ضمر الفرس العداء للعرب منذ دخولهم الإسلام بعد أن اسقطوا لهم عروشهم وحولوهم من ملوك واسياد إلى موالي وعبيد على يد الصحابة الثلاثة أبو بكر الصديق والفاروق عمر وعثمان بن عفان رضوان الله عليهم.
سقط الفرس في معركة نهاوند 19هـ وقتل يذدجرد الثالث أخر ملوك آل ساسان 31هـ وسقطت أبنته شهربانو اسيرة في يد العرب وقد تزوجت من سيدنا الحسين رضى الله عنه فوجدوها الفرس فرصة هائلة للوصول إلى الحكم بزعم احقيتهم في الخلافة على اعتبار ان دمائهم من أبناء شهربانو تجرى في عروق آل بيت رسول الله.
من هنا جاءت فكرة التشيع لـ آل البيت كعنوان يلتف حوله سائر المسلمين، وتمكن الفرس بمساعدة اليهود من تحويل فكرة التشيع النبيلة إلى هدف سياسي للوصول إلى الحكم واستعادة عروشهم المفقودة.
بدأت المؤامرة في ثوب التشيع لعلي فقتلوا سيدنا عثمان بفتنة كبرى لعب فيها عبد الله بن سبىء اليهودي اليمني دور البطولة بعد ان حشدوا رؤؤس الفتن من مصر والكفوفة والبصرة.
شق التشيع جسد الأمة الإسلامية وانقسمت بين نظرية الخلافة شورى بين المسلمين، التي يؤمن بها السواد الأعظم من المسلمين ويشار لهم بالأمويين، وبين نظرية تقول إن الخلافة حق في بيت النبوة وتمتد عبر الذرية فلا تخرج عنه، وهم الأقلية من الهاشميين، وقد انشطر البيت الهاشمي إلى جماعة العلويين من نسل سيدنا علي، والعباسيين من نسل العباس عم النبي (ص) .
سجل عليهم التاريخ تأمرهم مع العباسيين لإسقاط الدولة الأموية التى ظلت 91 عاما ظنًا منهم أن العباسيين سوف يعاونونهم على الوصول إلى الحكم فظلت الدولة العباسية طيلة 524 عاما.
شهدت هذه المحطة من تاريخ الفرس عصمة الأئمة التى لا يأتيها الباطل لا من أمامها ولا خلفها إذ ساقت فرقة الشيعة العلوية الإمامة في اثني عشر إماما. بدأت مع علي بن أبي طالب وأبنائه الحسن والحسين، وحتى الأمام الحادي عشر أبو محمد الحسن بن علي العسكري.
بدأت القصة بوفاة الإمام العسكري في عهد المعتمد، ولم ينجب، فوقعت الشيعة في حيرة وتخبط، حتى ادعت الغالبية منهم زعمًا باطلا أن الأمام له ولدًا عمره خمس سنوات لم يظهر على الناس وهو الإمام الثاني عشر.
فقالوا إنه دخل سردابًا في دار أبيه بسامراء، وسيظهر فيملأ الدنيا عدلًا كما ملئت جورًا، ويسمونه المهدي المنتظر، والشيعة ينتظرون خروجه من ذلك السرداب.
ظلت رمزية المهدي إلى اليوم تميمة استعادة عروش الفرس، فمع كل دورة من دورات الزمن يدعون ظهور هذا المهدي الذى يآمرهم بالقتال للحفاظ على العتبات المقدسة ليتثني له الظهور ويملأ الأرض عدلًأ.
تمكن الفرس مع نهايات الدولة العباسية من استعادة امبراطوريتهم الفارسية بالدولة الفاطمية على مذهب الشيعة الاسماعيلية من عام 909م حتى 1171م .
الدولة البويهية بالعراق، والقرامطة في الحجاز والبحرين، والفاطمية من ساحل المغرب حتى مصر وبلاد الشام. إلى ان هاجمهم السلاجقة الأتراك وقضى عليهم الناصر صلاح الدين في القاهرة، وأنهى الظاهر بيبرس على آخر قلوعهم في بلاد الشام؟.
سقطت الخلافة العباسية على يد غزاة المغول بتواطؤ من الفرس المجوس، ثم قامت دولة المماليك بمصر والشام معتلية زعامة العالم الإسلامي، ومع بزوغ نجم العثمانيين وتسيدهم للزعامة حتى 1923.
