لم‭ ‬تجد‭ ‬شركة‭ ‬مدينة‭ ‬بيس‭ ‬من‭ ‬ورقة‭ ‬توت‭ ‬تغطي‭ ‬بها‭ ‬عورتها،‭ ‬
بعد‭ ‬أن‭ ‬فضحتها‭ ‬كارثة‭ ‬الاغتصاب‭ ‬الجماعي‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬طوبيساتها،‭ ‬
سوى‭ ‬ورقة‭ ‬‮…‬الكذب‮!‬
فقد‭ ‬سارعت‭ ‬الشركة،‭ ‬في‭ ‬اعتقاد‭ ‬حيواني‭ ‬فاجر‭ ‬بأننا‭ ‬بلداء،‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬الاغتصاب‭ ‬وقع‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬17‭ ‬غشت‭ ‬لكي‭ ‬تضيف‭ ‬أن‭ ‬الجناة‭ ‬اعتقلوا‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‮..!‬
‭ ‬رجال‭ ‬الأمن،‭ ‬الذين‭ ‬قاموا‭ ‬بواجبهم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تحركت‭ ‬المشاعر‭ ‬في‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل،‭ ‬سارعوا‭ ‬إلى‭ ‬إصدار‭ ‬بيان‭ ‬يقول‭ ‬بأن‭ ‬الواقعة‭ ‬تمت‭ ‬منذ‭ ‬3‭ ‬أشهر‮..!‬
لماذا‭ ‬كذبت‭ ‬الشركة‭ ‬بهذه‭ ‬الصفاقة‭ ‬المخجلة؟
لماذا‭ ‬أرادت‭ ‬أن‭ ‬يعتقد‭ ‬الناس‭ ‬بأن‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬احتضنتها‭ ‬إحدى‭ ‬حافلاتها‭ ‬المهترئة،‭ ‬وقعت‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬ولم‭ ‬تمض‭ ‬سوى‭ ‬أربعة‭ ‬وعشرين‭ ‬ساعة‭ ‬قبل‭ ‬اعتقال‭ ‬الجناة؟
أرادت‭ ‬أن‭ ‬توهمنا‭ ‬بأنها‭ ‬لم‭ ‬تسكت‭ ‬عن‭ ‬الفضيحة
أرادت‭ ‬أن‭ ‬توهمنا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تسكت‭ ‬طوال‭ ‬3‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬جريمة‭ ‬إنسانية‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس
أرادت‭ ‬أن‭ ‬توهم‭ ‬الجميع‭ ‬وأولهم‭ ‬الأمن‭ ‬أنها‭ ‬بلغت‭ ‬ببيان‭ ‬كاذب‭ ‬عن‭ ‬الجريمة‮..‬
مدينة‭ ‬بيس،‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬فضيحة‭ ‬بيس‭ ‬مجرمة‭ ‬بعدم‭ ‬التبليغ
‭ ‬والتكتم‭ ‬على‭ ‬اغتصاب‭ ‬وعدم‭ ‬التبليغ‭ ‬عن‭ ‬انتهاك‭ ‬جسد‭ ‬طفلة‭ ‬معاقة‮..‬
وعدم‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬شروط‭ ‬السلامة‭ ‬المطلوبة‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬تجني‭ ‬الملايير‭ ‬من‭ ‬الدراهم‭ ‬حسب‭ ‬دفتر‭ ‬التحملات‮..‬
وعلى‭ ‬ذكر‭ ‬دفتر‭ ‬التحملات‮:‬‭ ‬أين‭ ‬هي‭ ‬الحافلات‭ ‬ذات‭ ‬الجودة‭ ‬العالية‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬دفتر‭ ‬التحملات؟
ما‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬دفتر‭ ‬التحملات‭ ‬والخردة‭ ‬الباريزية‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬مدينة‮-‬‭ ‬فضيحة‭ ‬بيس‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنها‭ ‬طوبيسات؟
أحيانا‭ ‬فعلا‭ ‬نحمد‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تغط‭ ‬كل‭ ‬الخطوط‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬منصوص‭ ‬عليها،‭ ‬لأنها‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬تمارس‭ ‬فيه‭ ‬التقية‭ ‬على‭ ‬الجرائم‭ ‬في‭ ‬أسرتها‭ ‬المتنقلة،‭ ‬كانت‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬ستشهر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬فافيلات‭ ‬البرازيل‭ ‬وأحياء‭ ‬التايلاند‭ ‬الحارة‮…‬
و‭ ‬علينا،‭ ‬كلما‭ ‬رأينا‭ ‬جثة‭ ‬حافلات‭ ‬ملقاة‭ ‬في‭ ‬الطرقات‭ ‬أن‭ ‬نحمد‭ ‬الله‭ ‬كثيرا‭ ‬
ونخر‭ ‬له‭ ‬ساجدين‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬ماخورا‭ ‬للدعارة‮ ‬
لن‭ ‬نغضب‭ ‬لأنها‭ ‬عاطلة‭ ‬بل‭ ‬نغضب‭ ‬لأنها‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬ماخور‭ ‬متحرك‭ ‬‮…‬‭ ‬
‭ ‬أنا‭ ‬لن‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬الجناة‭ ‬المجانين
أتحدث‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التواطؤ‭ ‬العام
‭ ‬الشامل
