لم تكن وثيقة حدود الدم للجنرال رالف بيتر المتقاعد من الاستخبارات العسكرية الأمريكية والتي نُشرت بالمجلة العسكرية الأمريكية عدد يونيو 2006 سوى بنات أفكار آوديد يونين وقد احتوت على خرائط بالعربية تُحدد معالم وتُرسم حدود الشرق الأوسط الجديد دون استحياء، بأسلوب القص واللصق للأراضي المتاخمة للدول وجوارها العربي. وبالتأكيد هذه الوثيقة تتوافق وأفكار الداهية الجيوسياسي زبيغيو بيرجينسكي التي وضعها فى كتابه الشهير “رقعة الشطرنج العظمى”
حيث كتب يقول”:إن أمريكا الآن هي القوة العظمى الوحيدة، والأوراسية وتشمل أوروبا وآسيا ومنطقة البحر المتوسط وقناة السويس هي ساحة المواجهة الأساسية في العالم. وبالتالي ما يحدث لتوزيع القوى في قارة أوراسيا، سيكون هو العامل الحاسم في الهيمنة الأمريكية على العالم وفي التاريخ الأمريكي .
ولكن كيف سيصنعون لنا إسلام يناسبهم قبل توصيل الدائرة الكهربائية التى سماها وولزي بالثورات التي ستسقيهم نخب انتصاراتهم وكأنه قد استشرف المستقبل منذ 2006!!.
في وثائق المخابرات البريطانية التي تسربت إلى صحيفة صنداي تايمز، نجد اسم الداعية عمرو خالد محاطًا بخطوط حمراء. ففي تقرير مثير نشرته الـ صنداي تايمز في 30 مايو 2004، بعنوان: “خطط بريطانيا السرية للفوز بعقول وقلوب المسلمين”.
تحدث التقرير عن وثائق سرية تخص جهاز المخابرات البريطانية MI6 تكشف عن خطة محكمة لتفريغ عقول المسلمين من أية أفكار تتعلق بتبني الحدود الإسلامية، والعمل على توفير دعاة جدد يقومون بتنفيذ هذه الخطط، واستمالة أكبر قدر ممكن من الشباب المسلم لصالح الاندماج في نمط الحياة الغربية وبالذات المتعلمين منهم بشكل جيد، والذين يمتلكون خبرات التعامل مع التكنولوجيا.
هذه الاستراتيجية الجديدة في التعامل مع العالم الإسلامي، لم تخص تيار الإسلام الاجتماعي فقط في لعبة الأفكار هذه بل هناك حلقة أهم داخل المنظومة، وهي تيار الإسلام السياسي كشف عنه تقرير أعده المحلل السياسي الأمريكي “ديفيد كابلان ونشرته مجلة “يو إس نيوز آند ورلد ريبورت”، بعدد 17 أبريل 2005 .
التقرير أعده كابلن بعد اطلاعه كما صرح على عشرات الوثائق الرسمية الأمريكية، وبعد لقائه بأكثر من مائة من صنّاع القرار الأمريكيين ومسؤولي المخابرات الأمريكية، وسؤالهم عن إستراتيجية التعامل مع العالم الإسلامي في السنوات المقبلة، التقرير يصدمك بداية من عنوانه : “عقول وقلوب ودولارات: في جبهة غير مرئية في الحرب على الإرهاب تقوم الولايات المتحدة بإنفاق الملايين لتغيير وجه الإسلام ذاته”.
إذن من العنوان يتضح جليًّا أن الإسلام هو المستهدَف، وأن أجندة الحرية لبوش الابن لم تكن للحرب على الإرهاب، كما ادعوا ، بل كانت للحرب على الإسلام لتغيير وجه الإسلام ذاته.
التقرير مكوّن من12 صفحة، وفي فقراته الأولى تجد نصًّا: “في حين تستمر ألعاب الحرب(حرب العراق) بدأت حرب أخرى فريدة من نوعها، أول حرب تعتمد على التواصل الإستراتيجي كما يسميه داعموها. حيث العام 2003، واللاعبون الأساسيون في الحكومة الأمريكية الذين يتوِلَّوْن حرب الأفكار ضد الإرهاب، قد اجتمعوا في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن.