في تلك الأجواء ظهرت الدولة الصفوية الشيعية الفارسية أوائل القرن السادس عشر لتتآمر مجددا على الإسلام ليسجل عليهم التاريخ تآمرهم على المسلمين عام 1515 حينما تحالفوا مع البرتغال لضرب العثمانيين، وكان ضمن بنود الحلف زحف مشترك على القدس والقاهرة، وفي عام 1534 تحالفوا مع الأسبان ضد السلطان العثماني سليمان القانوني، وفي العام 1603 تحالفوا مع النمساوين ضد السلطان محمد خان الثالث الذى كتب له في رسالته الشهيرة: إنك مع الكفرة على اتفاق، ومع المسلمين الموحدين في نفاق، توهمت أنك تستطيع أن تغافل سلطان العالم وخادم الحرمين.. هيهات.
ثم تحول ولاء الصفويين إلى الإنجليز الحصان الفائز بالمنطقة بعد أن كانوا في بداية الأمر على صلة بالبرتغاليين الذين وصلوا إلى المنطقة كطلائع للمستعمرين.
لكنهم لم يتمكنوا من الزعامة حتى وهنت الدولة الصفوية وتفككت قلاعهم على يد الأمبراطورية الروسية.
خرجت إيران على انقاض الدولة الصفوية عام 1924 تحت حكم الشاة محمد رضا بهلوي، حتى اندلعت الثوة الإسلامية للخميني عام 1979، فكانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية التى تبنت لغة الخطابة المعادية لأمريكا للقضاء على القوة الماركسية الشيوعية بالداخل الإيراني وترسيخ حكم الخوميني.
وأثناء أزمة احتجاز الإسلاميين 66 دبلوماسي أمريكي في طهران، كان الجمهوريون يمدون طهران بالسلاح في حرب الخليج الأول ما عُرف إعلاميًا بفضيحة إيران كونترا. فالتنسيق قائم مع أمريكا ولا قلق من ناحية إيران كما قال كولين باول وزير خارجية أمريكا الأسبق قبل الغزو الأفغاني بستة أشهر: “إيران لا تشكل خطرًا على المصالح الأمريكية في المنطقة”.
فبالتأكيد الجمهورية التي أحيتها أيادي الغرب من رحم الصفويين كمذهب طائفي قامت على أساسه دولة، وُجدت لتبرر إقامة الدولة اليهودية في إسرائيل.
وبعد قرابة العامين على الغزو الأفغاني عاد أحفاد الصفويين للعب نفس الدور التآمري مع الأمريكان أثناء وبعد الغزو العراقي عام 2003. وحينما اتهم الرئيس الأمريكي بوش الابن، الدولة الإيرانية بمساندة الإرهاب، رد عليه الرئيس هاشمي رافسنجاني قائلًا: “لولا إيران ما استطاعت أمريكا دخول العراق وأفغانستان” ويبدوا من كياسة رافسنجاني تجنب الإعلان عن بدء فاعليات ربيع واشنطن في مناطق نفوذ الامبراطورية الفارسية القديمة بتميمة المهدي المنتظر الذى ظهر في ميادين وعواصم الثورات العربية2011.
لا ندعي على أحد فهذا تصريح طائفي للجنرال الإيراني قاسم سليماني:”إيران استطاعت أن تصدر ثورتها الإسلامية من البحرين للعراق، ومن سوريا إلى اليمن وشمال أفريقيا”.
وهو تصريح لاحق لما ذكره الخامنئي نفسه قبل عامين، يوم تنحي مبارك في 11 فبراير 2011، حينما قال في خطبة الجمعة التي استخدم في جزئها الثاني اللغة العربية لأول مرة: “إن ما يحدث في ميدان التحرير بمصر ما هو إلا الثورة الإسلامية الإيرانية”، كما أشار مستشار الرئيس الإيراني بتبجح في مارس 2015 إلى الإمبراطورية الإيرانية وعاصمتها بغداد.
تلك التصريحات التي عبرت بصورة دقيقة عن تحركات إيران في المنطقة العربية مرتدية ثوب الطائفية ليؤكدوا مرة تلو الأخرى أنهم يسيرون على خطى أجدادهم الفرس المجوس.
أكدها نائب ولاية طهران، على رضا زاكاني، المقرب من مرشد الثورة سبتمبر 2014: “الآن ثلاث عواصم عربية باتت بيد إيران، بيروت ودمشق وبغداد، وقبل أيام لحقتها رابعة هي صنعاء… فثورة الحوثيين في اليمن امتداد للثورة الخومينية”.
وهكذا رقص الملك سلمان رقصة العرضة بجوار الأمير تميم بالدوحة حزنًا على العالم الإسلامي.