بين‭ ‬ركاب‭ ‬لا‭ ‬تتحرك‭ ‬فيهم‭ ‬غيرة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬شابة‭ ‬معاقة
فقيرة
‭ ‬مختلة‭ ‬عقليا‭ ‬تُفترس‭ ‬أمامهم‭ ‬
وسائق
‭ ‬ومراقبين‭ ‬لا‭ ‬يراقبون‭ ‬سوى‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يقتنون‭ ‬التذاكر‮..‬
لو‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الفتاة‭ ‬نفسها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بيدها‭ ‬تذكرة،‭ ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬ستنجو‭ ‬عندما‭ ‬يفرضون‭ ‬عليها‭ ‬النزول‭ ‬ومغادرة‭ ‬الحافلة؟
ألم‭ ‬يحدث‭ ‬أن‭ ‬جروا‭ ‬زبائن‭ ‬إلى‭ ‬مخافر‭ ‬الشرطة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬درهمين‭ ‬أو‭ ‬ثلاثة‭ ‬ثمن‭ ‬التذكرة؟‮.‬
طبعا‭ ‬هذا‭ ‬سؤال‭ ‬لا‭ ‬يرد‭ ‬في‭ ‬البيان‭ ‬الفضيحة‭ ‬الذي‭ ‬أصدرته‭ ‬الشركة‭ ‬الصامتة‭ ‬القابضة‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬الجريمة‭ ‬‮…‬
آن‭ ‬الأوان‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬السي‭ ‬لفتيت‭ ‬ملف‭ ‬مدينة‭ ‬بيس
‭ ‬ويفتح‭ ‬العمدة‭ ‬المحترم‭ ‬العماري‭ ‬الملف
وينظر‭ ‬في‭ ‬الملايير‭ ‬التي‭ ‬تجنيها،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬درهم‭ ‬حصلت‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬الداخلية‭ ‬مقابل‭ ‬استثمارات‭ ‬لم‭ ‬تقع‮..‬
أيها‭ ‬القوم،‭ ‬الذين‭ ‬عروا‭ ‬تلك‭ ‬الفقيرة‭ ‬المريضة،‭ ‬عروكم‭ ‬أنتم‭ ‬
وضعوا‭ ‬عوراتكم‭ ‬أمام‭ ‬الكاميرا‭ ‬لنراكم‭ ‬على‭ ‬حقيقتكم:أرواح‭ ‬داعرة‭ ‬حتى‭ ‬الجريمة‭ ‬‮…‬
لا‭ ‬تكفي‭ ‬جريمة‭ ‬عدم‭ ‬التبليغ‭ ‬
لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬متابعة‭ ‬أصحاب‭ ‬الشركة‭ ‬بتهمة‭ ‬الإخلال‭ ‬بالحياة‭ ‬العامة‮…‬
والإخلال‭ ‬بالواجب‭ ‬الوطني‮…‬
‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬فعل‭ ‬منكر
‭ ‬والتلبيس‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬واستغلاله‭ ‬لقاء‭ ‬الربح‭ ‬من‭ ‬النقل‭ ‬العمومي‮..‬
لن‭ ‬أغامر‭ ‬بأي‭ ‬تفسير‭ ‬ولا‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬لعقلنة‭ ‬الجنون‭ ‬الداعر‭ ‬للجناة
فليس‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬مبرر‭ ‬للتطبيع‭ ‬مع‭ ‬الشر‭ ‬عبر‭ ‬تفسيره‭ ‬بالسوسيولوجيا‮..‬
‭ ‬والذين‭ ‬أرادوا‭ ‬رؤية‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬الفاشلة‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬الجناة‭ ‬اسألهم‮: ‬والذين‭ ‬كانوا‭ ‬يتفرجون‭ ‬على‭ ‬البهيمية‭ ‬المعلنة‭ ‬في‭ ‬عاصمة‭ ‬الحداثة،‭ ‬أهم‭ ‬أيضا‭ ‬نتيجة‭ ‬للسياسات‭ ‬العمومية‭ ‬الفاشلة؟‮..‬
أيها‭ ‬الناس
يا‭ ‬ركاب‭ ‬الأوطوبيس‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الاغتصاب‮:‬
كل‭ ‬له‭ ‬هدير
‭ ‬النهر‭ ‬‮…‬له‭ ‬هديره‭ ‬
‭ ‬والطير‭ ‬في‭ ‬الأعالي
‭ ‬والدببة‭ ‬في‭ ‬المتجمد‭ ‬الشمالي
‭ ‬الزرافات
في‭ ‬السهوب‭ ‬والفلوات‮..‬
‭ ‬الهوام‭ ‬
بين‭ ‬تبن‭ ‬وزريبة‮…‬
كل‭ ‬له‭ ‬هديره‭ ‬
‭ ‬وأنتم‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬الأصوات‭ ‬الحيوانية‭ ‬‮:‬
العواء
‭ ‬والخوار‮..‬‭ ‬
والصياح
‭ ‬والثغاء‭ ‬والنعيق
الطنين
والنقنقة
‭ ‬والصهيل
والهديل
والرغاء
‭ ‬والزئير
والمأمأة‭ ‬
‭ ‬والنباح
‭ ‬والمواء‮..‬
والصفير،‭ ‬اخترتم‭ ‬أسوأ‭ ‬الأصوات‮:‬
صمت‭ ‬الميتين‭ ‬وأنتم‭ ‬تتابعون‭ ‬بعيون‭ ‬ملأتها‭ ‬الذلة‭ ‬أطوار‭ ‬الاغتصاب‮..‬
‭ ‬وفتاة‭ ‬تصرخ‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬مغيث‮..‬

 

الاربعاء 23 غشت 2017.

‫شاهد أيضًا‬

اليسار بين الممكن العالمي والحاجة المغربية * لحسن العسبي

أعادت نتائج الانتخابات البرلمانية الإنجليزية والفرنسية هذه الأيام (التي سجلت عودة قوية للت…