في برشلونة وفنلندا كان منفذو الاعتداءات الإجرامية التي أزهقت أرواح أبرياء من أصول مغربية. وقبل الإن كان متورطون في أعمال إرهابية في مناطق مختلفة من العالم ينحدرون من المغرب، وكان عدد الدواعش من أصل مغربي كبير جدا مقارنة مع جنسيات أخرى. ولولا العمل الجبار الذي قامت به الأجهزة الأمنية المغربية بشكل استباقي لكانت البلاد قد تعرضت لضربات إرهابية خطيرة على حياة المواطنين وعلى الاقتصاد والمؤسسات ولخرجت كثير من طيور الظلام من عتماتها ولرأينا من يستخدمون التقية خوفا يستأسدون، وبدل أن يتبنوا ملفات السلفية الجهادية/ الإرهاب بطرق ملتوية ويستعملوا حقوق الإنسان استعمالا تاكتيكيا، فإننا كنا سنجدهم يحتفلون بقتل من يعتبرونهم “كفارا” ويبرعون في إصدار فتاوي التكفير وهدر الدم.
ماحدث في برشلونة وفنلندا ينبهنا إلى أن المغرب يواجه أخطار إرهابية كبيرة ويواجه أيضا خطر تأثير الإرهابيين المنحدرين من أسر مغربية ليس فقط على سمعته، التي توجد في الحضيض الآن على الصعيد العالمي مع الأسف، بل وعلى مصالحه الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية وغيرها. فالبلد الذي قدمه الإعلام العالمي على أنه أكبر الناجحين في تدبير موجة ماسمي ب”الربيع العربي” عبر الإصلاح والحواروالناجين من ويلاتها، بعدما كان قد ربح صورة جيدة بفضل هيئة الإنصاف ةالمصالحة كتجربة متميزة للعدالة الانتقالية، وقبلها تجربة التناوب التوافقي، يتعرض اليوم لإساءة قصوى من طرف مراهقين، ينحدرون من بلدان المهجر، لانعرف كيف تحركوا أو تم تحريكهم الآن دفعة واحدة ويجب أن يتجه البحث في هذا الاتجاه أيضا.لأن هذه الأحداث الإرهابية المتوالية في بلدان أوروبية لها حساسية خاصة موجهة للإساءة لصورة المغرب الخارجية ولاقتصاده السياحي الأساسي، عملة صعبة وتشغيلا واستثمارات، ولجاذبيته للاستثمار الدولي التي تضررت أصلا بحراك ريفي بلا نهاية تتبادل من ورائه الطعون مافيات السياسة والحشيش ويتم تدبيره مند البداية بشكل سئ للغاية، ولعلاقته بأبناء جاليته في المهجر التي تعتبر اليوم، بأزيد من 4 ملايين، دعامة أساسية له في العالم اقتصاديا وسياسيا واستراتيجيا.
لكن، وعدا السمعة الخارجية والمصالح الدولية للمغرب، فإن الأعمال الإرهابية التي لطخت سمعة المغرب تسائلنا:
أليس حديثنا عن خصوصية مقارنة مع الشرق مجرد وهم يخفي عنا حقيقة أن المجتمع المغربي صار خزان عنف أعمى؟
ألا نواجه خطر الدخول إلى منطقة الهشاشة السياسية القصوى بسبب الهشاشة الاجتماعية المتزايدة وانتشار الأفكار الظلامية باستغلال كل الطرق وإعمال التقية؟
ألا نعيش لحظة مفتوحة على خطر الهدم والتراجع تتطلب من النخب تحمل مسؤوليتها الوطنية بنزاهة لدرئه واقتراح حل وسط تاريخي جديد يعوض الحل الوسط التاريخي الذي بدأت بلورته في فترة الحماية وتم تمديده بعد المسيرة الخضراء وإصلاحات التسعينات وماتلاها؟
أسئلة من ضمن أخرى ملحة تستدعي التفكير بعقلانية في الجواب عليها والابتعاد عن ضجيج بعض من يبحثون عن بطولات وهمية ولو بإسقاط البلد في براثين الفوضى والمصير المجهول.
وتستدعي الجواب على هذه الأسئلة على الخصوص إبراز ودعم توجه إصلاحي وعدم التورط في أي توجه يوحي، مجرد الإيحاء، بإمكان الارتداد والعودة القهقرى.
ومن المؤكد أن مواجهة فكر الردة والظلام والارهاب تظل واجب النخبة المثقفة التي توارت الكثير من عناصرها بشكل غريب وقت الحاجة إليها، وكأنها حققت الاستفادة التي كانت تسعى إليهاو وصلت إلى نهاية مطافها ولسان حالها يقول فليذهب البلد إلى الجحيم .