ثمة ثرثرة مُبالغ فيها حول ما حصل في الاجتماع الأخير للمجلس الوطني، لحزب العدالة والتنمية، وكأن الأمر يتعلق بشيء خارق، نزل على هذه الأرض المغربية، عندما تم التصويت على رفض مقترح يقضي بتمتيع الأمين العام بولاية ثالثة، بتعديل القانون الحالي، الذي ينص على أنه لا يمكنه تحمل هذه المسؤولية أكثر من ولايتين.
ليس هناك أي «فتح ديمقراطي» في هذا التصويت. فقد شهدت الأحزاب المغربية الأخرى، عدة محطات للتصويت والجدل والنقاش، أعمق وأهم من هذا الذي يعرفه اليوم حزب العدالة والتنمية، وتم التعامل معها كما لو كان «شرخاً» و»تشرذما»، في الوقت الذي يتم فيه التغني ب»الديمقراطية» المنقطعة النظير في هذا الحزب، فقط لأن هناك تصويتا!
أخطر من هذا، فإن الأطراف التي تُسٓوّقُ اليوم، لهذا «النموذج الديمقراطي»، تعاملت مع خلافات الأحزاب الأخرى وصراعاتها، كما لو كان الأمر دليلا على إفلاسها وفساد قياداتها، بينما يتم التعامل مع نزاعات وتلاسن قيادات وخلافات حزب العدالة والتنمية، كأنها نموذج للديمقراطية الداخلية!
وتعتبر هذه الدعاية، أن قادة الأحزاب الآخرين، مجرد طامعين في المناصب، رغم احترامهم لقوانين أحزابهم، بينما تُصٓورُ الأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، الذي يسعى لتغيير قوانين حزبه، لترؤسه في ولاية ثالثة، كرجل زاهد في المناصب، بل إن أنصاره هم من»فرضوا» عليه الدخول في هذه المنافسة، وأن خسارته هي «خلاص» من المسؤولية الجسيمة التي كانت ستلقى على عاتقه.هل توجد دعاية سمجة أكثر من هذه؟
يتذكر الرأي العام، كيف كان بنكيران يٓرُدّ على المعارضة في البرلمان، عندما كان رئيسا للحكومة، في مساءلتها له عن مشاكل الشعب من غلاء للأسعار وتجميد للأجور ومديونية وسياسة يمينية وغيرها من الإجراءات اللاشعبية التي كان يتخذها. لقد كان يهاجم المعارضة، خاصة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي كان من أشد منتقديه، حيث كان يلجأ للصراعات الداخلية لهذا الحزب، فيتهرب من المساءلة، ويقول «سيرو حلو مشاكلكم في حزبكم أولاً»، بينما يعمل اليوم هو وأنصاره على تسويق مشاكل حزبه كما لو كانت اكتشافا للديمقراطية في المغرب.