ليست هذه هي المرة الأولى التي تعتبر فيها المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، أن عدم وجود إطار موحد في المنطقة الغاربية، له أثر سلبي على اقتصاديات دولها، بل إنها كانت قد صرحت قبل ثلاث سنوات، أن الدراسات تثبت بأن الدول المغاربية تخسر مابين اثنتين وثلاث نقاط، من معدل النمو، بسبب هذا التشرذم.
وتؤكد هذه الدراسات أن التجارة بين الدول المغاربية، لا تتجاوز 3 في المئة من مجمل المبادلات التجارية لهذه الدول، وهو أضعف معدل على الصعيد العالمي، بالإضافة إلى كل الخسارات التي تتحملها التنمية واقتصاديات هذه البلدان، سواء في تكاملها أو قدرتها التنافسية أو التنسيق الضروري مع التجمعات الدولية الأخرى.
ترجمة هذه الخسارات في معدلات النمو والتطور الاقتصادي، على المستوى الاجتماعي، تعني عدم قدرة البلدان المغاربية على خلق مناصب شغل كافية للشباب، على الخصوص، وتعميق الهوة التي تفصلها عن الاقتصاديات المتطورة في شمال البحر الأبيض المتوسط، بما يستتبعه كل ذلك من تبعية وتخلف، ترهن مستقبل الأجيال القادمة، التي ستكون ضحية لهذا الهدر.
هذه المعطيات ليست جديدة، بل سبق أن عممتها دراسات كثيرة، أنجزها خبراء مغاربيون، كما أن هذا الموضوع أثير في العديد من اللقاءات الرسمية والشعبية، على الصعيد المغاربي، غير أَن حكام الجزائر يقفون حجرا عثرة، في وجه أي تفاهم بين الدول التي تشكل هذا الفضاء، بحجة انتظار تطبيق ما يسمى بحق «تقرير المصير والاستقلال للشعب الصحراوي».
ولا يتعلق الأمر فقط بالاندماج المغاربي، بل كذلك بفتح الحدود البرية الجزائرية/المغربية، حيث تعتبر الطغمة العسكرية الحاكمة، في الجزائر أن مصيرها مرهون أيضا بحق تقرير المصير.
من الصعب فهم هذا المنطق السوريالي، ما لم نفهم أن موضوع العداء للمغرب، يتجاوز الخلاف حول الصحراء المغربية أو النزاع على الحدود، لأنه في نظرنا يدخل في صميم العقيدة السياسية لهذه الطغمة العسكرية، تبرر بها انغلاقها وتسلحها وهيمنتها على السلطة وخنق أي انفتاح سياسي، وقد نجحت لحد الآن في ذلك، حيث خلقت للجزائريين عدواً وهمياً بهدف التوحد حول هذه الطغمة، ولو لم تكن هناك قضية الصحراء لافتعلوا نزاعا آخر.