الحاضرون كانوا خبراء في إدارة الأزمات من البيت الأبيض، ودبلوماسيين من وزارة الخارجية الأمريكية، وخبراء العمليات النفسية من البنتاجون، وقد أدركوا أن الحرب المباشرة الصريحة ليست هي الخيار، وأن جبهة أخرى أهم كثيرًا يجب أن يتم تفْعِيلها، ألا وهي جبهة المعركة من أجل تغيير العقول والقلوب تستخدم فرق عمليات الحرب النفسية إلى عمليات مخابراتية خفيّة للسي آي إيه، إلى تمويل صريح للإعلام والمفكرين.
واشنطن تضخ ملايين الدولارات في هذه الحملة لتغيير ليس المجتمعات الإسلامية فحسب، وإنما الإسلام ذاته (هكذا النص حرفيًّا (وقضي بأن يتم العمل من خلال أطراف ثلاثة متمثلة في دول إسلامية معتدلة )وقع الاختيار على قطر وتركيا فيما بعد( ومؤسسات (منظمات مجتمع مدني) ومجموعات إصلاحية تتبنَّى قيمًا مشتركة مثل الديمقراطية وحقوق المرأة وقبول الآخر.
إذن نحن في هذا التقرير أمام مثلث الرعب لاسقاط الدول: قيادة العثمانلي الجديد آردوغان لمشروع التقسيم عبر هذه الثورات، بأموال وآلة إعلامية قطرية – منظمات مجتمع مدني والتي كشفت وثيقة الاستخبارات الأمريكية التي تم الافراج عنها بحكم قضائي وبموجب حرية تداول المعلومات عن دور السفارة الامريكية في دعم وتمويل هذه المنظمات في مصر لإحداث الثورة وتغيير النظام – مجموعات إصلاحية كحركة كفاية و 6 إبريل ونشطاء السبوبة وشباب الإخوان من سيتم دعمهم وتدريبهم عبر دكاكين الديمقراطية الغربية ليعودوا تحت حماية المنظمات الحقوقية يقرضوا جدران الدولة المصرية.
وفي أخر فقره بالتقرير يكشف ديفيد على لسان ميلت بيردن العنصر السابق في السى آي إيه الذي عمل لمدة 30 عاما فى المجتمعات الإسلامية. إن الإخوان المسلمين هم على الأرجح جزءاً من الحل أكثر من كونهم جزءاَ من المشكلة، ويقطع بيردن بوجود لقاءات بين ضباط في المخابرات الأمريكية وبين الإخوان المسلمين .
إذن من تقرير كابلان يمكننا أن نتفهَّم التوصيات التي خرجت بها مجموعة الأزمات الدولية ومقرها “بروكسل “بعد ستة أشهر من صدور هذا التقرير بعضوية الدكتور البرادعي.
فتحتَ عنوان”الإصلاحات في مصر” وفي 4 أكتوبر 2005 وضعت المجموعة ثلاث توصيات لمواجهة المُعَوِّقات التي تواجه مسار الإصلاح السياسي في مصر، كانت الأولى منها موَجّهةً إلى حركة كفاية وأحزاب المعارضة المصرية، والثانية إلى الإدارة الأمريكية، أما التوصية الثالثة والأهم، فكانت موجهة للحكومة المصرية، حيث أوصت نصًّا، :أولا: إضفاء الشرعية على الإخوان المسلمين والسماح لهم بتكوين حزب سياسي والمشاركة في حوار مفتوح حول القضايا السياسية.
عام من توصيات مجموعة الأزمات تخرج علينا مؤسسة راند البحثية التابعة للقوات الجوية الأمريكية (إحدى مؤسسات أوعية الفكر) بدراسة وتوصيات للإدارة الأمريكية بعنوان “بناء شبكات مسلمة معتدلة” أواخر سنة 2007، انطلقت هذه الدراسة الشيطانية من التجارب السابقة، لامريكا التي لعبت دورًا غاية في الأهمية أثناء الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي من خلال دعمها للمعتدلين من السوفيت وكيف قامت امريكا ببناء ودعم هذه الشبكات في الحرب الباردة، وكيف استطاعت أن تميز وتحدد شركاءها من الاحتجاجيين والمنشقين وحركات التمرد، وكيف تمكنت من حمايتهم من أية مخاطرعبر المنظمات الدولية.