كلمة الكاتب الأول في افتتاح الاجتماع المشترك بين المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي واللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال
استئناف مسار التنسيق وتوحيد الجهود بين حزبينا سيشكل سداً منيعاً ضد مناورات الرجعيين الجدد إن الاجتماع المشترك لقيادتي الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال يكتسي اليوم أهمية بالغة في السياق السياسي العام الذي تعرفه بلادنا.
وتستمد أهمية هذا الاجتماع دلالتها القوية من ثلاثة اعتبارات أساسية: ـ الاعتبار الأول يتعلق بالقرار الذي اتخذه المجلس الوطني لحزب الاستقلال القاضي بالانسحاب من الأغلبية الحكومية، والذي بادرت اللجنة التنفيذية للحزب إلى تفعيله بدعوة الوزراء الاستقلاليين إلى تقديم استقالاتهم من الحكومة، هذه المبادرة وإن كانت تندرج ضمن قرار سيادي يخص حزب الاستقلال، فإنها لابد وأن تستأثر باهتمامنا في الاتحاد الاشتراكي بصفتنا حزباً أساسياً في المعارضة، ويهمنا غاية الأهمية أن يقرر حزب مثل حزب الاستقلال الخروج من الأغلبية نحو المعارضة. فالأمر هنا يشكل تمريناً سياسياً مفيداً في تفعيل الدستور، وفي تطوير الممارسة الديمقراطية ببلادنا، ونحن بطبيعة الحال لم نخف في أية لحظة ارتياحنا الصريح لهذا القرار السياسي الشجاع والمشروع، وذلك انطلاقاً من اقتناعنا بأن انسحاب إخواننا الاستقلاليين من هذه الأغلبية الفاشلة كان له الأثر المباشر في تعرية النزعة التسلطية المتأصلة في عقلية الحزب الذي يقود الحكومة، وفي فضح عجزه المزمن عن القيادة الرصينة للأغلبية الحكومية. وعليه فإن انسحاب حزب الاستقلال من أغلبية مرتبكة ومهزوزة مثل هذه، من شأنه أن يساهم في إضفاء وضوح أكثر على المشهد السياسي الوطني، وفي إفراز الاصطفافات الحزبية الضرورية من أجل ممارسة سياسية سليمة ومعقولة. الاعتبار الثاني الذي يضفي أهمية قصوى على اجتماعنا المشترك هذا المساء، هو أنه اجتماع يكتسي صبغة مؤسساتية لاستئناف التعاون الثنائي والنضال المشترك من أجل الغايات التي جمعتنا منذ ثلاثة عقود، والتي تخص بناء الديمقراطية وإرساء دولة الحق والمؤسسات. فلا ينبغي أن يخفى على أحد أن استئناف العمل المشترك بين حليفين استراتيجيين، بين رافدين رئيسيين للحركة الوطنية المغربية، بين رافعتين أساسيتين للإصلاح المؤسساتي والسياسي بالمغرب، بين قوتين حاسمتين في المسار التقدمي الحداثي ببلادنا، بين حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، هو معطى أساسي في سياق تفعيل الدستور وتحصين المكتسبات، وهو لحظة متقدمة في تمنيع بلادنا من مغبة الانجرار نحو مغامرة تسلطية جديدة تروم إحكام السيطرة على الدولة وبسط الوصاية على المجتمع، وهو أيضاً تعبير عن الوفاء لذاكرتنا النضالية المشتركة، والوفاء لتاريخنا المشترك الذي أسس لإصلاحات عميقة ببلادنا، والذي جعل الاستقرار في بلادنا، وجعل الاستثناء في بلادنا، وجعل التقدم في بلادنا، جعل كل ذلك يندرج ضمن الهوية الاصلاحية لحزبينا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي. لذلك، فإن استئناف مسار التنسيق وتوحيد الجهود بين حزبينا، بقدر ما سيعطي نفساً جديداً للنضال الديمقراطي التقدمي ببلادنا، بقدر ما سيشكل سداً منيعاً ضد مناورات الرجعيين الجدد الرامية إلى العبث بتماسك الأمة المغربية، وإلى الإجهاز على مكتسبات الشعب المغربي. الاعتبار الثالث في إبراز أهمية هذا الاجتماع يعود إلى ما سيسفر عنه من اتفاق حول تعاقد مستقبلي جديد، ذلك أننا سنكرس هذا الاجتماع للحوار والتشاور حول أفضل السبل وحول أنجع الصيغ من أجل تفعيل إرادتنا المشتركة المتمثلة في تعاقد جديد وشامل، تعاقد يتوجه نحو المستقبل، ويجعلنا نعبىء لذلك كل مقوماتنا النضالية، وكل امتداداتنا الشعبية، وكل أجنحتنا النسائية والشبابية، وكل روافدنا الاعلامية والنقابية والبرلمانية والجمعوية، وكل كفاءاتنا الفكرية والثقافية والمهنية. إن اجتماعنا اليوم لا تحكمه اعتبارات ظرفية عابرة، فهو ليس اجتماعاً سنختزله في تعزيز مكانتنا ودورنا في المعارضة الحالية، وهو ليس اجتماعاً سنخصصه لنفض الغبار عن الكتلة الديمقراطية، إنه اجتماع من أجل انبعاث جديد للتحالف الاستراتيجي بين حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ونعتزم أن يكون اجتماعاً لتقييم منجزات واختلالات عملنا المشترك، ولكن أيضاً اجتماعاً للتوجه نحو المستقبل، ولشحذ ذكائنا المشترك لابتكار الإطار السياسي الأنسب لاحتضان تحالفنا الاستراتيجي. لقد أثبتت وقائع تاريخ المغرب المعاصر أن حزبينا كلما التقيا في ساحة النضال المشترك، إلا وتسارعت وتيرة التقدم والبناء الديمقراطي في بلادنا، فسواء من داخل الحركة الوطنية التحررية، أو من خلال الكتلة الوطنية، أو من خلال الكتلة الديمقراطية، كان الاستقلال والاتحاد فاعلين رئيسيين في رسم معالم الطريق، وفي تحقيق المنعطفات الأساسية في التطور السياسي لبلادنا، من تحقيق الاستقلال مروراً ببناء المؤسسات، وإنجاز الإصلاحات، وبتمكين المغاربة من استرجاع كرامتهم وانتزاع حقوقهم وحرياتهم. لذلك، فإن التقاءنا المتجدد اليوم هو لحظة حاسمة سيكون لها ما بعدها، وسنفتح خلالها أفقاً جديداً لحركة القوى الوطنية والديمقراطية بالمغرب، هذه الحركة التي شكلت دائماً ولاتزال تشكل، ضمانة أساسية لتعزيز استقرار بلادنا وضرورة تاريخية لتقدمها وازدهارها”. |
||
7/17/2013 |