الحموشي يدعو الى فضح من يبتز المتبارين لدخول سلك الشرطة..

الآن نحن أمام دعوة صريحة وغير مسبوقة، لها قوة الأخلاق، كما أن لها أيضا صرامة مرفق عمومي، إداري، أمني، يشكل درعا من أدرع الدولة الرئيسة، إن لم يشكل إحدى تجسيداتها الأكثر ملموسية، والتي تملك شرعية العنف الوحيدة، باسم الدولة نفسها، والتي لا يمكن أن تترك عرضة للابتزاز العام الذي صار مقابلا موضوعيا لتفكك القيم، وأسلوبا”معترفا به” من لدن عموم المواطنين!

اعتدنا القول،‮ ‬مع‮ ‬الفرنسي‮ “‬ايميل شارتيي”‮ ‬المشهور باسم‮ “‬آلان‮” ‬إن‮ ” ‬الأخلاق تبدأ من حيث‮ ‬ينتهي‮ ‬البوليس‮”‬،‮ ‬بيد أنه صار ممكنا لنا أن نسائل حكمة فيلسوف فرنسا‮:‬ ماذا لو ولدا معا،‮ ‬من عقد ازدياد‮ مشترك بسيط؟
‮ ‬ذلك له ما‮ ‬يبرره،‮ ‬إذ لم‮ ‬يكن البلاغ‮ ‬الذي‮ ‬أصدرته المديرية العامة للأمن الوطني‮ ‬بلاغا عاديا،‮ ‬ولا‮ ‬ينبغي‮ ‬له‮..‬ أن‮ ‬يكون كذلك‮.‬
والسبب بسيط للغاية،‮ ‬ألا وهو أن ما‮ ‬يبشر به‮ ‬يعد أكبر رجة ممكنة في‮ ‬تاريخ الوظيفة الأمنية‮‬ تمت في‮ ‬هدوء‮ ‬يشبه أصحابه‮ ‬في‮ ‬المهنة والمهمة‮،‮ ‬فيها التخليق العميق‮،‮ ‬من باب مواجهة الواقع بشجاعة‮!‬

فقد كان ضربة في‮ ‬عش اليعاسيب،‮ ‬ونقطة نظام حقيقية‮ ..‬في‮ ‬قضية كان‮ ‬يحيط بها الخوف أكثر ما‮ ‬يحيط بها‮ .. ‬الأمن‮!‬
هي‮ ‬قضية التوظيف في‮ ‬أسلاك الشرطة المغربية‮.‬
فقد دعا الحموشي‮،‮ ‬المدير العام ومدير الديستي‮، ‬إلى‮ “‬فضح‮” ‬كل الذين‮ ‬يبتزون المرشحين للأمن من أجل دخول أسلاكه‮..‬
وقد‮ ‬يبدو كما لو أن الرجل‮ ‬يذكر بالبدهيات التي‮ ‬تستند إليها أية وظيفة عمومية في‮ ‬بلاد الدنيا الواسعة بجهاتها الأربع‮.‬
غير أن واقع الأمر،‮ ‬عند التمحيص،‮ يفوق ما هو‮ “‬بديهي‮” ‬في‮ ‬التقدير المنطقي‮ ‬والمعقول‮.‬

لهذا لا بد من أن نتفق أولا أن سؤال التحري‮ ‬المعروف عند كل مفتش شرطة أو كاتب روايات بوليسية‮ : ‬من المستفيد من الجريمة،‮ (‬والابتزاز من أجل الوظيفة جريمة موصوفة‮) ‬لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يحيل إلا‮ على من‮ ‬يملك الطريق إلى ذلك،‮ ‬وهي‮ ‬عادة طريق السلطة أو الجاه أو المظلة السياسية‮..‬
‮ ‬

وعليه فإن‮ هذه الخطوة المعلن عنها من طرف الرجل الصامت في‮ ‬المملكة،‮ ‬ستغضب، أولا وأخيرا، كل الذين اعتادوا العمل على هذا السجل،‮ ‬وهم ولا شك من الذين لهم علاقة‮ ‬
1‮ ‬بالمباراة
2‮ ‬بالامتحانات
3‮ ‬بالنجاح‮ ‬
‮ ‬4‮ ‬بإعلان النتائج
‮ ‬وأخيرا القبول النهائي،‮ ‬
وحسب التتبع‮ ‬المنطقي‮ ‬أو التسلسل في‮ ‬الوقائع‮‬،‮ ‬لا‮ ‬يمكن لكل واحد معني‮ ‬به،‮ ‬أن‮ ‬يكون خارج أسلاك الأمن،‮ ‬أو الدولة أو الأجهزة القادرة على منح منصب‮ ما بطريقة ما‮..‬

