من بين أكبر التحديات التي تواجه الطرح المغربي، في قضية الصحراء، المقاربة السائدة، والتي تختزل الموضوع في مبدإ الحق في تقرير المصير، فقط، كما لو كان الحل الوحيد المقبول دوليا، في الوقت الذي لا ينفصل هذا المبدإ على مبدإ آخر أكثر أهمية هو الحفاظ على الوحدة الترابية للدول.
غير أن ما حصل في قضية الصحراء المغربية، أمر مخالف، ففي الوقت الذي لجأت فيه البلدان الغربية، كلها، إلى أسبقية مبدإ الوحدة الترابية، في معالجة النزاعات القومية، مثلما حصل في حالة كاتالونيا، وغيرها من الحالات المماثلة في أوروبا الغربية، فإن مقاربة تقرير المصير والاستقلال، تحظى بالأولوية في حالات النزاعات الأخرى، عندما يتعلق الأمر بمناطق أخرى مثل العالم العربي وإفريقيا وآسيا والبلقان…
لكن الأمم المتحدة، بمختلف هياكلها، لم تقم لحد الآن بمراجعة هذه المنهجية، التي أدت، في الحالة التي فرضت فيها تقرير المصير والاستقلال، إلى المواجهات الإثنية والقبلية والحروب الأهلية، مثلما هو الوضع في جنوب السودان.
و لا تختلف هذه الصورة كثيرا، عما ينتظر الصحراء المغربية، إذا ما نجح مخطط الانفصال، الذي تشتغل عليه الطغمة العسكرية في الجزائر، بتواطؤ دولي، رغم كل التصريحات المنافقة لصالح مقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب.
كان من اللازم على الأمم المتحدة، بمختلف هياكلها أن تتعامل مع موضوع الصحراء، بمقاربة أكثر واقعية وعدالة،أي أن تنظر لها في شموليتها، على كل المستويات، التاريخية والقبلية والإثنية والثقافية، والتي تؤكد ارتباط الصحراء بالمغرب، حيث إن أغلب القبائل التي تعيش في هذه المنطقة، «المتنازع بشأنها»، التي سُطرت «حدودها» بمسطرة الاستعمار، هي نفسها التي تعيش في المناطق الصحراوية، في طرفاية وطاولات وغيرها، من الأراضي المتوحدة شمال مايسمى ب»الصحراء الغربية»، ناهيك عن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الذي أقرّ بوجود روابط بين المغرب و»الصحراء».
غير أن «الفلسفة» التي توجه مقاربة الأمم المتحدة، ليست سوى عملية توازنات دائمة، تسير في اتجاه واحد لصالح القوى العظمى، مما يعني أن ميثاقها وقراراتها وتوصياتها، ليست سوى مرآة للمفاوضات التي تجريها هذه القوى حول مختلف النزاعات التي يعرفها العالم، بدون أي وازع حقوقي أو أخلاقي أو قانوني.