تزامنا مع الدخول المدرسي الجديد، تحركت سلطات عمالة الفدء- درب السلطان بالدار البيضاء، من خلال حملة “تطهيرية” واسعة، في اتجاه تحرير الملك العمومي من قبضة أرباب المقاهي وأصحاب المحلات التجارية والحرفيين والباعة الجائلين، حيث أحدثت رجة قوية بالأحياء والشوارع الرئيسية: حي الفرح، الإدريسية، عمر بن الخطاب وعبد الله الصنهاجي… مما أثار ردود أفعال متباينة بين السكان.
وبشنها هذا الهجوم المباغت على مخالفي القانون، بمساعدة القوات العمومية والموظفين الإداريين، تكون السلطات المعنية قد قامت بما كان منتظرا منها منذ زمن طويل، وزرعت الأمل في النفوس، إذ ثمن المواطنون عاليا هذه الخطوة الجريئة، متمنين أن تتلوها خطوات أخرى أكثر جرأة في اتجاه وضع علامات التشوير والتخفيف من السرعة بالقرب من المؤسسات التعليمية، وتنظيف أحيائهم من ترويج المخدرات والسجائر بالتقسيط وانتشار اللصوصية والاعتداءات الجسدية…
ذلك أن ساكنة عمالة الفداء ظلت لعقود تعاني الويلات أمام صمت المسؤولين الرهيب، مما تعرفه أزقتها وأحياؤها من فوضى عارمة أفقدتها نعمة السكينة والطمأنينة، جراء ظهور أسواق عشوائية وارتفاع أصوات الباعة، تنامي السرقة والشجارات اليومية، تحويل مقاهي بعينها لأوكار باعة المخدرات والحبوب المهلوسة، تكدس الباعة المتجولين أمام المساجد وترامي أصحاب المقاهي والمحلات التجارية على الملك العام، وما يترتب عن ذلك من اكتظاظ وشجارات يومية وتعريض سلامة المواطنين لمختلف المخاطر، وخاصة حوادث السير.
بيد أنه ولأمر غير مفهوم، لم تلبث أن عادت الأمور إلى سابق عهدها في ظرف يومين فقط عن تلك الضجة المفتعلة، حيث عادت أجهزة التلفزة وكراسي المقاهي لأمكنتها فوق الأرصفة، وغزت العربات المجرورة من جديد الفضاءات العمومية، ليصاب المواطنون بصدمة أخرى. فما السر يا ترى خلف هذه الحملات الشكلية وتغاضي السلطات عن واجباتها الأساسية؟ وأين نحن من تطبيق النصوص القانونية؟ ولماذ كل هذا التهاون في حماية الملك العام من الاحتلال غير المشروع؟ وأين نحن من الشرطة الإدارية والوقاية الصحية والنظافة والأمن والأمان وتدبير الملك العمومي؟ وهل أصبحت قوة النفوذ والرشوة تتجاوز قوة القوانين؟ أسئلة وغيرها كثير، للسلطات المعنية وحدها حق الرد !