(*) توصلت نشرة المحرر من صحيفة ” ازال بريس ” بالمقال التالي ننشره كما توصلنا به :
سبق أن كتبت عن هذا الموضوع متسائلا: كيف يستقيم الظل و العود أعوج ؟
مستدلا بقولة لأحد الفاعلين المحليين الذي قال لي بالحرف ” من الصعب إنجاح مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مادام يتم تصريفها عبر قنوات عتيقة وفاسدة ”
آنذاك ، ولأنني فاعل جمعوي – عضو سابق في اللجنة المحلية – وفاعل سياسي منتخب، مما مكنني من الإطلاع على جانب من الملفات وعلى المناورات و التكتيكات المؤدية إلى توزيع الوزيعية ، حتى ولو اقتضى الأمر الدوس على أدبيات ومبادئ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الرامية إلى رفع كل أشكال الحيف والإقصاء والتهميش.
جماعة إداوكيلال ، كجماعة فقيرة استفادة من برنامج محاربة الفقر بالعالم القروي التابع للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، وتمكنت بالفعل من الحصول على المبالغ المخصصة لتمويل هذه المشاريع كل سنة.
في البداية تم تخصيص هذه المبالغ لبعض البنايات والإصلاحات كبناء قاعات متعددة الاختصاصات كدوار أكدال وأيت سيدي بلا وبناء صومعة بأزازن وبناء مقر جمعية بأملن فضلا عن إصلاح ساقية بأكرض الحد. لبعض هذه البنايات بقيت مهجورة لا يستفيد منها أحد .
وفي المرحلة الثانية تم تغيير الاتجاه وتخصيص هذه المبالغ لتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب لكل من دوار تزيايت وأزازن وأيت داود وتاجكالت فضلا عن إعادة هيكلة مشاريع مائية سبق أن تم إنجازها بكل من إداوكيلال وإغيل اعزا.
بعض هذه المشاريع تم وضعها بشكل عشوائي ترقيعي وبدون دراسات تقنية دقيقة وذات مصداقية ( إغيل اعزا وتاجكالت وازازن نموذجا ..) وفي غياب تام للحكامة والشفافية وكذلك المقاربة التشاركية. فقد تم تنزيل هذه المشاريع وفقا لما يتماشى مع أهواء ومزاجية وكذا مصالح رئيس الجماعة الترابية الذي تحول إلى حامل للمشروع فيما تحولت الجمعيات إلى شريك من درجة الصفر الذي لا اعتبار لها ولا يتم استحضارها إلا لتوقيع بعض المحاضر رغم أنها تساهم مساهمة مادية وعينية معتبرة ( جمعية توادا مثلا ساهمت بالبقعة الأرضية وبالبئر إضافة إلى 30000,00 درهم )
ومن أجل الوقوف عند بعض جوانب الخلل المؤدية للفشل نورد الأمثلة التالية : فيما يتعلق بمشروع تزويد دوار أزازن بالماء الصالح للشرب تم حفر البئر بالواد وتم قياس صبيبها في عز فصل الشتاء بشكل تحايلي على القانون لضمان المصادقة على المشروع من طرف اللجنة الإقليمية لإقليم تارودانت وما أن حل الصيف حتى جف البئر و بقي الناس بلا ماء يواجهون العطش وإلى حدود كتابة هذه الحروف مازال البحث جاريا عن مصدر آخر للماء ولو من باب الترقيع. وفي دوار إغيل اعزا التي استفاد من مشروع تأهيل المشروع الذي سبق أن أنجز من طرف جمعية أملن والجماعة الترابية قبل انطلاق برنامج المبادرة فإن هذا التأهيل قد شابته عدة إختلالات أولاها غياب الدراسة التقنية الكفيلة بعقلنة وترشيد المال العام.
فالمشروع يتوفر على ثلاثة (03) آبار وخزانين من غير أن يتم حل المشكل كما أن مد القنوات تم بشكل عشوائي وبلا( الروكارات )ولعل أنصع مثال الرابطة بين إكي العين والفرش كما أن بعض الدوار قد استفادت بأسماء مختلفة( أراز ، إيبوداز) وهما إسمان لدوار واحد كما أن بعض التجمعات التي لايتعدى عدد المنازل بها اثنتين يطلق عليه اسم دوار وترصد له ميزانية . كما أن بهذا الدوار جمعيات أخرى انفصلت في غياب الشفافية والمقاربة التشاركية ، وأحدثت مشروعا بها وبوسائلها الخاصة .
أما فيما يتعلق بدوار تزيايت الذي اضطلعت جمعية توادا الفاعلة والنشيطة . بتوفير بقعة أرضية وحفر بئر بوسائلها الخاصة إضافة إلى مساهمتها المادية ب 30000,00 درهم قبل أن تحضي بحقها في مشروع تزويد ساكنة الدوار بالماء الشروب .
