صادق مجلس الحكومة في اجتماعه أول أمس الخميس على واحد وعشرين مشروع مرسوم تتعلق بالجهوية، كلها تتعلق بالجوانب المالية والموارد البشرية للجهات . مصادقة، جاءت بتفعيل قانون تنظيمي صدر في يوليوز 2015 ولجماعات ترابية تم انتخابها في شتنبر من السنة نفسها، أي بعد عشرين شتنبر عن ذلك الاستحقاق، وهو ما يعني أن زمنا ثمينا تم تبذيره، خاصة وأن المغرب يراهن بشكل كبير على هذه الجهوية المتقدمة، التي تم إقراراها بعد دراسات وتحديات سياسية، قصد تنمية مجاله وإتاحة فرص التدبير المحلي لنخبه واستثمار إمكانياته …
لقد أضاع تأخير إصدار هذه المراسيم (مع العلم أن هناك حزمة أخرى متبقية) ثلث ولاية العمل الجهوي. إذ ساهم في وجود اختلالات تتعلق –أساسا- بمساطر العلاقات مع الدولة ومؤسساتها المالية…وقواعد عمليات الاقتراضات… وهي قضايا ذات أهمية وعدم الإسراع في المصادقة على نصوصها القانونية، يخفض من وتيرة إقرار توجه استراتيجي عليه رهانات عدة ..
تبذير الزمن التنموي ببلادنا، يجر عليها مشاكل عدة، ويكلفها ثمنا باهظا على أكثر من مستوى .هناك مثلا المشاريع الكبرى التي يتم تدشينها والإعلان عن أهدافها والأطراف التي ستمولها وآماد إنجازها . لكن العديد من هذه المشاريع يطالها تبذير الزمن، وأحيانا بدل أن تكون حلا للتنمية، تصبح مشكلا اجتماعيا له تداعيات وتبعات . ولنا في مشروع» الحسيمة منارة المتوسط» مثال صارخ . إذ ها هو تدشين الأشغال تم في سنة 2015 لكن الأوراش تسير ببطء، إن لم نقل توقفت في بعض المنشآت. والسبب: أن وزارات التزمت ولم تف بالتزاماتها أو مقاولين اصطدموا بمشاكل مسطرية مع أصحاب المشروع أو…
تبذير الزمن التنموي يتسع هنا وهناك. ويكفي أن نرصد عبر جهات المملكة مدى تقدم الأشغال في هذا المشروع أو ذاك، لنجد أن بطئا طالها أو أنها مجرد هياكل توقفت فيها الأشغال وزجت بها إلى التآكل .
وهذا التبذير لايطال المشاريع فقط . إنه كذلك إحدى سمات الطريقة التي يتم بها معالجة هذا المشكل أو ذاك ،تسوية هذا الملف أو ذاك . وها نحن اليوم، نجد مناجم مازال محتجوها يئنون تحت وطأة إهمال مطالبهم، وطرقا شاخت ولم يكتمل إنجازها بعد. وبنيات توقفت في منتصف الطريق أو لدى انطلاق أشغالها،لأن خلافات أطراف لم يتم التعامل معها بالجدية اللازمة والحريصة على الزمن التنموي. وكم من «أحجار التدشينات « انتظرت إلى أن طالها النسيان.
إن أخطر ما يهدد الاستراتيجيات والسياسات العمومية والمخططات، هو آفة تبذير الزمن من جهة ، ومن جهة ثانية، هو عدم تفعيل مبدأ المحاسبة والمساءلة . ونتمنى أن تكون الحكومة الحالية التي ورثت من سابقتها « أنصاف مشاريع « انفلتت من آجالها .نتمنى أن تتدارك هذا الزمن،وتكون في مستوى رهانات المغرب وتحدياته.