يمر اليوم أسبوع على اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقراره الاستفزازي بنقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى مدينة القدس والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل. خلال هذا الأسبوع أفرزت التطورات والوقائع ما يلي:
أن هناك رفضا عارما لقرار ترامب عبرت عنه جل عواصم العالم بمختلف القارات، واعتبرته تهديدا للسلام وانحيازا سافرا للكيان الإسرائيلي ودعما له في تكريس سياسات الاحتلال، وهذا الرفض عبرت عنه الحكومات والشعوب .
فطيلة السبعة أيام الأخيرة خرجت مظاهرات عارمة عفوية ومنظمة تندد بخطوة الرئيس الأمريكي، وصدرت بيانات وتصريحات رسمية في أكثر من مئة عاصمة. وهذا الإجماع الدولي، بالإضافة إلى أنه يقف مع حق الشعب الفلسطيني ومع خيار مفاوضات السلام، فإنه يمثل رد فعل ضد السياسة الأمريكية الجديدة التي ينتجها يمين لا يتوانى عن ضخ حمولات من التوتر في العلاقات الدولية.
ففي باريس مثلا، دعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو، إثر اجتماعه به، أول أمس، إلى اتخاذ «مبادرات شجاعة تجاه الفلسطينيين للخروج من المأزق الحالي»، وضرورة تجميد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي لندن أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أن المملكة المتحدة ” لا توافق” قرار ترامب الذي” لا يخدم” جهود السلام في المنطقة، وفي موسكو وبكين كان الموقف أكثر حزما : إدانة للقرار.
ثانيا، كانت مواقف المنظمات الدولية والإقليمية والجهوية واضحة في رفضها للقرار، هذا ما شهده الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن، وما قاله الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس أول أمس : «القرار الذي تم اتخاذه الأربعاء يمكن أن يقوض جهود السلام ويعيقها ويضر بها».
إنه إجماع بأن ترامب انتهك كل القرارات الدولية وداس بخطوته هاته على الشرعية، وأن ذلك، بالإضافة إلى أنه يسلب حقوقا، فإن من شأنه أن يفجر أوضاعا ويشعل مواجهات ويسقط أرواحا ويخلق مآس جديدة.
ثالثا ، في هذا الأسبوع كان المغرب على موعد مع التزاماته ومواقفه المبدئية، لقد تميز بالموقف الرسمي الذي عبرت عنه مبادرات جلالة الملك وأكد أن بلادنا في مستوى مسؤولياتها بكل وضوح، وترجم هذا الموقف ما أعلنت عنه الحكومة والبرلمان الذي عقد،أمس، جلسة مشتركة لمجلسيه، عبرت خلاله مختلف القوى السياسية عن دعمها للحق الفلسطيني ورفضها القاطع للقرار الأمريكي، وهو ما ينسجم ومواقف الأحزاب المغربية.
وشعبيا كانت المسيرة العارمة التي احتضنتها الرباط، أول أمس، تجسيدا لهذا الإجماع الوطني بمختلف مستوياته ومكوناته، مسيرة كان شعارها المحوري: رفض لقرار ترامب، دعم ومساندة للحق الفلسطيني.
نتمنى أن تراجع الإدارة الأمريكية قرارها وأن تستدرك موقفها خدمة للسلام، وأن تعطي جرعة ذات مصداقية للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وأن تتخلى عن سياسة الانحياز للاحتلال .
إن العالم أعلن رفضه لخطوة ترامب وأن هناك إرادة فلسطينية، كما عودنا هذا الشعب العربي على مر التاريخ، ستضحي جسام التضحيات من أجل حق تاريخي شرعي ومن أجل القدس عاصمة لفلسطين ..عاصمتها الأبدية.