لفهم ما يجري 3 … أحمد بطاطاش، الأمين العام لحزب جبهة القوى الاشتراكية الجزائري..

مشكلة النظام الجزائري مع شعبه أقوى من مشاكله مع المغرب

حاوره: محمد الطالبي

يعد أحمد بطاطش، السكرتير الأول لحزب «جبهة القوى الاشتراكية» الجزائرية،  ثاني قيادي شاب يرتقي إلى قيادة حزب جبهة القوى بعد كريم طابو الذي لم يكن يتجاوز عمره 40 سنة حين تسلمه دفة القيادة.
و بطاطش جامعي حاصل على شهادات في الحقوق والعلوم السياسية. يعرف عنه سلاسة اللغة والقدرة على التواصل.وقد حصل على عضوية المجلس الشعبي الوطني بعد مراجعة المجلس الدستوري لنتائج الانتخابات التشريعية  لماي 2012، كما خضع تعيينه على رأس الجبهة لمجموعة من الاعتبارات تضم  الرغبة في إحداث توازن في تركيبة قيادة الحزب.
في ما يلي حوار معه حول الربيع العربي والفضاء المغاربي، وأيضا حول أوضاع حزب جبهة القوى الاشتراكية، والعلاقات المغربية الجزائرية وصراع الصحراء..

{ أستاذ مرحباً، نريد التطرق للوضع في المنطقة المغاربية ومؤتمر الجبهة الأخير، والذي انتخبتم فيه خلفاً للأستاذ أيت أحمد. وبداية نريد أن تحدثنا عما بعد الحراك العربي. وكيف تقرأون البدائل الممكنة؟

>ـ بداية، أشكركم على استضافتي في هذا المنتدى الهام، وهذا الحوار مع جريدة »الاتحاد الاشتراكي«.
بالنسبة لما يسمى بالربيع العربي، معلوم أن جبهة القوى ساندت حركة الشعوب العربية من أجل الحرية والكرامة منذ بداية ثورة الياسمين، لأن هناك حاجة للحرية، للكرامة وللعدالة الاجتماعية، لكن ما حدث أن هناك معطيات داخلية وخارجية حالت دون وصول الشعوب العربية إلى مبتغاها في الحرية والديمقراطية.وتبين أن هناك قوى رجعية بطريقة أو بأخرى وصلت إلى سدة الحكم في عدة بلدان. وهناك رهانات دولية حالت دون ذلك الربيع والوصول إلى النتائج. والحالة السورية هي حالة يرثى لها، لأن ما بين طموح الشعب السوري للانعتاق من دكتاتورية نظام الأسد، ومن جهة أخرى، وجود مخططات إقليمية ومحاور إقليمية، حيث حلف موسكو وطهران ومحور دول الخليج والتحالف مع القوى الأمريكية، وهذا يحول دون بروز بوادر لحل الأزمة السورية، وهو الأمر الذي ينتج وديانا من الدماء. ونحن ندد بهذا العنف الأعمى وننشد حقن الدم السوري سريعاً بعيداً عن التجاذبات الاقليمية.

{ بالعودة إلى الجزائر التي كان يتوقع أن تعرف تحولا بعد تونس، ذهبَت للتصويت على جبهة التحرير، فهل هذا مرده إلى بحث الجزائر عن مخرج سلمي وأخذ العبرة من الحرب الأهلية التي مرت بها؟

> القول بأن الشعب الجزائري صوت لصالح حزب ما، هذا قول مجانب للحقيقة، لأن الحقيقة أنه لا توجد انتخابات حرة وديمقراطية في الجزائر، هي انتخابات على طريقة مبارك وبنعلي لا تمت بصلة للانتخابات بالمعايير الديمقراطية.
ولكن ما يجعل الجزائر لا تساير الربيع العربي، هو أن الجزائر عاشت عشرية دموية كلفتها غالياً ولا يريد الشعب الجزائري أن يعود للدم من جديد.

{ هل المقصود المرحلة التي أدت إلى صعود الإسلاميين وخلعهم؟

> لا ،المشكل أن الحرب الأهلية بالجزائر كانت مبرمجة. والجزائر أدت ثمناً باهظاً ،ولو سايرت موجة الربيع الجديدة، لأدت ثمناً أغلى بكثير ولكانت الجزائر ذهبت إلى الهاوية، والبلد لم يعد يقوى على صدمة أخرى بعد صدمة التسعينات. ونحن كحزب سياسي لم نكن لنغامر بالشعب الجزائري، ولم نكن متحمسين للأمر، لأننا نعرف بأن هناك مخططات وطنية ودولية،تلعب أدواراً خطيرة، كما وقع في ليبيا وسوريا. ونحن فضلنا التوجه نحو التغيير السلمي بعيداً عن العنف، لأن الجزائريين لا يحبذون أية تجربة عنيفة، لأنها »»الكاو»«/ النهاية، فالذهاب للعنف خطير جداً، خاصة وأن الشعب الجزائري اليوم في معظمه مسلح، وهناك مليشيات في أنحاء البلاد. والذهاب إلى العنف لن يخرجنا من النفق، ونفضل بناء مرحلة انتقالية سلمية.

