لا يمكن أن نقرأ القرار الأممي إلا على ضوء ما سبق أن دافع عنه المغرب قبيل انعقاده بحوالي ثلاثة أسابيع، …وعلى ضوء مواقفه التي رافقت المناقشات في أروقة الأمم المتحدة، وما صاحبها أيضا من مواقف ذات الصلة….
ماذا قال القرار؟ وماذا قالت رسائل المغرب إلى الأمم المتحدة؟
(1)بالنسبة للقرار الصادر عن مجلس الأمن، هناك وضوح كبير في تعريف المنطقة، التي دارت حولها استفزازات البوليساريو، خصوصا منها الكركرات وبير لحلو وتيفاريتي..إذ جاء فيه بالحرف أن:
(*) «المجلس يعرب عن قلقه لتواجد جبهة البوليساريو في المنطقة العازلة بالكركرات، ويدعو إلى انسحابها الفوري» من هذه المنطقة.
(*) يعرب عن «قلقه” إزاء إعلان البوليساريو عن نقل بعض ما يسمى ب”منشآت إدارية” إلى بير لحلو، شرق منظومة الدفاع، مطالبا ميليشيات الانفصاليين بـ”الامتناع عن مثل هذه الأفعال المزعزعة للاستقرار”.
وهنا نعود إلى نص الرسالة الملكية الموجهة إلى الأمين العام انطونيو غوتيريس، في الأسبوع الأول من أبريل،…وفيها يقول جلالته، كما نقل ذلك وزير الخارجية والتعاون الدولي في الندوة الصحفية، التي أعقبت لقاءه مع هذا الأخير:
– «جلالة الملك تباحث مع غوتيريس خشية تدهور الوضع في بئر لحلو وتيفاريتي، أو أن لا تتم تسويته كما كان الحال بالنسبة للكركرات».
-“رفض المغرب الصارم والحازم لهذه الاستفزازات والتوغلات غير المقبولة”….
ويكفي أن نلقي نظرة على البلاغ والرسالة، لنجد التناغم الكبير في المصطلحات وفي المضامين أيضا..
حيث الدعوة إلى الانسحاب من الكركرات إلزاميا وفوريا، أي أن مجلس الأمن تبنى تحذيرات المغرب، ولم يبق في منطق المبدأ العام الذي عالج به التوغلات الاستفزازية..
كما أن الإرادة التي عبرت عنها الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن، المدبر الوحيد للملف، هي تعطيل إرادة أخرى للبوليساريو، واعتبارها استفزازية وغير مقبولة..
والخلاصة الأهم، هي أن القاموس الذي استعمله المغرب، وبالتالي المضامين التي يحملها، هي نفسها في استخلاص قرار مجلس الأمن.
فقد دعا مجلس الأمن إلى: احترام البوليزاريو التزاماتها ذات الصلة،
وذلك بـ:
(*) الامتناع عن أي عمل من شأنه زعزعة استقرار الوضع
(*) أو تهديد مسلسل الأمم المتحدة».
وهو ما قد سبق أن ورد، باللغة نفسها، والمضامين نفسها، والمرجعيات نفسها، في رسالة عمر هلال إلى رئيس مجلس الأمن، غوستافو ميازا كوادرا، عندما اعتبر أن تحريك أي بنية مدنية أو عسكرية أو إدارية أو أيا كانت طبيعتها، يشكل «عملا مؤديا إلى الحرب».
وفي الشق السياسي، ركزت الرسالتان المغربيتان على مستقبل العمل الأممي في تدبير الحل.. من خلال تهديد مسلسل الأمم المتحدة.
وهو نفسه الذي ورد في القرار الأممي..
فقرارات الأمم المتحدة، تقرأ على ضوء التاريخ العام للقضايا التي تعالجها، لكن أيضا على ضوء التطورات المرحلية التي تستجد مع مواعيد بعينها.
وقد تابعنا كيف أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن، قد وجدا أمامهما، في الفترة السابقة عن الاجتماع، قراءاتٍ أو قراءتين في العمق للملف ولتطوراته الأولى، قراءة دولة الجزائر ومن أمامها البوليساريو،(حتى لا نقول البوليساريو ومن ورائها الجزائر!) وتهدف إلى إعادة تعريف وقف إطلاق النار، من خلال الحديث عن مناطق محررة، غير واردة في خريطة السلام التي وقعها المغرب في 1991، كما في قراءة مهام المينورسو في توفير استفتاء الاستقلال، إضافة إلى تصورها للحل السياسي النهائي… بعيدا عن مقترحات الحل الموضوعة أمام الهيئة الأممية العليا..
والواضح أن قرار مجلس الأمن، انحاز بشكل كبير إلى قراءة المغرب لثوابت المعالجة الأممية.. كما أنه أنهى تلك الأسطوانة الأسطورية حول الأراضي المحررة، حيث تم دفن زعيم الجبهة وحولها، وتيفاريتي ، ثم الكركرات..
ولا يمكن إلا أن نحيي الرصانة الأممية في هذا الجانب
غدا نهاية أسطورة الحل الانفصالي…
الاثنين 30 أبريل 2018.