هناك مشكل رئيسي لدى أسر المغرب يتكرر كل سنة ويقض مضاجع الآباء عند مجيئ كل عطلة صيفية. إنه الاصطياف العائلي:أين؟ وما تكلفته؟ وتأثيراته المباشرة وغير المباشرة على الدخول المدرسي الموالي الذي يتربص بالعائلات بعد أن تضع العطلة أوزارها ؟ وكيف تدبير الميزانية خاصة إذا صادفت العطلة مناسبة رئيسية مثل عيد الأضحى هذه السنة…
حسب الاحصائيات التي تم نشرها هذا الأسبوع يقضي غالبية المغاربة عطلهم داخل المغرب. وتمتد عطلة السفر ما بين 12 و 14 يوما وتكون بالأساس خلال الصيف. وتقضي أسرة من اثنتين فترة عطلتها لدى الأقارب من أجل تقليص المصاريف، وأن حوالي ثلثي المغاربة فقط، يسافرون خلال العطل و33 في المئة من الأسر لم تسافر قط؛ كما أن 36 في المئة من الأسر المغربية سافرت خلال السنة الماضية لمرة واحدة، بينما 19 في المئة من الأسر سافرت مرتين و9 في المئة لثلاث مرات، و 3 في المئة فقط سافرت لأكثر من 4 مرات. وقد وردت هذه الاحصائيات في دراسة كشفت أن ثقل المصاريف المرتبطة بالحياة اليومية (الأكل اللباس ومصارف المدارس…) سنة بعد أخرى، أثرت بشكل سلبي على قدرة المغاربة على السفر خلال العطل…
نعم هناك بالرغم من الاكراهات التي تصطدم بها هذه العائلات فإنها في أسفارها وإقاماته السياحية تساهم برقم معاملات يصل إلى 31 مليار وخمسة ملايين درهم(2015) من خلا ل 300 ألف ليلة مبيت، حيث بينت دراسة نشرت قبل سنتين بأن 20 في المئة من السياح المحليين يقيمون بمؤسسات تجارية، في حين أقام 7 في المئة مرة واحدة على الأقل في الفنادق المصنفة. كما أن هناك «الاستراتيجية الوطنية 2020 « وضمنها مخطط «بلادي» من أجل تحقيق ثلاثة أضعاف عدد الأسفار الداخلية للوصول إلى 5,7 مليون إقامة في أفق سنة 2020. لكن هناك مشاكل يجب معالجتها من بينها مثلا ظروف الاقامة التي لا تتوفر فيها شروط الصحة والسلامة والاسعار بها يغلب عليها هاجس الابتزاز … وهناك مشكل النقل الذي لا تمنح فيه امتيازات التخفيض ولا ظروف مريحة للسفر ، بالإضافة إلى السلامة الطرقية، حيث يحصد الطريق أرواح الناس في حوادث بعضها يعود لحالة الطرق والبعض الآخر لتهور السائقين ….كما أن هناك مشكلا بيئيا، حيث لا تتوفر العديد من الشروط لتلافيه. …
إن السلطات المعنية والفاعلين الرئيسيين في موضوع السياحة الداخلية، عليهم إيلاء هذا الملف عناية خاصة، لأنه لم يحظ بعد بالاهتمام الجدير به، لدى المسؤولين عن تدبير هذا القطاع . فبالرغم من وجود استراتيجيات ومخططات، فإن صعوبات عدة مازالت تقف في وجه العائلات كي تقضي عطلها في أجواء مريحة وبمصاريف لا تلتهم الأجر والادخار ولا تثقل الكاهل بديون وقروض جديدة . إن المطلوب لدعم هذه الاستراتيجيات والمخططات، هو اعتماد مقاربة مندمجة تشاركية ،تمكن من توفير عرض سياحي متعدد ومتنوع، يستجيب لانتظارات المواطنات والمواطنين.إنها مقاربة تتوخى ترسيخ مبادئ الحكامة على المستوى المؤسساتي والتسويقي، وتأهيل الموارد البشرية مهنيا وتواصليا.