في درسه الجامعي، ذكر عالم الاجتماع ”بيير بورديو ،” يوم 17 يناير 1991، أن هناك معنيين للدولة:
الدولة الإدارة..
والدولة التراب الوطني والمواطنون..
وسواء لجأ القارئ الآن ، وهو يسعى إلى إعادة قراءة كتابه الضخم( عن الدولة- دروس الكوليج دوفرانس-1989 /1992 ) إلى قاموس ”روبير” Hأو “لالند” أو ”لاروس”، فإنه سيصادف دوما هذا التعريف المزدوج للدولة، وهما تعريفان يرتبطان ارتباطا وثيقا ووراثيا حتى،…
فالدولة هي الإدارة، وهي مجموع إدارة الوزاراتadministration des ministres، وشكل من الحكومة.
والدولة ، من ناحية أوسع ، تعني التراب الوطني ومجموع المواطنين …
وقد تَواجَه المؤرخون طويلا، لمعرفة من يصنع الآخر: هل الدولة التي تصنع الوطن أم الوطن الذي يصنع الدولة ؟..
وهو نقاش يدرك أصحابه أنه بدون معنى علمي كبير ، لكن معناه، سياسيا، جد مهم..
لماذا هذا التذكير الأكاديمي في لحظة توجس سياسية؟..
لأن … الأمرين معا وردا في خطاب الملك محمد السادس بالصيغتين معا:
الإدارة…،
والتنمية الترابية
أي دراعا الدولة معاَ
وقد تحدث رئيس الدولة عن الدولة بمعنييها.،
ولا تقف الإدارة عند وظيفتها، أي كأداة من أدوات الدولة بل هي الدولة في التعريف السوسيولوجي للسياسة عند واحد من أكبر علماء الاجتماع البشري..«بيير بورديو».
فالدولة بمعناها الأول، أي الإدارة تصبح قائمة عندما تقوم الدولة بمعناها الثاني، أي التراب الوطني والمواطنين..
لهذا يربط الخطاب بين نقد الإدارة ومصلحة المواطنين،
وليس نقد الإدارة ونجاعتها في الضبط
أو في الاقتصاديات،
أو في الانضباط الإداري..
بل في علاقتها بالدولة التراب + المواطنين..
بناء الدولة ، كحقل مستقل نسبيا ، يقول بورديو، يمارس نوعا من مركزة القوة الفيزيقية والرمزية، مصاحب دوما ببناء حقل اجتماعي موحد هي المسؤولة عنه!
من المؤكد أن رئيس أي دولة، وبالأحرى عندما يكون ملكا برمزيات روحية تاريخية، ليس مطالبا بأطروحة عن الدولة، ..
ليس له أن يختار بين وجه الدولة في نظر هيجل
ولا الدولة في نظر ماركس
بل في العملة نفسها بوجهيها..
هكذا وهو يمارس الدولة ويرأسها.. يصنع طبيعتها التي يريدها له طبعه الإصلاحي..
لهذا، الخطاب يقدم موقفا سياسيا من التعريفين معا، …
لا فقط في العلاقة بينهما بل في العلاقة بين كيانات الدول الأخرى .»
المغرب اليوم، تربطه أزيد من أربعين اتفاقية افريقية ، مع الدول التي زارها ملك البلاد في إطار استراتيجية شاملة،
استراتيجية تمس الدولة التراب والمواطنين
لكن لا بد له
ولابد لها ، الدولة التراب الوطني
ولا بد لنا
الدولة المواطنون
من الدولة الإدارة ..
ولهذا يكون خطاب العرش، قد وضع تعريفين معا على محك العلاقة الدولية للبلاد..
يطرح هذا، إعادة تعريف الإدارة، بناء على وثيقتها الأساسية أو التأسيسية، أي ظهير 1958، وإعادة تعريفها أيضا في مصاحبة الدولة الوطن، في علاقتها الجديدة:
فالإدارة التي رأت النور في دولة 1958، لا شك أنه يصعب عليها أن ترافق الدولة التي رأت النور:
- في 2011…..
-ثم في عودة المغرب إلى مياهه الافريقية الحيوية..
سنفهم أشياء أخرى في الخطاب، ونحن نقرأ هذه الخاتمة عن تعريف الدولة حسب ماكس فيبر »، أي بما هي التنظيم الذي يؤكد ،بنجاح، مسعاه في ممارسة السلطة فوق تراب محدد ، بفعل احتكاره للاستعمال الشرعي للعنف..
وفي فكرة الشرعية هناك فكرة الاعتراف،…
وهناك إلى جانب شرعية العنف
شرعية أخرى، تهم الاقتطاع الضريبي طبعا، وهنا يدخل القطاع الخاص..
وتلك ”دولة ” أخرى.…