{ هل الأحزاب الحداثية الديمقراطية جاهزة اليوم للمرحلة الانتقالية؟

> لم تظهر هذه الملامح بعد.سوف نسعى إلى بناء التغيير. واليوم، سلطات البلاد ليست لها أي نية للاتجاه نحو انفتاح سياسي حقيقي. وحتى قبل أقل من سنة على موعد الانتخابات الرئاسية، مازالت الضبابية ولا أحد يعرف الاتجاه.

{ عقدتم مؤتمركم ?مؤخراً- قبل شهر وانتخبتم قيادة جماعية من خمسة مناضلين. فهل الجبهة في غياب ابن احمد مازالت هي البديل؟

> كنا سعداء بحضور حزبكم معنا أشغال المؤتمر الخامس.وهذا المؤتمر الذي عقد لأول مرة في غياب الرئيس الحسين أيت أحمد لأسباب صحية قاهرة، وشهد تسليم المشعل إلى جيل جديد ،فضلنا القيادة الجماعية، لأن لا أحد منافردياً قادر على ملء الفراغ الذي تركه السيد أحمد، وانتخب بالإجماع وأنا أشغل منسق الأمانة العامة، ونرمي إلى أن نواصل النهج الذي رسمه أيت أحمد ورفاقه سنة 1963، وهي قيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ونعتبر أن الديمقراطية غير موجودة في الجزائر، لأن هناك انتخابات صورية وهناك مؤسسات للواجهة فقط، لأنها مؤسسات غير منتخبة حقيقياً وهي واجهة فقط.
ونسعى للعدالة الاجتماعية. فالجزائر بلد غني بموارده البشرية والطبيعية، لكن المفارقة أن أغلب السكان فقراء جداً، وهذه مفارقة عجيبة. وحزبنا يسعى إلى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وإعادة توزيع عادل للثروات يستفيد منها الشعب الجزائري بكامله.

{ ما هي قراءتكم للحدود المغلقة بين المغرب والجزائر وحتى مع جيران الجزائر الآخرين؟

> بالنسبة لنا في جبهة القوى الاشتراكية نحن حزب ذو بعد مغاربي ونؤمن بأن المغرب الكبير هو وطن واحد. الشعب الذي يقطن هذه الأرض شعب واحد ذو أصول أمازيغية يوحده الاسلام. والحدود وهمية موروثة عن الاستعمار ومن صنعه. ونحن نرمي إلى وحدة المغرب الكبير والشعوب لا يعجبها هذا الأمر بطبيعة الحال، سواء الشعب المغربي أو الشعب الجزائري وهي متضررة، وإغلاق الحدود ليس له ما يبرره تاريخياً ولا أخلاقياً ولا اقتصادياً. إن كل المبررات لا تصمد أمام هذا الوضع. وحزبنا دعا دوماً إلى فتح الحدود. والمشكل ليس بين الشعب الواحد، ولكن بين أنظمة. ويجب إزالة كافة القيود والعقبات لفتح الحدود. ونعمل على اندماج اقتصادي واندماج اجتماعي، لأننا مندمجون اجتماعياً، وثقافتنا واحدة ذات أبعاد عربية اسلامية أمازيغية. وبالنسبة لباقي المشاكل، إذا توفرت الإرادة السياسية لدى حكام المنطقة، لتجاوزناها بما فيها مشكلة الصحراء، والتي قلت ?دوماً- لو أننا أنظمة ديمقراطية في المنطقة، لكانت هذه المسألة من الماضي، ولكننا مازلنا ندور في دوامة مفرغة.

{ الشعبان المغربيان هما المتضرران من إغلاق الحدود، فماذا يمكن أن يعمله حزبكم والاتحاد الاشتراكي؟

> ضاحكا، الأنظمة تملك ثمن الطائرة والنقل الجوي والمسؤولون يتنقلون بسهولة،بينما الفقراء هم من تغلق في وجوههم الحدود البرية. والتنسيق بين حزبين هو لبنة من أجل تجاوز هذه العقبات، وعلينا العمل مع الشركاء الاجتماعيين للضغط على الحكومات من أجل تجاوز هذا الوضع الذي لا يستفيد معه أحد.

