عندما نفكر في ربط المسؤولية بالمحاسَبة – بعضنا يفضل الحديث عن ربط المسؤولية بالمحابَسَة، من الحبس – لا يمكن أن نقفز عن مربط الفرس، في كل مسؤولية تتعلق بالمؤسسات العمومية.
وعندما نفكر، بدعوة من القمة في إعادة النظر في النموذج التنموي المغربي، لا يمكن أن نقفز عنها أيضا..
فهي تملك وزنا اقتصاديا مهما….
وهي حسب تقارير المجلس الأعلى للحسابات تعد أول مستثمر عمومي، و تمثل، من حيث الأداء، الوسيلة المفضلة في تنفيذ السياسات العمومية..
وهي بذلك توجد في تقاطع الطرق بين المسؤولية والتنمية أيضا.…
وإننا نرى أن القاموس السياسي صار – وقد استأنس بالزلزال – معلقا بالمسؤولية والمحاسبة، والمسؤولية والتنمية…، غير أن هذا يبدو وكأنه لا يعني المؤسسات العمومية الكبرى..
والحال أن هناك مبررا أكبر أيضا يتعلق بتواجد المؤسسات والمقاولات العمومية، في صلب الثروة الوطنية، والتي كانت موضوع دعوة أيضا إلى التفكير …من أعلى هرم الدولة.. الشيء الذي يجعلها في صلب المسؤولية عن هذه الثروة..التي أسالت الكثير من المداد، وقبله أسالت الكثير من الدماء في التاريخ القريب….
ربط المسؤولية بالثروة يجرنا إلى هذه القلاع التي نكاد نعتقد بأنها خارج تصنيف الدواليب المعتادة في حصر ممتلكات الدولة، من فرط ما أنها متوارية عن الأنظار.…
كما يجرنا إليها نقاش اللحظة حول قانون المالية، والذي تتحلق حوله انتظارات المغاربة…، فهذه المؤسسات بالوعة رهيبة وكبيرة للأموال العمومية..
ويوجد في قانون المالية ملحق خاص بها أو خاص بمتطلباتها التي ترهق ميزانية المغرب..
غير أنها بنية مغلقة تبدو بعيدة عن المراقبة التشريعية، والمفارقة الكبيرة أن البرلمان الذي يطلب منه المصادقة على مصاريفها وديونها وتسييرها، لا يحق له في الكثير من الحالات أن يمارس حق النظر فيها!
ومن الثغرات التي يرصدها المتتبع، من خلال تقرير المجلس الأعلى الاستدانة المتزايدة، والتي بلغت في 2015 أزيد من 245 مليون درهم..! وهي تتصاعد باستمرار،… في الوقت الذي ينتظر منها أن تنتج الثروة ،
تأكلها
في الوقت الذي ينتظر منها أن تمول الميزانية
تنخرها
وفي الوقت الذي ينتظر منها أن تصحح الأوضاع
تربكها..
ومن نقط الضعف العديدة التي سجلها تقرير المجلس الأعلى المتعلقة بالهيئات المسؤولة عن اتخاذ القرار …
تباعد اجتماعاتها المحدودة أصلا.
أين المسؤولية
ومن يحاسب من؟
الهيئات التقريرية غير محصورة فهي تتراوح بين 18 و50 عضوا.
ونص التقرير أيضا على أن اختيار المسؤولين يتم بطريقة غير شفافة، وغير واضحة، كما أوصى المجلس بضرورة» تسليط الضوء والشفافية على تعويضات المسؤولين، مما يعني أنها غير شفافة ومظلمة!
وهناك من المؤسسات العمومية ما يصل عدد الأعضاء في ديوان المسؤول عنها عشرات المستشارين والخبراء»، الذين قد تبلغ تعويضاتهم أحيانا ما يفوق الوزراء
ولربما رئيس الحكومة…!!!