قد لا يكون الموضوع مغريا، من حيث العرض الإعلامي الدائر حاليا في البلاد، لكن تبقى البلادة أو الغباء موضوعا شيقا للتفكير السياسي والفلسفي..
ما المناسبة؟
ليس هناك تصريح ولا موقف يغري بالتفكير بل هو فقط حوار مع الايطالي ماوريزيو فيراريس.. وكتابه «”الغباء أمر جدي” الذي يصدر عن المنشورات الجامعية puf. وهو يعني بذلك أن البلادة أو الغباء مع الفارق الرهيف بينهما، يمكن أن تتسلل إلى كبار العقول، أو التي تريد أن تكون كبيرة :فرانسيس بايكون مثلا تساءل:لماذا تكون الخيول أكبر حجما من الكلاب؟…
الفرق بين المجنون وبين البليد؟
– المجانين قلة، ويمكن التعرف عليهم، في حين أن البلداء كثر ومتفرقون موزعون ..
نحن نتعرف على المجنون الذي يعتقد نفسه نابوليون لكن المشكل هو أنه من الممكن أن يكون نابوليون بليدا…، من ذا الذي يمكن أن يتوجه إلى روسيا مقامرا بإمبراطوريته؟ ويذهب إلى مصر لكي يحارب المماليك؟ في حين لا يتوقف عن توزيع الألقاب والصفات التنابزية..
(*) البلادة شيء جدي، فهل معنى ذلك أنها شيء يميز كل إنسان؟ وهي على عكس ما يقول روسو، طبيعتنا الأصلية؟
– إن البلادة تعني الإنسان في طبيعته لأنها تعني لغويا، الأعزل، الوحيد ومن لا حماية له ولا تقنية..، وبدون مجتمع ولا علوم ولا فن فالإنسان ليس «إنسانيا صدقا، بل هو على العكس من ذلك» لاإنساني بحت!…
– ما علاقة البلادة مع الويب؟
(*)«حشود البلداء» كانت موجودة قبل الويب، لكنها كانت صامتة..إذ نادرا ما أن الذين يحققون نجاحا إعلاميا ما، يقدمون أنفسهم.. هذه الندرة لم تكن دليلا على الذكاء، (يكفي أن تقوم بجولة في المكتبات وتتصفح الكتب بالصدفة)..لكن، الندرة كانت تعطي للكاتب الوعي بأنه أمام الجمهور..
وهو الشيء الذي لا يحصل مع الويب.. فالجميع يتحدث ويكتب كيفما اتفق، …كما لو أنهم في بيوتهم في حضرة حميمية ومتساهلة، والحال أنهم أمام أنظار العالم..أكثر مما لو كانوا في مكتبة، لكن لا أحد يعيد قراءة النص أو يشير إلى التفاهات أو يصحح الأوراق..
(*) عادة ما يتم التنبيه والإشارة إلى بلادة الحشود أو الجماهير بالبنان ، بالنسبة إليكم بلادة النخب أكثر حدة، لماذا؟
– بلادة النخبة أكثر انتقاء، أكثر ندرة، أكثر توثيقا، أي تلخيصا، إنها بلادة أكثر غباء!!!فالانتظارات العالية جدا تخلق بالفعل أوهاما كثيرة.…