{ كيف تتصورون اليوم بناء المغرب الكبير في ظل الأنظمة الجديدة، خاصة التي أتى بها الربيع العربي في تونس وليبيا خاصة؟

> لا أعتقد بإمكانية بناء المغرب العربي في ظل هذه الأنظمة، لأنها لا تضمن سلطة الشعب ،وهناك تفاوت في التقدم الديمقراطي، ولكن الديمقراطية غير متوفرة حيث الكلمة للشعب وحق الشعب في تقرير المصير واختيار الحكم والبرلمان بكل حرية، وهو ما يعزز التوجه إلى الوحدة بدعم واختيار شعبي.

{ لماذا تسعى الجزائر إلى تعميق الأزمة فيما يخص الصحراء مع المغرب في الوقت الراهن؟

> مسألة استقرار المنطقة، نعتبرها أولوية ،ونحن رفضنا تدخل فرنسا في مالي والساحل، لأن ذلك سيجعل منها بؤرة توتر وساحة للجهاد المقدس بحسب تعبير الجهاديين، ولأن هناك احتلالا وقوات صليبية في المنطقة، وبذلك تصبح ساحة للجهاد ونحن نرفض هذا المنحى وأي تصعيد من أي طرف، لا يساعد على الذهاب إلى وحدة المغرب. وبطبيعة الحال، كل نظام له »أجندة« داخلية لتخطي المشاكل الداخلية، وتستعمل ورقة ضغط ويستعمل أي ملف، ونحن لا نساير هذا المنطق ويجب الذهاب إلى الوحدة.
وإذا كان مشكل الصحراء بين أنظمة، فيمكن وضعه جانباً وبناء علاقة قوية …. بمعزل عن الملف الذي له مسار آخر،كل طرف ينظر إليه نظرة خاصة. وإن الجزائر بطبيعة الحال، ليست طرفاً وهو من المفروض أنها ليست طرف في هذه الأزمة، وعليها النأي بنفسها عن هذا الملف مادام هناك مسار أممي أو مفاوضات. المهم أن هذه المشكلة لا يجب أن تعيق مسار العلاقات بين الدولتين.

{ مارأيكم في اتهام الجزائر المغرب بقيادة حملة ضدها،وكذا ترويج المخدرات..

> أنا ضد أي حملة تصعيديةمن الطرفين. يجب تفادي هذا اللغط الموجود بين البلدين. وبالنسبة للمخدرات، فسواء كانت الحدود مفتوحة رسمياً أو مغلقة، فهذالن يؤثر في الموضوع هذا لا يقدم أو يؤخر شيئا، لأن المخدرات لا تعبر الحدود المفتوحة، ولا يمكن اتهام السلطات المغربية بترويج المخدرات، لأن مافيا المخدرات لا يتحكم فيها وهي تروج عالمياً وهي جريمة عابرة للحدود.لا يمكن اتهام أجهزة، فهناك قد يوجد أشخاص. ثم إن تهريب المخدرات جريمة يعاقب عليها في الجزائر، كما في المغرب،وبالتالي إذا كان هذا هو السبب لإغلاق الحدود، فهو سبب واه وسواء أغلقت الحدود أو فتحت فالمخدرات تمر.

{ هناك من يرى أن الجزائر تخسر أموالا ضخمة في دعم بوليساريو والشعب الجزائري أولى بها؟

> أنا أرى أن مشكلة النظام الجزائري مع شعبه أ قوى من مشاكله مع المغرب

{ كيف تعاملتم مع مرض الرئيس بوتفليقة؟

> ربما نحن الحزب الوحيد الذي نأى بنفسه عن الجدل القائم حول مرض الرئيس. وأنا قلتها في البرلمان أن من غير اللائق الأخلاقي الاستثمار في مرض الرئيس.

{ فقط نريد الاطمئنان حول صحة الرئيس؟

> كما تعلمون، الرئيس يوجد في مؤسسة خارج الوطن، وهناك شح في المعلومة الرسمية، وبالتالي لا يمكن أن أفيدكم في شيئ.

..^جريدة الاتحاد الاشتراكي ..7/9/2013

‫شاهد أيضًا‬

الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس يناقض أفكاره الخاصة عندما يتعلق الأمر بأحداث غزة * آصف بيات

(*) المقال منقول عن : مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية ألقى أحد الفلاسفة الأكثر…