ولأنها رفضت بالتقطع التطبيع مع الفساد المفضي لهدر المال العام ، وأصرت على ضرورة احترام الحد الأدنى من الحكامة والشفافية في تنزيل المشروع وفقا للمواصفات المحددة في الدراسة فقد وجدت نفسها أمام مجموعة من العراقيل والدسائس العقابية من طرف رئيس الجماعة الترابية .
البداية كانت عندما تم إسناد إنجاز المشروع لمقاولة مقربة جدا من رئيس الجماعة الترابية مما يصعب معه الاطمئنان لحسن سير الأشغال وإتقانها وبالفعل فقد بدأت بوادر الاختلال تبدو جلية مما جعل الجمعية تضطلع بدورها الرامي إلى حماية المشروع وضمان تنزيله وفق المعايير المعمول بها فاستقدمت اللجنة الإقليمية التي وقفت على عدة إختلالات وخر وقات تم توثيقها في محاضر معاينة، وتم إرغام المقاول على إعادة ذلك الشطر وقد بلغ عددها أربع حالات. وهو الأمر الذي لم يستسغه رئيس الجماعة الترابية فإمتنع عن تسليم تسيير المشروع للجمعية بل عمد إلى تسميم العلاقة بينها وبين جمعية أيت داود التي تربط بينهما اتفاقية الشراكة تزودت بموجبها جمعية أيت داود بالماء الشروب انطلاقا من مشروع تزيايت وفق شروط موثقة في اتفاقية شراكة موقعة ومصادق عليها من طرف الطرفين .
فامتنعت جمعية أيت داود عن تحويل المستحقات المترتبة عنها لفائدة جمعية توادا بإيعاز من رئيس الجماعة الترابية لتجد جمعية توادا نفسها بعد سنتين ونصف من التسيير الفعلي عاجزة عن مواصلة الإنفاق على المشروع خاصة لما أصيب بالعطب ويتطلب إصلاحه مبلغ مالي ، فتوقف المشروع لينتهي أمام المحكمة أمام القضاء بعد فشل كل المبادرات الحبية والإدارية لحل المشكل بشكل ودي وحبي. على أن رئيس الجماعة الترابية قد رفع وبشكل غير مدروس دعوة قضائية إستعجالية ضد رئيس جمعية توادا بتهمة قطع الماء عن الساكنة ليجد نفسه يخبط يخبطا عشوائي فيضطر إلى الإشهاد بالتنازل وبعدذالك يدفع ببعض المواطنين لرفع دعوة أخرى ضد رئيس الجمعية لتحكم المحكمة في الملف بإنعدام الصفة. فما زال ملف الدعوة التي رفعها رئيس جمعية توادا ضد رئيس جمعية أيت داود الرامي إلى الأداء رائجا أمام المحكمة لما يزيد عن السنة . وعوض أن يعترف رئيس الجماعة بأخطائه ويرفع يديه على هذه المشاريع التي زج بها في براثين الحزبية الضيقة عمد إلى خلق جمعية لقيطة بغية سحب المشروع من صاحبته الفعلية والقانونية قبل أن يكتشف أنه لا يتوفر على ملكية البقعة الأرضية وكدا ملكية البئر فانتهى به الأمر إلى حل الجمعية.
ومرة أخرى في هروب إلى الأمام ركب رأسه وحفر بئرين بأيت داود دون نتيجة وحتى لا تسقط كلمته وفي عناد كبير إنتقل إلى بئر في ملكيته الخاصة بالقرب من حقينة سد إمي الخنك الذي يبعد عن أيت داود بما يقارب 9 كلمترات فمد القنوات وبدون دراسة مرة أخرى وفي تحد كبير للقوانين الفيزيائية يحاول إيصال الماء دون جدوى حتى الآن موصلا بذالك هدر المال العام بدون حسيب ولا رقيب متباهيا بوجود مضلات وجهات نافدة تعفيه من كل محاسبة .
مشروع تاجكالت للماء الشروب بدوره تشوبه عدة شوائب واختلالات حالت دون استفادة ساكنة هذا الدوار من الماء الشروب كحق في الحياة .
بعض اللجان زارت الجماعة ووقفت ميدانيا على بعض هذه المشاريع دون البعض الآخر ودون ان تستدعي باقي الاطراف وخاصة الجمعيات الشريكة والمسيرة لبعض هذه ‘ المشاريع ‘ ، كما هو الشأن بالنسبة لقضاة المجلس الجهوي للحسابات واللجنة المكلفة بتتبع وتقييم هذه المشاريع التي تباشر عملها حاليا .