احتفلنا بكل أيام ثامن مارس
كل سنة كنا نشحذ ورودنا لكي نعبر بما يليق بالمرأة المغربية
حارسة حداثتنا
وهويتنا..
إلا 8 مارس 2018 ، فقد انتظرناه!
عندما لا يكون للانتظار سوى تعريف واحد هو أننا سنعيش !
وانتظرنا أن نعيش من خلاله تكريما لرجل أعطى الكثير لبلاده
وأعطى الكثير لنساء بلاده
واعتبر دوما أن المرأة هي عتبة الحضارة
والحداثة
والنظارة..
عبد الرحمان اليوسفي الذي سيقدم اليوم مساء شيئا من مذكراته، وذكريات ما عاشه في بداية العمل الوطني ثم في بداية العمل الديموقراطي، وفي دورة الزمن الاضافي فيهما، بعد الانفراج وتحقيق المشترك السياسي حول الإصلاح الوطني ..حظي بحب المرأة المغربية، التي أكرمها فأكرمته ..
ولعل تقديم مذكراته اليوم، في هذا التزامن البهي،هو الحدث الذي يستطيع أن يصنع ما بعده، وما قبله..
قليلون فعلا مروا من التدبير، في أوضاع صعبة وبقرارات صعبة، واحتفظوا بحساب مفتوح في بنك المحبة
وباحتضان يفوق التصور
من القمة الى القاعدة..
والجميع ممن عاشروه،
عن قرب أو عن بعد …
قريبا عن بعد أو بعيدا عن قرب،
كل واحدة
كل واحد يرى أنه له مكانا ما تحت مظلته الإنسانية المترامية الاطراف..
سيحين الوقت للقراءات السياسية لمذكراته، لكن السياق اليوم …حافل.
والسياسيون الذين يحترمون أنفسهم، سيجدون في ظلاله انعكاسا لهم..
والأقل شأنا سيذكروننا بأننا غير محظوظين حقا عندما يخرج
اليوسفي عن اطار الصورة السياسية في راهن المغرب الذي نحب ونجل ونتضرع إليه: أعطنا آباءنا الذين يرفعوننا الى الأعلى يا وطننا…!
اليوسفي طمأننا على الانتقال ..
وعلى إرث عبد الرحيم بوعبيد وهو ينسج السياسة بالأخلاق، ولا نستطيع أن نسايره
، ونتضرع للبلاد، نحن أبناؤهما : اغفري لنا عيوبنا وثبتينا على صراطك المستقيم!
كلاهما وصل الى صياغة نفس المعادلة، في لحظات الاختيار الصعبة: لقد اخترنا الوطن، فانفجر الحزب
أو خسر..
ولا شيء في ما فعلناه يسوغ الندم!
ثم يطمئننا عبد الرحمان من جديد على كتابة السياسة وذاكرتها، فلاشيء في المذكرات يبعث
على اللبس …
أو التأويل
أو المشاحنات ..كل شيء في الكتاب يشبه صاحبه!
في وضوحه الهادئ..
وفي قدرته على قول الأساسي
أو إخفائه بين سطور الافتراض…
ما كتبه اليوسفي ليس حلما،
ولا محاولة حلم
بل حياة
احتفظت بكل ألوانها بالرغم من كل ما تعرضت له .
وبالرغم من كل محاولات الزمن..!
ستكون لنا فرصة كي نقارن ذاكرته بذاكرة .. السمك ، التي حملها سياسيون كثر ..
الآن نحتفل
نتابع هذه الغبطة العامة التي تملكت المغاربة بصدور كتاب اليوسفي بمجلداته الثلاثة.
وهي غبطة في ملتقى الوطن والسياسة والحياة الخاصة..
مذكرات تجعل الذاكرة رهن إشارة القلب..
وتحول الماضي إلى مضارعته الوطنية، لتعطي جزءا من زاوية القراءة لواقع ينفلت، بحتمية من التاريخ وبحتمية من تغير الأحوال..وتضع أيضا ملامح للمستقبل، لأن الذاكرة هنا سلاح في معركة العدمية التي تطال أشياء كثيرة ودوائر كثيرة من الحياة المغربية.
كان من حظنا أن اليوسفي عاش مغربا لثلاثة ملوك
فعلا
وممارسة
واندفاعة وطنية
واندفاعة ديموقراطية..
وكان من حظنا أنه تحدث الى مبارك بودرقة(عباس) عن هذه الحياة التي عاشها.. وعشناها معه باعتزاز كبير!