كل الموجودات تنشد الحق في الوجود . والخلق بدا بالحق وبه ينتهي، وما الباطل الا انحرافا عن حق مجهول او عن حق مجحود . والقوة لا تصنع الحق ولا الحقيقة . وان بعض التعابير مثل ” قانون القوة ” او ” حق القوة ” التي تبدو جارية في التداولات اليومية لتبرير موقف السيطرة ليست الا اباطيل جعلتها القوة تظهر بمظهر الحق الاقوى ، لذلك تضمحل عندما ينكشف الحق بالحق المنصور بالحق .
القوة قدرة فيزياءية ، ظرفية ، مؤقتة ، هشة في جوهرها ، تزول بزوال اسبابها حتما لا احتمالا ، والحق ازلي في الطبع والوجود . فمن ملك ممتلكا ملكا مؤسسا على الحق ، تبقى ملكيته له حقا ولو اغتصبت ، لان الحق لا يزول بالغصب والاغتصاب .
الحق حق وان ضعف صاحبه ، والباطل باطل وان اشتد صاحبه . الحق لا يصير باطلا بالقوة ، والباطل لا يصير حقا بالشدة .
ان القوة في الغالب تكره الحق ولا تعترف به ، لان مصلحتها ليست في الحق ولا في الحقيقة ، وانما في الباطل نقيض الحق والحقيقة .
ليس الكلام فقط هو ما يميزنا عن الحيوان ، وانما القدرة على تمييز الحق من غير الحق ، والحقيقة من غير الحقيقة مع احترام حق الحق وحق الحقيقة . فمن عرف حق غيره واستولى عليه بالقوة ، وجحده وغصبه ، فليس من الانسان الا بالصورة والكلام .
من ضيع حق غيره خرج من جنس الانسان وتاه بين الاجناس مرفوضا منها ، منبودا ، ملعونا الى يوم الحق .
كن بالقوة من كنت ، ودع الحقوق لاصحابها مهما ضعفوا قبل ان ينزل عليك الحق بالحق فتصير نادما على ما ما كان منك من احتقار الحقوق والاغترار بالقوة .
ان القوة لا تصنع الحق ، ولكن الحق يصنع القوة …