مند اتفاقية الحماية التي ابرمها المغرب سنة 1912 بسطت سلطات الحماية الفرنسية نفوذها في احتلاله و مند ذلك التاريخ اصبح مستعمرة تابعة لفرنسا شأنه كشأن باقية البلدان المستعمرة و اغلبها من القارة الافريقية .
و على اثر اتفاقية اكس ليبان حصل المغرب على استقلاله و عودة ملكه و رمز بلاده المرحوم جلالة الملك محمد الخامس رحمه الله و افراد عائلته من المنفى . و كانت عودة الملك هي النقطة الاولى التي اقترحها المرحوم عبد الرحيم بوعبيد الزعيم الاتحادي الكبير الذي كان ضمن الوفد المغربي الذي شارك في ابرام الاتفاق . و كان المرحوم عبد الرحيم بوعبيد انذاك ضمن وفد حزب الاستقلال الى جانب افراد الحركة الوطنية الذين وقعوا وثيقة المطالبة بالاستقلال . و كانت عودة الملك اول نقطة أثارها المرحوم بوعبيد قبل شروعهم في مفاوضات الاتفاقية . و بموجبها استرجع المغرب سيادته و استقلاله بعدما استغرقت سلطات الحماية في المغرب مند سنة 1912 الى 1955.
..بعد الاستقلال اكتشفت نوايا المنضوين في صفوف الحركة الوطنية و غيرها تحت صفوف المقاومة و جبهتي التحرير . و تدور حول المصالح ، فمن هؤلاء من يريد احلال المعمر في تولية المصالح و الامتيازات و ربط هذه المصالح بمصالح الاستعمار في حين ان الاخرين يرفضون و يقاومون هذا التوجه . و لهذا السبب شهد المغرب طيلة خمس سنوات بعد الاستقلال مخاضا عسيرا لم تستقر معه حكومتي البكاي و بلافرج . و كان الصراع بين الجناحين التقدمي بزعامة المرحوم بن بركة و اخوانه . و الجناح المحافظ الذي يسعى الى تقوية النفوذو الاستفادة من الثروات . نتج عن هذا الصراع انفصال الجناح الثوري التقدمي عن حزب الاستقلال الذي كان يجمعهما و تأسيس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959 و هو الاتحاد الاشتراكي في الوقت الراهن مع احتفاظ المرحوم عبد الله ابراهيم باسم الاتحاد الوطني مند سنة 1973 . و كان محور الصراع بعد الاستقلال هو مسألتي الاقتصاد و الديمقراطية بالأساس .
فإذا كان الجناح المحافظ يهدف الى الاستفادة من الريع المادي و تلغيم الديمقراطية فان الجناح التقدمي يسعى الى تحرير اقتصاد البلاد من التبعية و سن الديمقراطية في البلاد و هي الهدف الرئيسي في حكم البلاد .و في شأنها كان مطلب الحركة الوطنية انداك انتخاب مجلس تأسيسي لصياغة دستور يعلن الارادة الشعبية و تكريس مقومات النظام السيادي في اسسه القائمة على مبادئ سيادة الامة و سمو الدستور كمصدر لجميع السلطات غايته المثلى حرية و كرامة المواطن المغربي .
.. اسفر المخاض الذي استمر خلال تلك المدة المشار اليها الى تشكيل حكومة يرأسها المرحوم عبد الله ابراهيم باسم الاتحاد الوطني و تولى المرحوم بن بركة رئيس المجلس الاستشاري كبرلمان في انتظار انتخاب اعضائه حيت تم انتخابه سنة 1963 .
