بعد الأزمة الاقتصادية العالمية في سنة 2008، عزمت الولايات المتحدة الأمريكية على الانسحاب العسكري الاستراتيجي من منطقة الشرق الأوسط، إلى منطقة آسيا الباسيفيك، وفقاً لمبدأ إعادة التوازن لآسيا، عبرت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك بالقول: «مثلما كان القرن العشرون هو قرن المحيط الأطلسي، فإن القرن الحادي والعشرين هو قرن المحيط الهادي بالنسبة إلى الولايات المتحدة».
كانت منظمة شنغهاي للتعاون، قد بدأت في الإعلان الرسمي عن نفسها سنة 2001 بانضمام أوزبكستان إلى أعضائها المؤسسين (الصين – روسيا – كازاخستان – قيرغيزستان – طاجيكستان)، وكانت الأهداف المعلنة للمنظمة هي مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف والحركات الانفصالية والتصدي لتجارة الأسلحة والمخدرات.
إن الرواية مقروءة مسبقاً داخل شنغهاي، والصيد الثمين معلوم لدى النخبة في واشنطن، وهذا الصيد لا بد له من شبكة تلك الجماعات الإرهابية، من جيوش القاعدة، التي سيتم تجهيزها وتدريبها على القتال واستخدام الأسلحة المتطورة في منطقة الشرق الأوسط، أما الطعم فهو المساحة المشتركة بين هذه الشبكة، وتلك الخلايا النائمة داخل المنطقة المحورية على رقعة أوراسيا، هذه المجتمعات الإسلامية على الحدود الروسية – الصينية، سواء ناحية دولة القوقاز والجمهوريات الإسلامية المتبعثرة في شمالها الشرقي على الأراضي الروسية، أو تلك الجمهوريات السوفييتية القديمة التي تشترك حدودها مع روسيا والصين.
إن الكيفية التي تأسست خلالها منظمة شنغهاي سنة 2001، وكيف شرعت في تأسيس حلقات من شبكات متعددة الأطراف من العلاقات الخارجية، ارتكازاً إلى مواجهة الإرهاب والمجموعات الانفصالية، مروراً بعقد اتفاقيات دولية مع تكتلات اقتصادية متعددة من داخل وخارج القارة الآسيوية، إلى أن بدأت هذه المنظمة بمرور الوقت ترسم ملامح عالم جديد متعدد الأقطاب، يسير جنباً إلى جنب مع مجموعة البريكس، ومؤسسات مالية ومصرفية وليدة.
إن انضمام باكستان والهند إلى شنغهاي، جعل من هذا التكتل الإقليمي تحالفاً يتألف من أربع دول نووية من الشرق، ما يعني تحقيق توازن استراتيجي مع الجانب الغربي على رقعة أوراسيا، والذي يضم ثلاث قوى نووية هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
وفي حسابات التوازن الدولية أصبحت شنغهاي – بريكس بقيادة الصين وروسيا عامل إغراء حتى لدول من خارج الإقليم، مثل مصر التي حضرت اجتماعات قمة شنغهاي كدولة مراقبة سنة 2014، ثم شاركت في اجتماع قمة بريكس في شتمبر 2017.