من بين الأسئلة الحارقة التي تطرح اليوم، ما علاقة النموذج التنموي بمستقبل الشباب المغربي؟ أو على الأصح، هل يفترض تغيير النموذج التنموي، انعكاسا على خلق فرص الاستثمار والتشغيل، للفئات الشابة وخريجي الجامعات والمعاهد، أم أنه سيكون مرة أخرى في خدمة الفئات المحظوظة والمنتفعين من الريع وأصحاب الرساميل، فقط؟
هذا هو السؤال الذي ينتظره الرأي العام المتتبع والمهتم بتطور الأحداث، الجواب عنه من الحكومة الحالية، لأن عقدة المستقبل تكمن في هذا الإشكال، هل هناك فعلا مشروع حقيقي لدمج مئات الآلاف من هذه الفئة العمرية في سوق الشغل وفي الحياة العملية.
من المؤكد أن تصور نموذج مجتمعي ناجع، ليس بالأمر الهين، لكنه ليس مستحيلاً، رغم أنه لا يمكن أن يُنقٓلٓ من أي نموذج آخر، لأن لكل مجتمع خصوصيته وظروفه، ومع ذلك فالنخبة السياسية مطالبة بتقديم مشاريع جديدة، للتجاوب مع الطلب الحقيقي الذي ينتظره الشباب المغربي.
باستثناء النقاش الذي عرفه مجلس النواب، حول هذا الموضوع، بكل الآنية والسرعة التي يفرضها السياق، كان من المفترض أن يصبح هذا الموضوع ورشا وطنيا كبيراً، لأنه يستحق ذلك، على مختلف المستويات، التنموية والسياسية، لكن بالأساس على مستوى البحث العلمي والأكاديمي.
المطلوب اليوم، من الأحزاب السياسية، أن تتبارى مقترحاتها الكفيلة بالجواب عن هذا الإشكال، خاصة أنه معقد، ومن شأن النقاش حوله، أن يغني الجدل الخلاق، بمساهمة فاعلة من القوى الحية في المجتمع، وبمشاركة خبراء وبالاستفادة القصوى من التجارب الأجنبية.
وبعيداً عن الوصفات الجاهزة والتصورات المحنطة، فإن انتظارات الشباب، تتمحور حول نموذج تنموي، يحارب الفساد والريع، ويخلق الثروة، ويقلص الفوارق الطبقية، ويوفر فرص العمل، ويعلي من شأن التربية والتعليم وتكوين الموارد البشرية.
صحيح أن هناك نماذج ناجحة عبر العالم، في مجتمعات قريبة من مجتمعاتنا، يمكن استلهام بعض أو أغلب مشاريعها، لكن الخلاص يكمن، على الخصوص، في الإبداع المحلي، الذي ينطلق من متطلبات واقع كل بلد، لأنه ليس هناك وصفة جاهزة للتقدم والتطور والازدهار.