تأخرت، أعترف، في الكتابة عن إعجابي العميق بهذه السيدة…
أعترف أيضا أنها كانت دوما منقذتي في العديد من المواقف، وأحب إثارة إعجاب زواري في المكتب، بتقديم أحد كتبها أو حواراتها….
هذه السيدة التي جاءت بالطب لعلم اللاهوت… والتي جعلت من الطب، عتبة لعقلها ومطية لاهتماماتها بالمقدس والإصلاح الديني والتجديد في الفقه.
هذه السيدة هي أسماء لمرابط…
ففي الحجاب
في الإرث
في المساواة
في الحرية الفردية ..
في العلاقة مع الغرب والعلاقة مع الجسد، الذي تحذر النساء من اختزال أنفسهن فيه ..
في كل هذه البؤر والفوهات المفتوحة على البراكين كلما اقتربنا منها، اختارت أسماء لمرابط، منذ البداية، أن «تطرح الأسئلة التي تقلق وتثير الغضب»، كعنوان لأحد كتبها ولكن أيضا كعنوان لحياتها..
لهذا ليس الأهم هو مغادرتها لهرم مركز الدراسات والأبحاث في القضايا النسائية في الإسلام التابع للرابطة المحمدية للعلماء..
منذ سنة وتقريبا يوما بيوم، أجابت عن سؤال في حوار باللغة الفرنسية بأنهم «لا يريدونني نسوانية مسلمة لأنني أُقلِق…».
كان يمكن أن تختار الانسجام في منظومة حداثية متماسكة، وترتاد الحداثة من المقعد الأمامي، بدون أن تحاول تفكيك العقل الذكوري في فقه الأمة..
كان من الممكن أن تستسلم لغير قليل من الكسل الحداثي، وتردد، من موقع يسبق واقع الأحوال في جغرافيا العقيدة، مبادئ الحداثة التي تتجاوز النحو اللاهوتي..كان من الممكن أن تكون حرة في قيودها، لكنها اختارت أن تحفر بالعقل نفقا وسط ركام هائل من طبقات الفقه والذكورية والمؤسسة الشرعية….
لقد ساعدت «الاكليروس» الإسلامي بغير قليل من الشجاعة، عندما اقتربت من محرمات أثقلتها قرون من الجمود، ومن الاستسلام اللذيذ للتقاليد والموروثات..كما ساعدت، بدرجة لا تقل شجاعة، النسوانية اللائكية على تحرير نفسها من خصم، هو في العمق معبر ضروري لامتحان قدرتها العقلانية….
مرات عديدة تذكرني بالفقيد الكبير محمد جسوس الذي كان يردد على مسامعنا ونحن شبيبة الاتحاد أن معركة العقلانية تمر بالضرورة بامتلاك النص الديني، ولا يمكن استشعار الحاجة إليه إلا إذا استشعرنا أهمية الإصلاح الديني في بناء الحداثة..
لهذا سيكون تمجيد المرابط، هو أن نقرأها بذكاء..
أن نقف، لا على حوادث المسار، بل المسار نفسه..
يبدو لي أن تعميم كتبها وتعميم لقاءاتها مع الجمهور الواسع والعمل على حضورها المستمر في شبكة المحاججة هو الذي سيكون له معنى حقا..
ويعطي امتدادا لفكرتها
واجتهادها
وقوة الحق معها
(***)
تختم قولها لنا: «أنا سيدة مستقلة وأتمنى أن أظل كذلك».
الجمعة 23 مارس 2018.