كل شيء يغري بالكتابة، الحزن، الخطيئة، الفرح، الفراغ، الهدوء، الصمت، الصراخ الذي ينطلق من أعماقنا في لحظة ما ولا نستطيع كتمه.. كل شيء عدا الحياة، والحياة ليست كل هذه الأشياء، لأننا نعيشها كلها دون أن نتمكن من ممارسة الحياة ذاتها. لماذا؟ ببساطة لأننا تلقينا كل شيء بشكل خاطئ وجل تنشئتنا الإجتماعية بني على التناقضات، فنستغفر الله في عز الفرح خوفا من الفاجعة، ونقهقه أحيانا حين تكثر علينا الهموم. ليس لدينا خط فاصل بين الشيء ونقيضه، بين الحياة والموت، فنموت قبل أن تصعد الروح لمتواها الأخير.
كائنات معقدة، نعيش عقدنا بكل ما اوتينا من طاقة. كبرنا هكذا، وكلما سُئلنا لما كل هذا التعقيد أجبنا بأن الحياة هكذا وبأنه قدر لا فرار منه. ما الحياة وما القدر؟ الحياة ربما هي فن الاختيار والقدر هو حدود هذه الاختيارات، والسبب الرئيسي في الخلط بينهما هو الجهل. نجهل ذواتنا، سبب خلقنا، مستقبلنا، ماضينا وأهم شيء أننا لا نود معرفة كل هذه الأشياء، ظنا منا أن القدر الذي أتى بنا كفيل بارجاعنا من حيث جئنا. ورغم ذلك فنحن نخاف، والخوف أيضا من طقوسنا الأساسية.
نخاف لأن الغموض يلف كل شيء فينا، ويلف كل شيء محيط بنا. ونخاف لغياب الضمانات ولصعوبة قوانين الحياة، والموت أولها.
كل هذا يولد لدينا عنف، عنف اتجاه أنفسنا واتجاه العالم. نحارب من نحبهم ومن يحبوننا، من يعرفوننا ومن لا يفعلون.. نحارب الجميع، ثم في الأخير نحارب أعداءنا.
لماذا الحرب ولماذا بحذف الراء تصبح حبا، أي حدود عند الكلمتين ولما اخترناهما بهذا التقارب؟ لأننا حتما لا نعرف الفصل، وفي الواقع تستعصي علينا الراء فنراها أحيانا في غير موضعها، وأحيانا أخرى نحذفها في الوقت الذي علينا إشهارها.
متى يصير الحبيب عدوا، متى يمكن إعلان هدنة مع العدو وهل يمكن مسامحته، الغفران له.. أو حتى تحويله لحبيب في يوم من الأيام؟ أوليس حبيبا لشخص آخر بمثل طيبتنا. ربما!
متى ينتهي طرح التساؤلات، ومتى تصبح الأسئلة التي وجدناها سلفا صالحة. كيف يمكن تعلم فن الحياة وتطبيقه قبل أن يكون الوقت قد فات.. أنا حقا لا أدري.