العربي الجعيدي: المغرب وإسبانيا هما المدعوان أكثر للعمل جنبا إلى جنب
الثلاثاء 16 يوليوز 2013
يرى العربي الجعيدي، الاقتصادي والخبير في العلاقات الأورومتوسطية، أن الجغرافية والتاريخ أعطيا للمغرب وإسبانيا فرصة لأن يكونا شريكين أساسيين، وأن تربط بينهما علاقات متميزة بالمنطقة الأورومتوسطية. |
قال الجعيدي، في حوار مع يومية “لوماتان”، إن البلدين لهما قواسم مشتركة متعددة، وإرث ثقافي مشترك، وكذلك مصالح وتطلعات مشتركة للمستقبل. واعتبر الجعيدي، بخصوص طبيعة العلاقات المعقدة والمليئة عموما بالمتناقضات وعدم التوازن، أنها علاقات لا محيد عنها وأساسية، مبرزا أن كل المؤشرات تدفع إلى القول بأن المغرب وإسبانيا هما البلدان المدعوان أكثر بالمنطقة الأورومتوسطية للعمل جنبا إلى جنب. وقال إن “طبيعة العلاقات الثنائية التي وقع تطويرها من قبل الشريكين، ترعرعت خلال الستين سنة الماضية، وهذه القدرة على التجدد والتأقلم هي التي مكنت هذه العلاقات من الاستمرار، ومن أن تفرض نفسها، مع الحفاظ على شرعيتها المهمة بالمنطقة”. ويرى الجعيدي أن “العلاقات المغربية الإسبانية تتميز قبل كل شيء بتطوير قدرة التفاوض شبه اليومي بين البلدين، وحوار دائم، يشارك فيه المسؤولون الوطنيون، وجزء من المجتمع المدني، وهو ما يبني سياسة حقيقية للنقاش مع الآخر، نقاش يكون انفعاليا وحادا في بعض الأحيان، لكنه نقاش يبحث عن حوار من أجل التفاهم”. ويوضح الجعيدي أن هذه الخاصية التي تنفرد بها العلاقات المغربية الإسبانية، وتعدد قنوات التبادل على المستويات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، مكنت من وضع وتحقيق ثقة معززة، وتعميق شبكات التعاون والاندماج بين المغرب وإسبانيا، التي أضحت أساسية ولا محيد عنها للسير الجيد لمختلف مستويات اقتصاد البلدين. وأوضح الخبير الاقتصادي أن المغرب وإسبانيا يتقاسمان أحد الحدود الأكثر تفاوتا في العالم، ففي السبعينيات كان الناتج الداخلي الإسباني يمثل 4 أضعاف الناتج الداخلي الخام بالمغرب، أما اليوم فتضاعف 3 مرات، إذ أصبح يمثل 15 مرة أكثر من الناتج الداخلي الخام بالمغرب. وفي حدود مماثلة بجهات أخرى من العالم، سارت الأمور كما يجب، واستطاعت ميكانيزمات الالتقائية أن تنجح في مساراتها، واستحضر بهذا الخصوص نموذج المكسيك والولايات المتحدة، أو ألمانيا وبولونيا. وقال “إن الفوارق بين إسبانيا والمغرب اتسعت، وهي مصدر عدم ارتياح تدعونا إلى تحسين مبادلاتنا المتعددة الأبعاد، أما مصدر عدم الارتياح الثاني، فهو منطقة التوتر، والارتجاجات بمنطقتنا، سواء بشمال أو جنوب المتوسط، فالمنطقة الأورومتوسطية توجد الآن في مفترق الطرق: ففي الشمال، يواجه الاتحاد الأوروبي بارتجاجات مهمة اقتصادية ومؤسساتية، تحد من نجاعته ليصبح فاعلا مركزيا دوليا وجهويا. وفي الجنوب، هناك الربيع العربي”. وحول هذا الوضع، يقول الجعيدي قائلا “كنا في حاجة إلى قاطرة قوية، لكنها ضعفت، ونحن في انتظار أن تقدم أوروبا مقترحا تعبويا للمستقبل. لكننا أمام العديد من المقترحات المتعثرة، فهناك مؤتمر برشلونة، والاتحاد من أجل المتوسط، وهناك سياسة الجوار، وكل هذه المبادرات تنبع من إرادة تحقيق الرفاه والأمن المتبادل، لكن هذه المكونات لا تسير في اتجاه واحد مع نظرة الطرف الآخر، وهي بذلك تربك وتؤثر على نظرة دول الجنوب لشراكتها مع أوروبا”. واعتبر أنه من الأساسي، أمام هذا المعطى، اللجوء إلى إعادة صياغة نموذج للتعاون، انطلاقا من تفكير جماعي حول نمودج اقتصادي مؤسساتي واجتماعي، لمواجهة التحديات المشتركة بين الشمال والجنوب، وقال “لابد هنا أن يكون النمو وخلق الثروات والأمن بكل أبعاده، والطاقة، والحركية، وقضايا المواطنة، ركائز أساسية لهذا النموذج المتوخى”. وحول تطوير العلاقات الثنائية حتى تشكل باعثا على دينامية جهوية في فترة حرجة، أبرز الجعيدي أنه بالإمكان تشخيص مميزات عدة، تمثل أساس العلاقات الإسبانية المغربية، وحدد الميزة الأولى في “نوعية تدبير العلاقات على المدى البعيد، وهذا لا يعني عدم ظهور توترات أو حتى خلافات، فالعلاقات بين البلدين لم تكن باستمرار نهرا طويلا هادئا، لكن نوعية العلاقات تتمثل في إرادة الطرفين الدائمة في تجاوز ما لا يمكن إصلاحه، من خلال الإنصات المتبادل بين مدريد والرباط”. وبخصوص العنصر الثاني في هذه المميزات، أكد أنه يكمن في الرؤية البعيدة المدى بشأن الرهانات الجهوية. وقال “مهما كانت درجة توتر العلاقات، فإن المستقبل يجب أن يصان دائما، فالعلاقات الإسبانية المغربية تقوم على وجود معيار للتعاون، معيار تمخض من اتفاق الصداقة، وهذا الاتفاق يفرض على الحكومتين التشاور باستمرار حول كل القضايا المهمة، خاصة القضايا التي تهم المصالح المشتركة، للتوصل قدر الإمكان إلى اقتراحات تسير في الاتجاه ذاته”. وذكر الجعيدي أن المغرب وإسبانيا يعتبران الشريكين الاقتصاديين الأولين لبعضهما البعض (13 في المائة من الصادرات المغربية توجه نحو إسبانيا، التي توجه إلى المغرب 9.6 في المائة من صادراتها)، كما أن هناك 850 مقاولة إسبانية بالمغرب تشغل الآلاف، إلا أن هناك بعض المقاولات المغربية فقط بإسبانيا، التي أصبحت، سنة 2012، أول شريك اقتصادي للمغرب. واعتبر الجعيدي أن الطابع المتعدد الأبعاد، وحضور المقاولات الإسبانية بالمغرب، يعطيان استمرارية لعلاقة التعاون، مشيرا إلى أن مبادلات السلع والخدمات تتأسس على مفصل أنظمة الإنتاج. كما أن “التعاون الاقتصادي والمالي مدعم بتعاون تقني، وثقافي، وعلمي. وإضافة إلى ذلك، هناك البعد الإنساني القوي في العلاقات، كما أن البلدين لا تربطهما فقط عناصر أقامتهما الدولتان، بل هناك علاقات متعددة الفاعلين، وهو ما يساعد على تنوع العلاقات واستدامتها”. عن موقع الصحراء المغربية |