لا تفاوض مع الوطن..!
استهلال لا بد منه :« لا تفاوض حول الوطن
فليطلب ما شاء منا..
وليعط لمن شاء ما شاء ..
فلن نخونه وسط المعركة..
ولو بلحظة راحة مستحقة
في السجن كانت أو في المقبرة!»….
***
***
***
لن يقبل أي اتحادي أو اتحادية، استدراج حزب القوات الشعبية إلى موقع ما في القضية الوطنية غير الموقع الذي كان دوما اختياره: الوجود في الجبهة، ولفائدة الحق الوطني ….
ولو كان ضد كل الأمميات
وضد كل العواصم
وضد كل الجراح…
ولو كان ذلك ضد الحكم نفسه!
لن يقبل الاتحاديون والاتحاديات استدراجا من هذا القبيل، باسم شكل الحكومة المقبلة أو باسم تركيبتها، لسبب بسيط، هو أن الذي يملك الحس الاتحادي في القضية الوطنية يضع نفسه في امتداد الفكرة الوطنية لا في لحظية التواجد السياسي
ولأنه يدرك الفرق بين المغرب الموحد
في الزمان والمكان…
وبين الحكومة في محدوديتها السياسية والمؤسساتية ..
ويدرك الفرق بين حبة رمل وبين البروتوكول
ويدرك الفرق بين جوهرة الانتماء و بين العابر في ظلال المشوار- الألف ضرورية طبعا- السعيد
للأفراد كما للجماعات..
ويدرك الفرق بين الثابت وبين المتحول..
لهذا يشعر الاتحاديون والاتحاديات - مما يدور حول تعبئتهم الوطنية - بأنه يفوق الحرب التي تستعمل فيها الوسائل كلها…
بما فيها الوسائل غير المشروعة!!!!
وينتقل إلى ما لا يقبل المناقشة: الوطنية..
ومن سوء حظ المنطق الحالي أنه غير قادر على استدراج التاريخ إلى هذه الخطاطة الاختزالية
التبسيطية
والاستفزازية:
لذلك يعرف التاريخ أن الاتحاديين، دافعوا عن وحدة بلادهم، وقد كانت السياسة المتبعة قد فرضت عليهم أن يكونوا موزعين بين المنافي
ومشردين في العواصم
وفي الجهات الأربع للدنيا
ويعرف التاريخ أنهم كانوا يحملون حقائب الدفاع عن قضيتهم وقد تركوا إخوانهم في السجون
وتحت أعواد المشنقة، كما في نونبر 1973 ..
وكانوا يعضون على جراحهم ويدخلون المنابر
والعواصم
والمحافل للدفاع عن بلاد دافعوا عنها وعن سيادتها وهم في عز الخصام مع الحكم، وليس الحكومة فقط، وهي درجة أقل في تراتبية الفعل السياسي والمؤسساتي في المغرب غير السعيد وقتها..
الاتحاديون كانوا يحكمون على الحكم من خلال مواقفه في الصحراء
لا من خلال دمهم الذي يراق
ولا من خلال الكراسي..
والدم أيها السادة أكبر بكثير من كرسي
وكانوا يحكمون على الحكم من خلال انضباطه للأجندة الوطنية في التشبث بمغربية الصحراء حتى الرمق الأخير، حتى قيل للمرحوم الحسن الثاني إن معارضتك أكثر «شوفينية« منك!!!
الاتحاديون والاتحاديات يقبلون بمحض وطنيتهم
وبملء جراحهم
أن ينهزموا من أجل الوطن..
وأن ينهزموا فيه..
لكنهم لن يقبلوا أن ينهزموا من أجل التلاعب به..
أو التفاوض باسمه،
فلا تفاوض مع الوطن، كما تعلموها من الرعيل الأول للمقاومة ومن الرعيل الخالد للسياسيين ..
عندما دخل الاتحاد إلى الأممية الاشتراكية..في مقتبل الثمانينيات، كان عليه أن يدافع عن قضيتين :قضية فلسطين
وقضية الصحراء..
ومن لا يعرف التاريخ لا يعرف هذا الربط
لا يعرف أن الشهيد ياسر عرفات ورفاقه طلبوا من الفقيد عبد الرحيم ورفاقه أن يملأوا الفراغ الاشتراكي في ساحة الحرب من القوى الاحتلال الإسرائيلي والتي كان يدافع عنها حزب العمال ..
ووجد الاتحاديون أن الساحة الاشتراكية ساحة للقاء القضية الوطنية الأولى
والقضية الوطنية الأولى الأخرى
:الصحرا مغربية
فلسطين عربية..
ومن باب حرب النوايا، فقد كان هناك من اعتبر التواجد في الإطار الأممي جريمة
والتواجد فيها خيانة للأمة
وخيانة للدم
.. ولم يتراجع الاتحاديون والاتحاديات
وظلوا ضد الكرسي الشاغر دفاعا عن بلادهم
وعن قضية شعبهم الأولى .. وقضية أمتهم الأولى..
نريد فعلا أن نهزم في الوطن ولا نهزم باسمه..
لنترك الوطن يرتاح
في جسد الذين ماتوا من أجله
والذين وشحوه على أشد أماكن القلب الشهيد..
لنتركه بين أيادي الجنود
وهم يمحصون الليل كي لا يأتيهم في شكل الأعداء…
ويصبون النجوم كلها في قالب الرصاصة حتى لا تدهشهم الأضواء
ويتسلل الآخرون إليه في غفوتهم على الحدود..
لنترك الوطن على سبورة العاطفة، وهو يحلم بأن الانهيار ليس شاملا ، بطيئا ينتظر
وبطيئا يستسلم للأمل
حتى وهو يرى الكثير من القيم السياسية… تتابع تدحرجها في المنحدرات الرهيبة ..
وفي الأسواق المفتوحة للرأسمال الجبان
لنترك الوطن أيضا في سلة النساء المناضلات
وهن ينزلن بحذافير ثورتهن من العاطفة الوطنية من نبض وشعاع
يتبعن نداء القلب يقودهن إلى كل المنصات..
المشتعلة والهادئة معا..
لنترك الوطن في شقوق اليدين يملأها الفلاحون بالبذور كما يملأون رصيف الربيع الأخضر
على السفح العصي..
ولا يهتمون للقناصين..
لكن لن نتركه في خشب المنشار الذي يبني لغة للسياسيين
وساسة توزيع الوطن للمغانم..
الوطن في الاتحاد أوسع بكثير من ربع ساعة في ظلال البنوك
وفي الأحلام الساذجة للكسالى..الطبقيين!
الوطن لا تفاوض معه، لكي يكون لنا ما لم نجعله شرطا في وجودنا
الفارق بيننا وبين الذين يفاوضون الوطن على .. سعادتهم
واستراتيجيتهم الفردية..
ولا تفاوض حوله
فليطلب ما شاء منا..
وليعط لمن شاء ما شاء ..
فلن نخونه وسط المعركة..
ولو بلحظة راحة مستحقة
في السجن كانت أو في المقبرة!