسكن والنقل…
كل هذه المؤشرات تستدعي التوقف عندها، للنظر إلى المستقبل بعين واقعية، إذ أن تراكم الخصاص، أمام عجز تقديم حلول وأجوبة مقنعة، لن يُوَلّدٓ سوى تصاعد مظاهر السخط، الذي يتم التعبير عنه بأشكال متعددة، بطرق سلمية، لكن مبرراتها موجودة في الحياة اليومية، ومادمت قائمة فإن الإحتجاجات ستتواصل.
ويمكن القول إن ثقافة الإحتجاج السلمي، معطى إيجابي وليس سلبي، لكن ينبغي أن يؤخذ بكل الجدية اللازمة، ليس في تجلياته، بل على الخصوص في أسبابه العميقة، وهو ما يجب إنتظاره من طرف الحكومة، المسؤولة المباشرة عن تدبير الشأن العام، بالإضافة إلى البرلمان الذي يجب أن يلعب دوره في المراقبة والنقاش الوطني، حول قضايا أساسية في حياة الشعب والوطن.
هناك مؤسسات دستورية، ينبغي أن تؤطر النقاش والجدل، وتلعب دورها في التجاوب مع متطلبات الجماهير والإنصات لها والبحث عن الحلول الجذرية والعميقة، و التعامل بكل إنفتاح مع مختلف الآراء، في حوار شفاف حول قضايا معقدة، لا يمكن معالجتها بمنهجية تبسيطية، من طرف أية جهة، فهناك أوضاع إجتماعية صعبة وفوارق طبقية تتضخم باستمرار، وهناك بالمقابل إكراهات إقتصادية، غير أن المسؤولية العمومية تفرض إيجاد الحلول، في ظل التعقيد والإكراهات.