.. قاطع الاتحاد التصويت عليه باعتبار دستور ممنوح خلافا لمطلب الحركة الوطنية من جهة و مخالف للشريعة الاسلامية حسب المرحوم شيخ الاسلام محمد بن العربي العلوي . و هكذا لم يكتف الاتحاد بالمقاطعة بل نظم تجمعات في مختلف مدن المغرب لدعوة المواطنين الى مقاطعته و عدم التصويت عليه . و استمر موقف الاتحاد من مقاطعة التصويت على جميع دساتير المملكة الى غاية 1996 . و بعدها جاءت الانتخابات التشريعية لسنة 1997 و تصدر الاتحاد الاشتراكي الصف الاول في الاصوات المحصل عليها مع تتويجه بتولية الاتحاد الاشتراكي رئاسة الحكومة في شخص اليوسفي بطلب من المرحوم الحسن الثاني بهدف انقاد البلاد من المنزلق السياسي الذي كان سيؤدي بالبلاد الى الباب المسدود بسبب فشل السياسات المتبعة مند سنين .و هي التي كان الاتحاد يعارضها مند تموقعه في المعارضة مند سنة 1960 بعد اقالة حكومة الاتحاد الوطني و تكررت هذه الوضعية سنة 2002 حيت اجهضت حكومة الاتحاد الاشتراكي رغم تصدره الصف الاول من الاصوات المحصل عليها . و لم تتمكن حكومة اليوسفي من الاستمرار في رئاسة الحكومة و انتقد المشهد السياسي تعيين السيد جطو الذي كان وزيرا للداخلية في حكومة اليوسفي .
استغلت القوى الثالثة الفراغ الدستوري الذي لا ينص على المنهجية الديمقراطية ، و التي جاء بدستور 2011 في الفصل 47 . استفاد منها حزب العدالة و التنمية كما استفاج منها للمرة الثانية سنة 2016 على ضوء الانتخابات المجراة يوم 7/10/ 2016 لكن الحزب لم يستطيع تشكيل الحكومة الا بعد مضي ستة اشهر اتر تعيين الملك للعثماني رئيسا للحكومة و اعفاء بنكيران . و بخصوص حكومتي بنكيران في نسختها الاولى و الثانية . و هو الحزب الذي يتزعم التيار المحافظ و قد عجزت كليا في تنزيل دستور 2011 كما عجز السيد بنكيران من ممارسة الصلاحيات الواسعة التي خولها له الدستور .
و بالعودة الى البرنامج الانتخابي لحزب العدالة و التنمية نجد ان اهم عنصر استند اليه و يسعى الى تسويقه يتجلى في مفهومين ، الاول محاربة الفساد و الثاني محاربة الاستبداد الذي يندرج في مفهوم اخر و هو الاصلاح . اما بالنسبة لحكومة العثماني فأول ما اصطدمت به هو أحداث الريف التي اندلعت من جهة و ما صاحبها من مسيرات و احتجاجات و تظاهرات في مختلف مدن المملكة يقوم بها شبان بمختلف الاطياف من مراجع مختلفة كما هو الشأن بالنسبة للحكومة التي تشكلت بدورها من مختلف الاحزاب دوي مرجعيات مختلفة و التكنوقراط يصعب معه الاتفاق على برنامج موحد .
و عودة الى عنوان المقال حول القوة الثالثة و القوى المحافظة . فاعتقد ان السؤال حولهما و العريض الواجب اثارته يشكل التحدي الذي بات المغرب يواجهه مند استقلاله الى الان حول اسباب الاستمرار في عرقلة تقدم البلاد و ازدهارها و القضاء على جميع المظاهر السلبية التي يتصف بها و يتعلق الامر :
- اولا : القوى الثالثة كما سماها المرحوم المهدي بن بركة ، و يسميها الاخ فتح الله ولعلو عناصر الافساد و رموز الازمة و قوى الجمود . اما عبد الرحمان اليوسفي فيسميها جيوب المقاومة اما بنكيران فلست ادري ان كان يقصد بها بدوره التماسيح و العفاريت . و هذه القوى هي التي تعرقل كل اصلاح في المغرب و على رأسها المسلسل الديمقراطي الذي انطلق مع حكومة اليوسفي و ما زال مستمرا دون تحقيقه الى الان . علما ان الحكومات التي عرفها المغرب بعد حكومة اليوسفي تعلن عن تشبثها بهذا المسلسل . و على كل فان هذه القوى تشكل قوة ضاغطة تجهض كل حكومة تسعى الى المساس بمصالحها .و لاشك ان نشأتها كانت مند فجر الاستقلال ، و كانت مصالحها في عهد الحماية مرتبطة بمصالح المعمرين و اصبحت تستفيد اكثر من ثروات في حين اصبحت اقلية صغيرة لا تستفيد الا من جزء ضئيل من الدخل الوطني . و قد نتج عنها مند سنوات اتساع دائرة الفوارق الطبقية . و سارت الطبقة الوسطى في اتجاه انضمامها للطبقات الفقيرة و هذه الفئة القليلة هي الطبقة البرجوازية الهجينة لا تتوفر على الحس الوطني و لا الوازع الديني كان همها الوحيد هو تنمية ثرواتها و الحفاظ على مصالحها خلافا لما كانت عليه البرجوازية الفرنسية مثلا هي التي ساهمت في الثورة و تخلصت من الكنيسة و الاستبداد . و الملاحظ ان فلول هذه القوى مستمرة ينضم اليها كل من يرغب في الحصول على الثروة بطريقة غير مشروعة . و ابتدعت في شأنها اساليب منها نسج علاقات مع عدد من المسؤولين الذين انتهجوا نفس المسلك يسعون جميعا في فساد الاستفتاءات الشعبية من الجماعية الى البرلمانية . و يستغل هؤلاء المسؤولين نفوذهم و تمكين عناصر الفساد من الصفقات المختلفة من المشاريع ، و انتشرت الزبونية و المحسوبية و لم يختصر الامر عند هذا الحد بل ازدادوا في نهب ثروات البلاد و اختلاس المال العام . و قد انكشف امر هؤلاء في السنتين الاخيرتين حيت تم الكشف عن عدد من مختلسي المال العام و تورطهم في قضايا الفساد في مختلف القطاعات و مرافق الدولة . كما انكشفت فضائحهم بالجملة ، و يتجلى في الاتجار في المخدرات و عدم انجاز المشاريع و الحال ان الارصدة المخصصة لها قد سددت في الملفات المتعلقة بها .
و الدليل على فساد هؤلاء يمكن الكشف عنه و ذلك بإجبار كل مسؤول او موظف في القطاع العام بالأساس بالكشف عن ممتلكاته و ارصدته المالية في البنوك و كذلك ممتلكات ازواجهم و ابنائهم و اقربائهم و اصدقائهم ، لماذا لان عدد كثير من عناصر الافساد لا يضمن ممتلكاتهم و ارصدتهم في اسمه بل يضمهما اسماء من الفئة المذكورة لكي لا ينكشف الامر .
هذا هو التحدي الذي ارى من الواجب محاربته و القضاء عليه . و هذا الامر لا يتضمن إلا مجهودا ضئيلا و بسيط في بعض الاحيان و ظاهر للعيان اسوغ مثالا في هذا الاطار عامل او قائد او قاضي يلتحق بمهامه . و لم تمضي مدة قصيرة و تراه يملك سيارات و عمارات تفوق قيمتها اجرته لمدة سنوات في حين ان الشخص المتعفف و النظيف لا يملك في بعض الحالات إلا منزلا للسكن بعد ان يقترض من البنك . و هكذا فان هذه المقاربة اصبحت ضرورية لمعرفة الصالح و الطالح . اما ولوج مؤسسة التشريع فأصبحت محرمة على الكفاءات و المؤهلات النزيهة إلا نادرا . و لذلك فبالرجوع الى اعضاء مجلس النواب و المستشارين فاغلبهم من مستعملي المال او من التيار المحافظ الذي يوظف الدين كوسيلة لتضليل الناس و القيام بأعمال البر و الاحسان للتصويت على اغلبية الفائزين في الانتخابات . و لهذا تبوء حزب العدالة و التنمية الصف الاول في انتخابات 2010 و 2016 و هو الذي يشكل التيار المحافظ الذي ربما فطنت اليه الاحزاب الاخرى و شكلت ضده حلفا لتطويقه في ولايته الثانية .
- ثانيا : اما بالنسبة للتيار المحافظ فانه يشكل بدوره تحد خطير في السياسة و في الدين . كانت نشأة الحركات الاسلامية التي انخرطت في العمل السياسي يطلق عليها اصطلاحا الاسلام السياسي . فكان اقرارا موضوعيا و ردا مباشرا على الاكتساح الواضح للحركات اليسارية في بداية السبعينات . كانت محكومة بشروط و عوامل خاصة ساهمت في ظهورها و تطورها الى ان وصلت الى الحكم سنة 2011 كما هو الشأن في مصر و تونس و غيرها من الدول العربية الاسلامية .
و الملاحظ ان هذه الحركات في المغرب تتميز بالتعدد و التنوع سواء في تنظيماتها او هياكلها او برامجها او اساليب ممارستها سواء للعمل الدعوى او السياسي . و كذلك تنظيرها و نوع الخطابات التي تصدر عنها . فان ما يجمعها هو اتخاذ الدين الاسلامي مرجعية . لقد تبنت هذه المرجعية التي لا يجب ان تنفرد بها لان الاسلام جاء للإنسانية عامة . لكن هاته الحركات استغلته لكون الدين الاسلامي من ثوابت البلاد . لا يمكن المساس به اطلاقا و التشهير به كمرجعية يستقطب كثير من الناس خصوصا في صفوف الاميين الفقراء . و هذه الحركات مرت بثلاثة مراحل :
المرحلة الاولى : ترتبط بتأسيس الشبيبة الاسلامية و هي التي تعتبر اول تنظيم حركي سياسي منظم يتبنى فكرا و مرجعية اسلامية يسعى الى اقامة دولة اسلامية ” و هو الهدف الذي يسعى اليه داعش ” و ذلك سنة 1972 و هو تاريخ اعلانها الرسمي . وقد كانت بداية هذه المرجعية قد شهدت قبولا حدرا من السلطة خاصة فان مصالحها و مصالح السلطة قد التقت في مواجهة التأثير الكبير للقومية العربية بزعامة المرحوم جمال عبد الناصر . و كذلك التأثير على اليسار المغربي انذاك . الا ان سعي هذه الحركة نحو اقامة بديل اسلامي عن السلطة القائمة قد فرض على هذه الاخيرة الحد من هذا الطموح الجارف للحركة حيت تم اعتقال بعض قياديها و هروب زعيمها عبد الكريم مطيع الذي تورط في قتل الزعيم الاتحادي عمر بن جلون سنة 1975 .
المرحلة الثانية : تتحدد في التصدع داخل صفوف الحركة و الانشقاق بين اعضائها . و على اثر ذالك ظهر تيار داخل الحركة يدعو الى ضرورة ممارسة مراجعات و نقد ذاتي و تصحيح لتوجهاتها و اهدافها لدفع عداء السلطة و يمنحه نوعا من الشرعية يسمح لها بالعمل العلني بدلا من العمل السري . و كذلك تغيير الخيار الانقلابي لصالح خيار العمل ضمن اطار المؤسسات الرسمية بزعامة بنكيران . و من تم حاولت الجماعة المذكورة تعزيز وجودها و تنظيم هياكلها عبر السير في طريق المراجعات لأهدافها قصد كسب الثقة لدى السلطة . و هكذا تم تغيير اسم الجمعية من الجماعة الاسلامية الى حركة الاصلاح و التوحيد و مع ذلك فقد ظلت في موقف السرية الى غاية الاعتراف بها من الملك الراحل الحسن الثاني و الترخيص لحزب التجديد الوطني بعدما تقدم بهذا الطلب .و قد ابلغ الملك الراحل بواسطة مستشاره بنسودة السيد بنكيران بالتراجع عن هدفها و إلا يدفعه الامر للقيام بما لا يحبذه تجاههم .
المرحلة الثالثة : تتجلى في الاندماج بين حركة الاصلاح و التجديد و رابطة المستقبل الاسلامي ليصبح تنظيما واحدا اسمه حركة التوحيد و الاصلاح الذي التزم باحترام المؤسسات و الثوابت و الابتعاد عن كل ما يناهض شرعية السلطة و بعد ذلك تمكن الحزب من ولوج المجال السياسي العلني المعترف به سنة 2000 في ظل حكومة اليوسفي . و هو التاريخ الذي تم فيه تغيير اسم الحركة و تسميته حزب العدالة و التنمية بإيعاز من المرحوم الخطيب . و للتذكير فقد قدمت الحركة مرشحين للانتخابات التشريعية سنة 1997 باسم الحركة الشعبية الديمقراطية التي يرأسها الكومسير عرشان المنفصل عن الحركة الشعبية . و انطلاقا مما ذكر شرعت الاجنحة الدعوية في اقتحام الاحياء في المدن و القرى لاستقطاب المواطنين و اسسوا جمعيات في المجتمع المدني و تمويلها . و بذلك تكون قد ملأت الفراغ السياسي و وظفت الدين في خطابها بواسطة عدد من الجهال لا يفقهون في الدين شيئا . و بذلك انتشرت البدع و الخرافات و من تم نشأت ظاهرة التكفير لكل من يخالف راي الجماعة . و يتميز منتميها باللحى و اللباس الافغاني . و هكذا فان هذا المد الخطير قد ترتبت عنه العداوة و البغضاء في صفوف المواطنين الى درجة تكفير ما يسمى بالشيوخ لبعض رجالات الدولة و رؤساء بعض الاحزاب . و هذا ما يتنافى مع مذهب اهل السنة و الجماعة الذي يدعو الى الاجتماع على الدين و نبد التفرقة و التعصب . و من هنا نشأ الفكر التطرفي المتشدد خلافا لقوله تعالى في سورة الحجرات ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) ” . و قوله (ص) (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا” وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، “بِحَسْبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ” .
و الى جانب ما سبق فان الاحزاب التي تدعي المرجعية الدينية لا تملك اي تجربة في تدبير الشأن العام . و قد برهنت تجربة العدالة و التنمية عن فشل سياستها مند رئاسة الحكومة سنة 2011 الى سنة 2016. و كما سبق ذكره فان القوى الثالثة قد توغلت في الادارة و القوى المحافظة توغلت في المجتمع و استلبت الناس باسم الدين و الحال ان ما يقوم به لا علاقة له بالدين بل اساء اليه بواسطة الجهلة الذين تولوا التأطير .
هكذا و الحقيقة ان السياسة تقوم في عمقها على نوع من الصراع بين فرقاء مختلفي الايديولوجيات و المرجعيات و حول مصالح ذات قيمة مادية و رمزية ، تستخدم فيها مجموعة من الوسائل القانونية و السياسية المشروعية للظفر بهذه القيم . اما التجربة السياسية المغربية المعاصرة فقد عرفت تحولا كبيرا في اشكال هذه الوسائل و الاليات الرامية الى تحقيق اهدافها ، ابرزها ظهور خطاب سياسي خاص يتسم بصفات اقرب الى السجال التربوي الممزوج بالقوة اللفظية التي تتحول في بعض الاحيان الى العنف المادي او الرمزي مما يكشف الازمة التي تعيشها الحياة السياسية في البلاد في السنوات الاخيرة . و كان ذلك نتيجة تراجع منظومة الاحزاب و ضعف دورها في التأطير و اعجازها في انتاج نخب سياسية جديدة قادرة على افراز مشروع سياسي واقعي و حذاثي . و نظرا لغياب هذه النخب اصبح من الطبيعي ان تستمر الازمة السياسية رغم التطورات الهامة التي جاء بها الدستور الجديد و الامكانات التي وفرها سواء للحكومة و المعارضة قصد المساهمة في تنمية الحياة السياسية و الرقي بالمجتمع . و حل الاشكال الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المعرفية التي ما زالت قائمة و لم تجد لها حتى الان حلولا سياسية حقيقية و يرجع السبب فيما ال اليه المشهد السياسي من تبخيس الى الاساليب التي يمارسها القوى الثالثة للثأتير على الاختيارات السياسية المنتهجة للحيلولة دون المساس بمصالحها ضدا على مصلحة الوطن و المواطن . و لما انخرطت الحركات الاسلامية في العمل السياسي و” فازت” العدالة و التنمية ازدادت الازمة تعقيدا بسبب فشلها في تدبير الشأن العام حيث تفتقد الى “التجربة” و اصبح كل من القوى الثالثة و التيار المحافظ يمثلان تحديا يواجه المغرب. و النتيجة الملحوظة حاليا هو توغل القوى الثالثة في الادارة و عالم المال . و توغلت القوى المحافظة في المجتمع باسم الدين و اصبح اليسار على “هامش” الادارة و المجتمع .
وارزازات / علي المرابط : الاحد 23 يوليوز 2017.