من بين الموضوعات المثيرة في ما يتم تداوله في وسائل التواصل، وخاصة في الشبكات الاجتماعية، مظاهر العنف والانحراف بين الشباب والمراهقين، مما يعطي انطباعا عن تزايد هذه الظواهر، ويعمم الإحساس بالخوف وغياب الأمان بين المواطنين.
وتتخذ هذه الظواهر أشكالا مختلفة، من سرقة وهجوم بالسلاح الأبيض على الضحايا والاغتصاب أو محاولة الاغتصاب، والعربدة الجماعية، وغيرها من السلوكات المنحرفة والخطيرة التي يتم ترويج أخبارها، يوميا، بواسطة وسائل التواصل من فيديوهات وصور وتعليقات.
و لا يخفى على أحد مدى تأثير هذه الأخبار على حياة الناس، كيفما كانت درجة مصداقيتها، ومدى حجمها، غير أن المؤشرات الاجتماعية تؤهل المغرب ليصبح كما هو حال بلدان أخرى مشابهة، منتجا، بامتياز، لظواهر العنف والانحراف في فضائه الحضري على الخصوص.
هناك أعداد هائلة من ضحايا الهدر المدرسي، الذين ينتمون للفئات الفقيرة، والذين يعيشون في ظروف اجتماعية صعبة، تتميز بالبطالة وضعف التأطير التربوي والثقافي والتفكك الأسري، في العديد من الحالات، وسيادة مظاهر العنف في العلاقات بين الناس، والإدمان على المخدرات، وانسداد الآفاق، وغيرها من أشكال الضياع، التي لا يمكن إلا أن تفرخ الانحراف.
لا يمكن للمقاربة الأمنية وحدها أن تواجه هذه الظواهر، سواء على المستوى الكمي أو الكيفي، لأنها معقدة، رغم أهمية الأمن وحماية الناس والممتلكات، طبقا للقانون، غير أنه من غير المجدي أن يرمي الجميع المسؤولية على السلطات الأمنية وحدها، لتعالج قضايا يتم إنتاجها باستمرار، لأن أسبابها المباشرة وغير المباشرة تظل قائمة، بل تزداد استفحالا.
هناك مسؤولية جماعية، في ما وصلت إليه الأوضاع الاجتماعية في المغرب، تتقاسمها الحكومات والجماعات المنتخبة وكل المؤسسات المعنية بالسياسات العمومية، التي تركت فئات كبيرة من الأسر الفقيرة ضحية التهميش والضياع والهدر المدرسي وغياب التأطير والدعم والمساندة والتربية للشباب والمراهقين والأطفال، الذين لا يمكن لجزء منهم إلا أن يسقط ضحية، ويعيد إنتاج ثقافة العنف والانحراف، التي يتعايش معها يوميا.