تشهد سنة 2018 بالخصوص، حالات تدخل للسلطات المعنية لنقل مواطنين على الفور إلى المستشفيات، بعد أن حاصرتهم الثلوج التي تساقطت بكثافة أو فيضانات قطعت الطرق وحالت دون الوصول إلى مستوصف أو مستشفى أو حتى صيدلية.. ولقد عزلت أحوال الطقس مداشر وتجمعات سكنية هناك بسلسلة الأطلس، وعانت نساء حوامل باغتَهن الوضعُ، من مخاطر الولادة، وواجه أطفال أمراضا نتيجة البرودة القاسية ومضاعفاتها.
غير أن تدخل السلطات في الحين، وبشكل فعال وناجع لإنقاذ أرواح وتطبيب مرضى، لا يمكن إلا الإشادة به.
وللأسف، فمعاناة سكان هذه المناطق ما فتئت تتكرر شتاءً بعد آخر وتحصد حيوات، قضى أصحابها في صمت، وهو ما يسائل السياسة الصحية ببلادنا، ومدى اهتمامها بمناطقَ، تجابه ساكنتها مضاعفات الثلوج مثل الحرارة، والسيول وغزارة التساقطات…بل يسائل السياسات العمومية، حول طبيعة المسالك الآمنة، التي تسمح للناس بالوصول إلى التطبيب والمدرسة والخدمات الإدارية، وقبل هذا وذاك، إلى نقط ابتياع الحاجيات الأساسية والضرورية للمعيشة.
ومن غير شك، أن قطاع الصحة قد تحسنت خدماته، بمواجهته تحديات يواجهها قطاع اجتماعي استراتيجي، يهم بشكل مباشر الأمن الصحي للمغاربة، في مستويات العلاج والوقاية والتجهيز. ويوجد لدى الحكومة وعلى عاتقها مشروع برنامج وطني من أجل النهوض بهذا القطاع، صادقت عليه ستة أشهر ويمتد إلى سنة 2021 .إلا أن ضرورة الاستعجال، تقتضي اليوم أكثر من الغد، إيلاء العناية المركزة، لسكان المناطق المعزولة، التي تعد ضحية سياسات سابقة، لم تنتج على العموم، سوى أعطاب، سواء على مستوى البنيات أو خصاص العنصر البشري أو على مستوى التدبير.
وقد أبرزت مناقشات ميزانية وزارة الصحة بالبرلمان بمناسبة الميزانية العامة هذه الأعطاب، وأكدها الوزير في معرض أجوبته عن مداخلات البرلمانيين، سواء بمجلس النواب أو بمجلس المستشارين. إن للجماعات الترابية كذلك، مسؤولية في هذا الوضع وهذه المعاناة .إذ لا يعقل أنه بعد أربعين سنة من العمل الجماعي، مازالت مناطقُ وتجمعات سكنية، تفتقر لمستوصف أو سيارة إسعاف مجهزة، وحتى السيارات العادية، معطوبة أو تتطلب مساهمة المواطن في محروقاتها لنقله إلى المستشفى.والحالات كثيرة التي ذهب ضحيتها أطفال ونساء لم يتمكنوا من استعمال هذه السيارات…
إن قطاع الصحة قطاع استراتيجي تتعدد مسؤولية المتدخلين به. فلايعقل أن تخصص له ميزانية لاتتجاوز نسبتها 5.70 بالمئة من الميزانية العامة للدولة. فبهذه النسبة يعد المغرب أحد البلدان الأقل إنفاقا على صحة مواطنيه، خاصة إذا عرفنا أن نصيبهم من ميزانيات الخمس سنوات الأخيرة، لم يتجاوز 4.9 % في أحسن الحالات … وظلت المدن تستفيد من هذه الميزانية على حساب البوادي والمناطق النائية . واستمر المركز يهيمن على الهوامش، ماجعل تخوم الأطلس مثلا، لا تحظى- على العموم- ببرامج صحية فعالة وناجعة، في البنيات والتأطير والتجهيز. وعليه، يتعين وضعها ضمن الأولويات حتى لاتطول وتتعمق معاناة ساكنتها.