يوسف حمادي
الرباط –
بعد أن استقبله العاهل المغربي محمد السادس بمدينة وجدة، حثّ حميد شباط أمين عام حزب الاستقلال الخطى لإجراء محادثات مع هياكل حزبه والعديد من الأحزاب المغربيّة الأخرى، بهدف تمحيص النظر في التفاعلات الجارية في الساحة السياسية وتداعيات قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال بالانسحاب من الحكومة.
وحسب المراقبين السياسيين فإن لقاء شباط بالعاهل المغربي، الذي يعدّ الأول من نوعه، وتسليم الملك المذكرات الثلاث حول العلاقة مع الائتلاف الحاكم عموما ومع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران على وجه الخصوص، فإنه قد ينذر بتحوّل سياسي مهمّ قد تظهر نتائجه مع الانتخابات البلدية المقبلة باعتماد المرشح المشترك. وقال شباط إن حزبه يُعد قوة سياسية تتفاعل مع كل التحوّلات السياسية التي عرفها العالم، وفي كل مرّة كانت الظروف تساعد على إحداث تحوّلات في الداخل، فإنّ حزب الاستقلال كان يسعى إلى توسيع هامش الحريات في المجال الحقوقي والسياسي في المغرب، واصفا نضاله الحزبي بالمعارك الكبيرة إبان فترة التسعينات من القرن الماضي، حين توحّدت الجبهة الاجتماعية في المغرب ممثلة في التيار النقابي، والجبهة السياسية ممثلة في الكتلة الديمقراطية وباقي الفعاليات الحزبية والحقوقية والمستقلة.
والجدير بالذكر أنّ اللجنة المركزية لحزب الاستقلال كانت قد أكّدت، في دورتها الاستثنائية المنعقدة مؤخرا، على عدم السماح بعودة الحزب إلى الوراء سواء على مستوى الانتشار الشعبي أو الشراكة السياسيّة. وقد دعا أعضاء اللجنة المركزية إلى ضرورة الدفع بالحزب نحو الدخول الانسجامي في معارضة قوية، ولاسيّما بالتنسيق مع حزب الاتحاد الاشتراكي.
وتدليلا على عودة الدفء إلى العلاقات بين حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، كان إدريس لشكر الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي يصافح رفاق الأمس المنشقين عن حزبه عبد الكريم بن عتيق وعبد المجيد بوزوبع، اللذين شدّهما الحنين إلى حزبهما الأصلي، مؤكديْن أن «المغرب اليوم في حاجة إلى توحيد الجهود للتنمية والنهوض بالمجتمع نحو التقدم». فقد قرّر حزب الاتحاد الاشتراكي الرجوع إلى موقع المعارضة القوية، بناءً على قناعة سياسيّة ورصيد نضالي لا يمكن التشكيك فيه. وهو اختيار وصفه إدريس لشكر بأنّ هناك توافقا عليه من قبل كل الاتحاديين.
وأكّد لشكر أنّ المغرب «عرف إصلاحا دستوريا مُهمّا يعطي الشرعية لكل المطالب السياسية»، معتبرا أن البلاد تُسيّرها اليوم «حكومة ستضرب في العمق المكتسبات والإصلاحات الكبرى التي وصل إليها الشعب المغربي».
ودعا من ثمّة إلى ضرورة أن يؤدّي الاتحاد الاشتراكي «دوره كاملا في قيادة المعارضة، وألا يؤسّس دوره على أساس الرتبة الثالثة التي حصل عليها في صف المعارضة خلال الانتخابات الأخيرة».
وقد بدا واضحا أنّ هناك توجّها اليوم نحو تبديد الاختلافات العميقة بين أقطاب الأحزاب التاريخيّة في المغرب، ممّا يطرح احتمال السير نحو تحالفات سياسيّة جديدة، يؤشّر إليها خلال هذه المرحلة التنسيق بين حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي