تصوروا معي شارعا بدون قانون مروري ينظم المرور فيه. تصوروا معي ماذا يمكن أن يحدث في ذلك الشارع من فوضى في غياب معايير تضبط الحركة و المرور فيه. نفس تلك الفوضى تحدث في عقولنا يوميا طالما اننا لا نفكر بطريقة صحيحة. و التفكير المقصود هنا هو التفكير المدروس ، المرتب و المعتمد على قواعد عامة تحكمه ، و ليس التفكير العشوائي ، الظرفي و غير المدروس. فنحن نفترض في الطباخ أنه ينبغي عليه لكي يطبخ أن يتعلم اولا كيفية الطبخ ، بينما نفترض أن أي شخص يمكنه التفكير بدون أن يتعلم
اولا كيفية التفكير ، على الرغم من أنه المفتاح الذي يمكننا من إدارة كافة شؤون و تفاصيل حياتنا.
و على الرغم من أهمية إضافة مادة التفكير إلى مناهج تعليمنا في جميع مراحله و اعتباره مادة أساسية بوصفها المفتاح الذي سوف يمكننا من فهم أي شئ آخر في الدراسة و الحياة و العمل. فباستثناء المحاولات الاخيرة التي سنرى مفعولها في المستقبل ، لم نهتم لمدة طويلة و بالشكل الصحيح بتفكيرنا و لا بتحيين مناهجنا و لا بتعليمنا بصفة عامة. لم نهتم للأسف بتنمية أي شئ يخص العقل. و الغريب اننا بعد ذلك نتعجب و نتساءل عن السبب وراء عدم إقلاعنا كما وقع على سبيل المثال للنمور الآسيوية التي كانت في غالبيتها في نفس المستوى الاقتصادي عند استقلالنا. من المؤكد انه لو كان لأغلبية شبابنا اليوم طريقة تفكير صحيحة (غيابها مسؤولية الجميع) لكان بإمكان بلادنا السير  بشكل أسرع في طريق النمو لكن ما نلاحظه مجتمعيا حاليا و بشكل يومي من ممارسات يجعلنا نستحضر مقولة ” ليس بالإمكان أكثر مما كان ” و نكتفي بما تحقق منذ الاستقلال و مازال يتحقق لحد الان و محاولة الحفاظ عليه لأن ذلك سيكون صعبا في المستقبل ان استمر الحال على ما هو عليه بالنسبة لطريقة تفكير أجيال شباب اليوم و الغد.
الاحد 23 يوليوز 2017.

‫شاهد أيضًا‬

أبراهام السرفاتي.. ممكنات استراتجية الدولة الفلسطينية الديمقراطية *ترجمة : سعيد بوخليط

اللوحةل : الفنان الفلسطيني فضل ايوب تناول اللقاء مع المناضل اليساري الراحل أبراهام السرفات…