(*)تذكير أول: لا يمكن لمن عجز عن إقامة الدولة وهو حي، أن يقيمها وهو ميت ! فقد اعتقدت البوليزاريو أن التعامل الإنساني مع جثة زعيم للجبهة الانفصالية محمد عبد العزيز ، من طرف المغرب، بعدم المس بقبره في منطقة تفاريتي، كاف كدليل على أن الطريق قد صارت سالكة باتجاه بناء دولة الوهم انطلاقا من منطقة عازلة.
والحال أن البلاغة في هذا المجاز كادت أن تدفن الجبهة وهمها مع جثمان الرئيس السابق في المنطقة ذاتها لا أن تسعى إلى إحياء الوهم عبر .. قبر!
الحديث عن تفاريتي ليس اعتباطيا ولا أدبيا، بقدر ما هو المدخل الذي تريد الجبهة – نقول الجبهة تجاوزا لأن الأمر يتعلق بدولة الجزائر تحديدا- الوصول عبره إلى فرض الأمر الواقع باعتبارها .. دولة ذات تراب محدد!
التراب، هو شرط وجوب، وشرط وجود بالنسبة لقيام الدولة، وهو ما لايتوفرون عليه.
(*) التذكير الثاني:عندما سلم جزءا من أرضه في إطار اتفاقية إطلاق النار، فقد فعل ذلك من أجل إقامة السلام، وليس من أجل إقامة دولة.
وقد سلم الأرض للأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتخصيص، من أجل القطع مع سياق الحرب التي كانت مشتعلة قبل ذلك التاريخ. وبالنتيجة، فنحن أمام بدهية أخرى، وهي أن الأمر بالنسبة للمغرب، دفاع عن أرضه، ودفاع عن اتفاقية دولية مؤطرة بقوانين وأعراف ومستلزمات أممية، ولا يمكن أن يفلت منها أي طرف ، مهما كانت حساباته أو قدرته على المغامرة..
(*) التذكير الثالث: هي المرة الأولى، التي يتحدث فيها المغرب عن مصير مجهول، وتجميع شروط الحرب، كما صرح بذلك عمر هلال في الأمم المتحدة، ومن ثم، لا بد من التذكير ببدهية أخرى مفادها حسب عبارة كلاوزِﭭيتس ، “الحرب هي مجرد امتداد للسياسة بوسائلَ أخرى».
والحال أن الاختناق الذي وجدت فيه السياسة الانفصالية والعدائية، في الاتحاد الأوروبي، في الاتحاد الإفريقي، في مجلس الأمن، قد يبرر التصعيد الذي تريده البوليزاريو.
(*) التذكير الرابع: المغرب، التزم بمقررات الأمم المتحدة، وهو الوحيد الذي يعتبر ذلك مساهمة ضرورية في بناء الثقة نحو حل يستفيد منه الجميع، في حين تعتبر الأطراف الأخرى كلَّ مساهمة سلمية من طرف المغرب، وآخرها الحكم الذاتي أو مساهمة أمنية، وآخرها الانسحاب من الكركرات، تجاوبا مع قرار مجلس الأمن، عتبة لتنازل آخر..مما يعيد إلى الأذهان »عقيدة« السطو التي تعمل بها الأطراف المناهضة للمغرب.
(*) التذكير الخامس : لا يمكن فصل ما يحدث الآن من تصعيد مع متغير دولي، يهم الإدارة الأمريكية، ويتعلق الأمر بتعيين جون بولتون، الجمهوري المتطرف والمحافظ الجديد المكلف حديثا من طرف الرئيس الأمريكي بالأمن القومي.
وهذا الرجل، الذي لا يخفي آراءه، سبق له أن كان من وراء الدفع بتوسيع صلاحيات المينورسو، لتشمل حقوق الإنسان.. في 2008.
وقد جاء الخرق الانفصالي متزامنا مع حدث آخر، في صلبه الولايات المتحدة..
وقد ربطت مصادر عديدة، مناهضة للمغرب أو مساندة له، بين تعيينه على رأس الأمن القومي وبين زيارة -تعد سابقة من نوعھا، و لأول مرة منذ زمن بعید- «السفیر الأمريكي بالجزائر جون ديروشر لیلة الأربعاء إلى الخمیس بزيارة مخیمات اللاجئین بتیندوف على الحدود بین الجزائر والصحراء، حسب ما أفاد به بیان للسفارة الأمريكیة بالجزائر.
وإليكم تعليق الصحافة الجزائرية :« تعني زيارة السفیر الأمريكي إلى مخیمات الصحراويین في ھذا الوقت بالذات الكثیر، خصوصا وأنھا تتزامن مع تعیین مستشارأمن قومي للرئیس ترامب متعاطف مع القضیة الصحراوية».