الرواية الانكلو أمريكية(الحرب على الارهاب و مواجهة الافكار المتطرفة) ليست هي الرواية الصحيحة كما يظن البعض.ويمكن أن نقرأ الرواية الأصلية من التاريخ،رواية الثلاثين عاما من الحروب لإمبراطورية الفوضى الغربية في منطقة الشرق الأوسط، تلك الرواية المستنسخة من حرب الثلاثين عاما في اوروبا،والتي اندلعت مع بدايات القرن السابع عشر،حينما انشق مارتن لوثر عن المذهب الكاثوليكي،وأسس للمذهب البروتيستانتي ،بدعوة العودة الى الكتاب المقدس،وقام بتشييد كنائس للبروتيستانت،وبدأ الزحف البروتيستانتي على مناطق نفوذ الكاثوليك،وتبعه جون كالفن مع تغيير طفيف في المعتقدات عن لوثر الذي دخل في صراع مذهبي مع الإمبراطور الروماني المقدس فريديناند الثاني بصفته ملك بوهيميا، الذي قام بدوره بفرض إستبدادية الكاثوليكية الرومانية المطلق على المناطق التي يسيطر عليها ،مما أدى إلى ثورة النبلاء البروتيستانت في بوهيميا والنمسا ، فاندلعت حرب الثلاثين عاما في أوروبا.
جيوش من المرتزقة قتلت وأبادت وحرقت و ذبحت وأغتصبت شعوب بإسم الدين،و دمرت وخربت مناطق وأحياء بذريعة الكتاب المقدس،وسرعان ما انتشرت الحرب بتغلغل معظم القوى الكبرى في أوروبا ،والتي اعتقدت إما أن هناك فرصة لقهر القوى المجاورة،أو تم سحبها إلى الصراع من قبل قوة غزو أراضيهم.
سجل المؤرخون هذه الحقبة ،كواحدة من أكثر الفترات المدمرة في أوروبا،التي أتت إلى تدمير القارة العجوز، حتى تم التوقيع على سلسلة  من المعاهدات سنة 1648، والمعروفة باسم صلح ويستيفاليا، وقد أنهت الحرب، وأقامت نظاما سياسيا جديدا باوروبا، في شكل دول ذات سيادة،عرفت بأسماء الدول الأوروبية المتناثرة على الخريطة العالمية آنذاك.
أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش،ومن قبله اسامة بن لادن  و ايمن الظواهري زعيما تنظيم القاعدة،احفاذ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين؛رفعوا نفس شعارات مارثن لوتر….دين جديد لأبائهم المقدسين….دولة الخلافة الإسلامية وفق أدبيات علم اللاهوت…خلق إسلام يناسب الغرب…ثورات ملونة على غرار حرب الثلاثين عاما في اوروبا …هذه المرة في الشرق الأوسط…ثم ويستفاليا جديدة تمحي دولا عربية من الخريطة العالمية، وتؤسس لدويلات جديدة .
عملية بلقنة الشرق الأوسط هذه، أفصح عنها أيضا المستشرق الذاهية البريطاني الأمريكي برنارد لويس (المتوفي منذ يومين) في مقال نشر بعدد سنة 1992  من مجلة “مجلس الشؤون الخارجية “بعنوان “إعادة التفكير في الشرق الأوسط “
وضع برنارظ لويس تصورات عن إحتمال تفكيك المنطقة إلى صراع واقتتال فوضوي بين الطوائف والقبائل و المناطق و الأحزاب. ويمكن تسميتها بعملية لبننة الشرق الأوسط كما أطلق عليها قائلا ” نتيجة لذلك؛تتفكك الدولة،كما حدث في لبنان،وتنخرط في صراعات واقتتال فوضوي بين الطوائف والقبائل و المناطق  والأحزاب. وإذا سارت الأمور بشكل سيء وانهارت الحكومات المركزية ،يمكن ان يحدث الشيء نفسه ليس فقط في بلدان الشرق الأوسط الحالية ،ولكن أيضا في الجمهوريات السوفياتية المستقلة حديثا؛حيث الحدود المصطنعة التي رسمها سادة الإستعمار السابقين الذين تركوا كل جمهوربة مع مجموعة من الأقليات والمزاعم من جيرانها”.
كما تحدث الثعلب العجوز هينري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي السابق وعضو لجنة العلاقات الخارجية في مدرسة فورد سنة 2013،عن رغبته في رؤية سوريا “مناكق مستقلة ذاتيا” بالإظافة إلى مقارنة المنطقةب “حرب الثالثين عاما” في أوروبا.إذ يقول كيسنجر: ” هناك ثلاث نتائج محتملة : إنتصار الأسد -إنتصار سني أو نتيجة تتفق فيها مختلف الجنسيات على التعايش معا،ولكن في مناطق مستقلة نوعا ما،حتى لا يمكنها أن تضطهد بعضها البعض”.
ويستطرد:” هذه هي النتيجة التي أفضل رؤيتها.ولكن هذا ليس الرأي الشعبي….وأعتقد ايضا ان الاسد يجب ان يذهب،ولكن لا اعتقد أنه هو المفتاح،فالمفتاح هو؛إنها مثل اوروبا بعد حرب الثلاثين عاما، عندما كانت الجماعات المسيحية المختلفة تقتل بعضها البعض إلى أن قررت أخيرا ان عليها ان تعيش معا،ولكن في وحدات منفصلة”.
هذه أصل الرواية : أنه المستشرق الذاهية برنارد لويس لا رحمة الله عليه ،كهنوت الحرب على الإسلام،وطباخ الإسلاموفوبيا داخل نفوس الشعوب الغربية ،وأيضا الإسلامية.
لن ينتظر الخائن العميل محمد البرادعي الأب الروحي لتفكيك الجيوش العربية،كثيرا بعد كلمات هنري كيسنجر، فسرعان ما التقط من كلمات كيسنجر طرف الخيط ،وقام بنشر مقال ترجم الى العديد من لغات العالم ؛للترويج إلى ويستفاليا جديدة للعرب.
الثلاثاء 06 رمضان 1439 هج/ 23 ماي 2018.

‫شاهد أيضًا‬

باب ما جاء في أن بوحمارة كان عميلا لفرنسا الإستعمارية..* لحسن العسبي

يحتاج التاريخ دوما لإعادة تحيين، كونه مادة لإنتاج المعنى انطلاقا من “الواقعة التاريخ…