هناك شعور عام أن تعويم الدرهم هو دليل على الحالة الغير المستقرة للاقتصاد الوطني. هناك كذلك انطباع على أن هذا الأخير كان وضعه في الماضي أحسن من وضعه الحالي لأن قيمة الدرهم انخفضت كثيرا أمام الدولار و اليورو.
هل هذا الانطباع حقيقي؟
يساوي الدولار الأمريكي الواحد تقريبا 111 ين “ياباني”. فهل يجب أن أفهم أن عافية الاقتصاد الوطني أفضل من صحة الاقتصاد الياباني؟ و يساوي الدولار حوالي 9 كرونا سويدي فهل هذا يعني أن الاقتصاد الوطني و السويدي يتشابهان؟
أما “كوريا ” الجنوبية فحالتها من هذا المنظور لا تسر أحدا. فالدولار “الأمريكي” يساوي حوالي 1135 وون كوري جنوبي. أي أن الدرهم المغربي يساوي حوالي 113 وون كوري جنوبي. هل يعد هذا انتصارا للدرهم المغربي ؟
ما أعرفه أن الاقتصاد” الكوري” أفضل حالا من الاقتصاد الوطني. ربما يكون الأمر مرتبطا بالميزان التجاري. فالمشكلة تبدأ عندما تكون الصادرات أقل من الواردات. في هذه الحالة نضطر لأن يكون لدينا فائض من العملات الدولية المتحكمة في السوق الدولية للصادرات و الواردات.
بلغ العجز التجاري المغربي نهاية سنة 2014 ( 186.4 مليار درهم) بالسلب (أي حوالي 19.2 مليار دولار على أساس 1 دولار = 9.7 درهم) ربما يكون هذا العجز هو السبب في هذا التصور؟ في نفس السنة كان الميزان التجاري ” الانجولي ” حوالي 28.7 مليار دولار بالإيجاب. فهل هذا يعني ان الاقتصاد “الانجولي” في حال أفضل من الاقتصاد الوطني؟ لكن الدرهم المغربي يساوي حوالي 17 “كوانزا” “انجولي”. فهل هذا يعني أن الاقتصاد الوطني افضل؟
بلغ عجز الميزان التجاري الأمريكي ، دائما سنة 2014 ، حوالي 508 مليار بالسلب أي ان عجز الميزان الوطني أقل من عشر عجز الميزان الأمريكي. فما بالكم بدولة “تشاد “التي كان ميزانها التجاري سنة 2014 بقيمة 1.2 مليار دولار بالإيجاب.
هل يا ترى يجب أن نفكر في ما نستورده و نصدره؟ هل يجب أن نتساءل هل الاقتصاد الانجولي اقتصاد ريعي؟ ربما يفتح هذا بابا للفهم. الموضوع أكثر تركيبا مما يتصوره الشعور العام فأرجو أن لا نلجأ للتبسيط المخل الذي يقودنا إلى تكوين آراء فارغة تماما من المضمون و المعنى لا تسمن و لا تغني من جوع.
الاثنين 26 يونيو2017 .