بانكشاف النور ينقشع الظلام ، وبانكشاف الحق يزهق الباطل ، وبانكشاف الحقيقة ينخنس الكذب ، وبعودة الوعي المجتمعي تزول ” الدوخة ” …
الحق معيار ذاته ومعيار كل شيء . فهو ثابت لا يموت ، قار في جذوره لا يتحول ، والباطل وإن طغا واستعلى واستولى وتجبر وارعوى وجار وهوى وطال أمده واعتدى ، فلا بد أن يسقط ويزول أو يزال بالوعي والمقاومة .
الحق حق بقوة الحق ، ولا يصير باطلا بقول وزير ، والباطل باطل وإن طال ، ولا يصير حقا بقوة وزير !
إن الإنسان العاقل ، النزيه ، الحكيم ، النظيف لا يكون إلا مع الحق حيث ظهر . قال أرسطو : ” أحب أفلاطون وأحب الحق ، فإذا تخاصم أفلاطون مع الحق فأنا مع الحق ” . ومن عبارات ابن النفيس في كتابه ” شرح تشريح القانون ” ” إن الفاضل جالينوس قال كذا. .. والتشريح يكذبه ، وأنا مع حق التشريح ” . وجعل الغزالي البرهنة بالأشخاص والمناصب عادة ضعاف العقول ، يعرفون الحق بالرجال لا الرجال بالحق .
إن الحق مر في الحقيقة والمذاق ، ولا يقبله إلا حر .
إن للحق والنور والحقيقة أعداء كثيرين ، وللباطل والظلمة والكذب عاشقين كثيرين . وبين أصحاب الحق وأصحاب الباطل منافقون :
يأكلون مع الذئب ويبكون مع الراعي
يقتسمون المسروق مع اللص ويبكون مع الضحية
يأكلون حتى التخمة مع ” الباطرونا ” ويصرخون مع العمال في عيد الشغل
يرتشون كل وقت ويلعنون الرشوة
يفسدون حيثما وجدوا ويظهرون محاربة الفساد…
نحن مع الحق حيث دار وحيث اتجه ، ونشهد به ونشهد له ولو كان على أنفسنا وعلى من نحب ونقدره .
قول الحق لن يترك لك من الأصدقاء والأحباب إلا قلة من قلة ، ولكن قلة الحق أفضل من جماهير الباطل كأفضلية قلة من النحل على جيوش جياشة من الذباب …