تؤكد الإحصائيات التفصيلية، الأخيرة، التي كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط، المنحى التصاعدي لأزمة البطالة، حيث زادت نسبتها في سنة 2017 مقارنة مع سنة 2016، وكان من أول ضحاياها الشباب، بصفة عامة، من حاملي الشهادات، وكذا النساء، وتركزت هذه الزيادة في نسب البطالة، في الوسط الحضري على الخصوص.
وحسب نفس المصدر، فإن الاقتصاد المغربي خلق مابين 2016 و2017، 86 ألف منصب شغل، فقط، وفٓقٓدٓ 37 ألف منصب شغل، مما يؤشر على أن المنحى العام للأزمة خطير، إذ أن حجم السكان النشيطين الذين وصلوا لسوق الشغل، يقدر ب135 ألف شخص، وهو الرقم المرجح للزيادة كل سنة في المغرب، لسوق الشغل، إلى حدود سنة 2030، مما يعني أن بلادنا مطالبة بتوفير فرص أكبر مما توفرها الآن، وإلا فإن حجم البطالة سيتضاعف، بكل تداعياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وإذا حسبنا حجم الخصاص الذي سيتراكم، والذي وصل إلى49 ألف عاطل في السنة الماضية، حسب هذه الإحصائيات، وسيزيد مستقبلا، ما لم يعالج الأمر، فإن المغرب يواجه قنبلة موقوتة حقيقية، تتطلب التأمل والتوقف عند أبعادها وأسبابها، للنظر في سبل البحث عن الحلول الملائمة لها، خاصة وأن النسبة الغالبة من العاطلين تتكون من الشباب.
و يستدعي هذا الوضع، من الحكومة ومن مختلف المؤسسات الأخرى، التي لها علاقة بالاقتصاد، مراجعة النموذج الذي ساد لحد الآن، في التعامل مع الاستثمارات والقروض والأنظمة الضريبية وغيرها من الأدوات التي يمكنها إحداث تغيير جذري، في الواقع الاقتصادي للمغرب، الذي لا يخلق فرص شغل كافية، بل على العكس من ذلك، فإنه يتجه نحو التراجع، حسب إحصائيات المندوبية.
وتشير العديد من الدراسات إلى أن المغرب مطالب بخلق 200 ألف منصب شغل سنويا، وهو الرقم الصعب الذي من غير الممكن، في الحالة التي يوجد عليها الاقتصاد اليوم، أن ينجح في تحقيقه، مما يدُلّ على أن الأزمة الاجتماعية ستستفحل، ولا يمكن للحكومة أن تتغاضى عن هذا الوضع، فمن مسؤوليتها أن تخصص لهذه المعضلة كل الجهد والتفكير، لأنها خطيرة، بكل المقاييس.