وبطبيعة الحال كل المتاجرين بأسماء الأجهزة والعلاقات والنسب، وغير ذلك من أدوات تبسيط الحياة في‮ ‬مغرب الشروط الصعبة‮..‬.
‮ ‬

وأعتقد‮، ‬والله أعلم، أن الزلزال الذي‮ ‬سيحس به الناس هو هذا الذي‮ ‬يرتبط بهم وبأبنائهم وبوظيفة تعتبر عادة صك أمان وطريق الحياة العمومية القارة في‮ ‬زمن‮ ‬يتحدث الجميع فيه عن عدم مرونة سوق الشغل و استقراره ‮..
‮ ‬كثيرون،‮ ‬من أفراد العائلات‮ ‬وغيرهم، سيشعرون بأنهم كانوا على‮ ‬صواب عندما كانوا‮ ‬يخافون النصابين‮ ‬والمرتشين‮ ‬التأثير على‮ ‬نتيجة المباراة‮،‮ ‬حتى أنه صار عندنا‮ ‬يقين تام بأن‮ الاشياء بـ«الفلوس والوجهيات‮»..‬
‮ ‬

وقوة القرار،‮ ‬على المديين البعيد والمتوسط هو أنه‮ ‬يشكل عقد تحصين ضروري،‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬اخترقت فيه الرشوة والفساد،‮ ‬كل مستويات الوظيفة العمومية‮،‮ ‬وفي‮ ‬الوقت الذي‮ ‬أصبح فيه معيار الرشوة ثابتا في‮ ‬تقييم أداء كل أجهزة الدولة المغربية الحديثة،‮ ‬من القضاء إلى البوليس‮ …‬مرورا بالأحزاب والصحة وغيرها من المرافق‮.‬
‮ ‬وهو تحصين‮ ‬يزيد من احترام رجال الأمن،‮ ‬أكثر مما هو عليه الأمر،‮ ‬وارتفاع نظرة الناس إلى درجة الاستحقاق: كل من تراه في‮ ‬الشارع ببذلته الأمنية تدرك بأنه‮ ‬يستحقها وأنه لا‮ ‬غبار‮ على شغله المنصب‮..‬

لقد سبق أن امْتنَّ‮ ‬المغاربة لرجال الأمن عندما سقطوا شهداء الواجب،‮ ‬سواء في مواجهة العمليات الإرهابية أو في‮ ‬مواجهة عتاة المجرمين‮ ‬أو عندما تساقطوا تباعا جراء الاعتداء الشنيع الإرهابي‮ ‬لانفصاليي‮ ‬اكديم ايزيك‮ ..‬
وصار‬أفراده جزءا من موكب الشهداء الذي‮ ‬يرفعه المغاربة إلى الدرجة المستحقة من التقدير والافتخار‮..‬
و الآن نحن أمام دعوة صريحة‮ ‬وغير مسبوقة، لها قوة الأخلاق‮، كما أن لها أيضا صرامة مرفق عمومي،‮ ‬إداري،‮ ‬أمني، يشكل درعا من أدرع الدولة الرئيسة،‮ ‬إن لم‮ ‬يشكل إحدى تجسيداتها الأكثر ملموسية،‮ والتي‮ ‬تملك شرعية العنف‮ ‬الوحيدة‮‬، باسم الدولة نفسها،‮ ‬والتي‮ ‬لا‮ ‬يمكن أن تترك عرضة للابتزاز العام الذي‮ ‬صار مقابلا‮ موضوعيا لتفكك القيم‮،‮ ‬وأسلوبا”معترفا به‮” ‬من لدن عموم المواطنين‮!‬

‮ ‬من الواضح أن السرعة التي‮ ‬انتشرت بها‮،‮ ‬بعض القيم‮ ‬المدمرة،‮ ‬كانت مفرطة،‮ ‬للغاية،‮ ‬وأن‮ ‬البوليس مطالب اليوم بأن‮ “‬يوقف‮” ‬أصحابها،‮ ‬
وتسجيل محضر معاينة‮!‬
وكذلك كان‮..‬
المطلوب أن تصيب العدوى كل الوظائف الأخرى،‮ ‬ولعل أولها،‮ ‬بعد البوليس‮: ‬القضاء‮!‬
أليس هذا الأمر‮ منطقيا عند اعتقال أي‮ ‬ظنين؟‮ ‬

الثلاثاء 12 دجنبر 2017./ 25 ربيع الاول 1439 هج.

‫شاهد أيضًا‬

عندما توسط الحسن الثاني بين شاه إيران والخميني * عمر لبشيريت

يحكي عبداللطيف الفيلالي رحمه الله، وزير الخارجية والوزير الأول الأسبق، أن اتصالات المغرب ب…