اعتبر عبد القادر مساهل وزير الخارجية الجزائري، أمس الجمعة، بأن المغرب مجرد “منطقة تبادل حر مفتوحة أمام الشركات الأجنبية لفتح مصانع وتوظيف بعض المغاربة”، متهما البنوك المغربية بتبييض أموال الحشيش في دول إفريقيا”، مؤكدا بالحرف بأن “الكل يعرف هذا. قادة أفارقة هم من قالوا لي ذلك”. وأضاف المسؤول الجزائري، الذي كان يلقي كلمة أمام ممثلي القطاعات والمؤسسات الاقتصادية الجزائرية، بأن “لارام، لا تقوم فقط بنقل المسافرين عبر رحلاتها إلى بلدان إفريقية”، وبأن بلاده لها الإمكانيات والمستقبل. أما المغرب ف ” ماكان والو” على حد تعبيره.
الذين تابعوا كلمة مساهل أمام الأطر الاقتصادية لبلاده لم يفاجأوا بحدة تلك التصريحات، أو بخطورة الاتهامات الموجهة للمغرب، فقد صارعاديا أن يقصفنا الجزائريون كلما كانوا في عمق الأزمة. لكن المفاجئ هو أن يستسلم مسؤول في مستوى رئيس دبلوماسية الجزائر لتفكير مهلوس حول الاقتصاد في شمال إفريقيا، وأمام ممثلي القطاعات والمؤسسات الاقتصادية الذين هم الأعرف بأوضاع الاقتصاد الجزائري الذين تنجزه أزمة متعددة الأبعاد شملت كل مناحي الوضع السياسي والمالي والاجتماعي، ضمن سياق مجتمعي يتسم بانغلاق الأفق المجتمعي، وبغياب المبادرات. ولذلك فأول من سخر من تلك الكلمة هم المنصتون إليها من رجال الاقتصاد الجزائري الحاضرين في تلك الندوة. مثلما نتوقع أن الشارع الجزائري لن يحد صعوبة في فهم بأن مساهل كان يسعى في الحقيقة إلى تحويل أزمة الجزائر إلى الأزمة مع المغرب، لا فقط بسبب ضغط الأوضاع هناك، ولكن كذلك لتزامن كلمته مع الجولة الإقليمية التي يقوم بها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، وكذلك مع التحضير لقمة الاتحاد الأوربي وإفريقيا المنتظر تنظيمها في نهاية نونبر القادم بأبيدجان، وذلك على خلفية النجاحات التي حققتها الدبلوماسية المغربية، سواء في المحافل الإفريقية خاصة بعد عودتنا إلى الاتحاد الإفريقي، أو من خلال نجاعة مقاربة المغرب السياسية في موضوع محاربة الهجرة غير الشرعية والتهريب والاتجار في البشر…
لأجل ذلك كان واضحا أن مساهل كان أمس أما أنه يكذب ويعرف أنه يكذب، أو أنه على جهل مدقع بحقيقة الأوضاع، أو أنه كان بساطة تحت تأثير حالة من الهلوسة التي قد تسببها الأقراص إياها، مثلما قد يسببها الفشل الذاتي، وسقوط النموذج التنموي الجزائري.
وفي جميع الحالات فقد نجح مساهل في إبراز شيء واحد: إثبات بؤس الخطاب عند القادة الجزائريين الذين لا يترددون في أن يجعلوا المغرب هوالعدو مثلما تفعل الديكتاتوريات عادة التي كلما ضاقت به السبل إلا وتعمل على خلق العدو لتهرب أزماتها إلى الخارج.