تحتضن العاصمة الايفوارية أبيدجان يومه الاربعاء وغدا الخميس القمة الخامسة للاتحادين الافريقي والأوروبي، بعد أول محطة من نوعها شهدتها العاصمة المصرية القاهرة في سنة 2000 والتي اتفق خلالها الطرفان على إعطاء بعد جديد للشراكة، التي تربط بينهما كتجمعين قارين وكدول.
في مسار السبعة عشر عاما، حدثت تحولات عدة سياسية واقتصادية واجتماعية بهذين الفضاءين، وبرزت مساحات توتر وتولدت ملفات متعددة وجميعها وغيرها، أثرت بشكل قوي في علاقات الاتحادين بعضهما ببعض. لكن يبقى موضوعان، في غاية الأهمية ومحورا الاهتمام وطليعة الأولويات، هما: التنمية مطلب إفريقيا، والهجرة هاجس أوروبا، وهما ما سيتصدر هذه القمة،التي تعقد لأول مرة في بلد جنوب الصحراء الكبرى. ويبدو أن الشعار الذي ستنضوي تحته الجلسات، ذو دلالة تختزل هذين الملفين، وهو» الاستثمار في الشباب لضمان مستقبل مستدام»، إذ له علاقة وطيدة بهما حاضرا ومستقبلا.
المغرب، الذي استعاد مقعده بالاتحاد الافريقي، يعد -اليوم- فاعلا رئيسيا في أولويات افريقيا .وللزيارة الملكية للكوت ديفوارعشية القمة، أكثر من رسالة خاصة، وبرنامجها يحتوي على تدشين مشاريع كمساهمة من المغرب في حقول التنمية بالقارة السمراء. وهنا، لابد من التذكير بأن جلالة الملك، يولي أهمية قصوى لهذا الملف،حيث شملت الزيارات، التي قام بها جلالته إلى العديد من دول القارة، تدشين منشآت تنموية أو توقيع اتفاقيات . ولنذكر في هذا السياق بما قاله جلالته في القمة 28 للاتحاد الافريقي، التي انعقدت بأديس أبابا في يناير 2017، وهو يؤكد التزام المغرب بتحقيق التنمية والرخاء للمواطن الإفريقي : «منذ سنة 2000، أبرم المغرب مع البلدان الإفريقية، حوالي ألف اتفاقية، همت مختلف مجالات التعاون. وعلى سبيل المقارنة، هل تعلمون أنه بين سنتي 1956 و1999، تم التوقيع على 515 اتفاقية، في حين أنه منذ سنة 2000 إلى اليوم، وصل العدد إلى 949 اتفاقية، أي حوالي الضعف؟
خلال هذه السنوات، ارتأيت شخصيا، أن أعطي دفعة ملموسة لهذا التوجه، وذلك من خلال تكثيف الزيارات إلى مختلف جهات ومناطق القارة.
وتم التوقيع أيضا، خلال كل واحدة من الزيارات 46، التي قمت بها إلى 25 بلدا إفريقيا، على العديد من الاتفاقيات في القطاع الخاص…».
أما فيما يخص الهجرة، والتي على القمة إيجاد مقاربة ناجعة لمعالجتها، فإنها من تداعيات اللاتنمية، وبؤر التوتر والصراعات، التي تعرفها إفريقيا .وقد أعلن جلالة الملك ، كما هو معلوم من خلال الرسالة الملكية الموجهة للقمة الافريقية ال 29 أنه يعتزم باعتبار جلالته مسؤولا لقيادة مسألة الهجرة، « تقديم مساهمة تتمحور حول ضرورة تطوير تصور إفريقي موحد لرهانات الهجرة وتحدياتها، يكون الهدف الأول منه تغيير نظرتنا تجاه الهجرة، والتعاطي معها، ليس كإكراه أو تهديد، بل كمصدر قوة إيجابية…» من خلال «مقاربة خلاقة من شأنها تقييم أسبابها وتداعياتها وكذا التفكير في الحلول المتاحة، لاسيما عبر إقامة تناسق بين سياسات التنمية والهجرة».
إن المغرب الحريص على المساهمة في تنمية القارة الافريقية وتعميق الشراكة مع الاتحاد الاوربي لمعالجة الملفات الاستراتيجية، فإنه يؤكد أن من الثوابت، التي لا تنازل عنها، وحدته الترابية والمس بأقاليمه الصحراوية .
لذلك، فإنه يرفض سياسات الابتزاز، التي تنهجها الجزائر، التي لايهمها في القمم الافريقية مع التجمعات القارية أو مع الدول المصنعة (القمة الافريقية العربية- القمة الافريقية اليابانية…)، سوى أن تقحم صنيعتها الجمهورية الوهمية في هذه القمم، ليس مراعاة لسكان الصحراء، الذين تفرض على جزء منهم متواجدين فوق ترابها،العيش في ظروف قاسية سكنا وغداء وصحة وتعليما …بل لأنها ترى في هذا الإقحام نصرا لدبلوماسيتها الابتزازية . وما هو في الحقيقة سوى تبذير لزمن ومجهود على حساب مصالح الشعب الجزائري، الذي يعيش تحت وطأة مشاكل تستفحل سنة بعد سنة، خاصة على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية…