الثقافة ليست هي التعلم ، والتعلم ليس هو الثقافة ، بينهما عموم وخصوص . فالثقافة اعم من التعلم ، والتعلم اخص من الثقافة .
المدارس والجامعات تعلم ، والقراءات والمطالعات والتجارب الحياتية تثقف . التعلم يكون ، والثقافة تنور .
التعلم تحصيل لما كان ، والثقافة تحصيل لما كان وانتاج ما لم يكن .
التعلم رياضة برانية ، والثقافة تاملات جوانية .
موضوع التعلم هو الوجود في علاقته بالانسان ، وموضوع الثقافة هو الانسان في علاقته بالوجود .
التعلم اساس التفاعل مع الوجود ، والثقافة وسيلة فهم الوجود ، وتلطيف الوجود ، ومساعدة الانسان على اصلاح وتدبير الموجود في الوجود .
التعلم لا ينفي الثقافة ، والثقافة لا تنفي التعلم . قد يجتمعان في شخص واحد ، وقد ينتفيان عنه ، وقد ينفرد بالتعلم دون ثقافة ، وقد تحصل له ثقافة دون تعلم .
يسعى الانسان الى التعلم لاجل تحصيل المنافع وجلب المصالح ، ويسعى الى الثقافة لاجل المتعة والاطلاع ، والفهم والاستطلاع .
لنا من المتعلمين اعدادا ، وليس لنا من المثقفين الا افرادا .
كل يدعي وصلا بالثقافة ، ولكن الثقافة لا تقر الا للقليلين بذاك.
كل من تعلم في مدرسة او جامعة يحسب نفسه مثقفا . هيهات ، هيهات . الثقافة ليست تكرير واعادة تكرير ما سبق تقريره من المعارف والتصورات ، ولكنها قدرة على انتاج الجديد ، وابداع على غير مثال ، وتحليل لما خفي في النصوص والظواهر الانسانية ، واستباقية وتوقع ، وتجاوز المنطوق الى المسكوت عنه .
التعلم اداة من ادوات الثقافة ، والثقافة تاج التعلم .
تعلموا ، لكن لا تتوقفوا عند حدود التعلم . تجاوزوها الى الثقافة ، ففي الثقافة متعة وامتاع ، وضياء وانوار ، وسعادة وانتصار …

 

تارودانت :  الخميس 14 شتنبر 2017.

‫شاهد أيضًا‬

أبراهام السرفاتي.. ممكنات استراتجية الدولة الفلسطينية الديمقراطية *ترجمة : سعيد بوخليط

اللوحةل : الفنان الفلسطيني فضل ايوب تناول اللقاء مع المناضل اليساري الراحل أبراهام السرفات…