(3) إطلاق سراح المعتقلين…
استهلال بعدي:# لم يحدث أبدا في تاريخ المغرب الحديث
أن خرجت مسيرة ضخمة بشعارات موحدة والحدث الذي كان وراءها ما زال قائما
..
اللهم في القضايا القومية
أو الصحراء المغربية
ولم يحدث أن انساب نهر بشري كبير في شوارع العاصمة….
من أجل حرية المعتقلين والاعتقالات مازالت تتوالى..
…
هذا له قانون جدلي صرف يقول:إذا حدث شيء لم يكن من المألوف حدوثه، فمعناه أن هناك تحولا …
والذكاء الجماعي يفترض التقاطه في حينه
بنفس الزخم!!!#
***
عاد مطلب إطلاق سراح المعتقلين، بدون توصيف سياسي أو ايديولوجي، إلى واجهة الحدث الإعلامي والاجتماعي في المغرب..
وقد انضاف إلى جدول أعمال الحراك، ليرفع من تعقده..
هو، بذلك نقطة تعقد و ليس بديلا لما سبق من مطالب، تمس الصحة والشغل والريع، بلا زيادة فيه غير منقحة..
وعلى من اعتقد بأن “«كبّرها تصغار”« حلا، أن يعي بأن الملف زاد من تشابكه ودخل فيه عنوان مرحلة سابقة، كان علينا أن نغلق عليها الباب نهائيا..
وهي المرة الأولى منذ المفاوضات العمومية التي حدثت في ربيع 2011، التي تجد الدولة المغربية نفسها أمام مطلب السراح للمعتقلين على خلفية أحداث الريف الاجتماعية..واتضح أن الجواب القانوني، والقضائي الأمني الذي أجابت به الدولة على ما اعتبرته غير سليم في الحراك. لم يعد جوابا كافيا..أو على الأكثر لم يعد جوابا..شافيا.
المطالب التي رفعتها عشرات آلاف الحناجر واليافطات، ليست منذورة لكي تذوب مع حر الشمس الرمضانية، كما يذوب مربع زبدة !
-1- ما من شك أن الدعوة الملكية إلى التحقيق، والصرامة فيه بخصوص التعذيب قد غيرت من معادلة المطلب نفسه.. إذ لم يعد مطلبا مثيرا للجدل، بقدر ما صار مطلبا رسميا، عبر وسيلة التحقيق نفسه. وبكلام آخر: لقد أعطى الأمر بالتحقيق الصارم في التعذيب، حجية وصدقية لوجود الاعتقال الذي يثير حصوله تخوفات وينبئ بالرجوع إلى زمن جاءت المصالحة الوطنية لكي تقطع معه.. وذكر مطلب التعذيب بمطلب إطلاق السراح، في مزاوجة تحمل كل معناها في السياق الوطني الحالي..
-2- هناك مطلب يزداد الالتفاف حوله، ولا يهم التدقيق القانوني فيه، أو الجنائي، إنه مطلب يستند إلى مشروعية المطالب المعبر عنها، كما لو أن القوى المطالبة به تضع المفارقة التالية: كيف يكون الاعتقال مشروعا، إذا كانت المطالب التي كانت وراءه مشروعة، وبعبارة أخرى كيف تكون للمعتقلين الشرعية في المطالبة بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، ويصبحون غير ذوي مشروعية عند اعتقالهم؟..
هذا التناقض السقراطي، لا يمكن أن تجد له حلا سوى السياسة..
ولاشيء غير السياسة..
-3- من الواضح أن القوة الأخلاقية، التي يكشفها التناقض السقراطي، لا تقف عند هذا الحد، فالتضامن والحراك حول هذا المطلب، هو مادة للتفكير
لا للخوف أو للتقزيم..
والحرص القانوني، على ضمانات المساطر، لا يلغي الحرص السياسي على إعفاء الدولة من المطالب الجديدة… بل يفرض عليها التعامل بمنطق الانفراج، وليس المواجهة..ولها أن تسمع إلى الهدير الصاعد من أعماق المجتمع الذي لم يعد يقبل بالتجاوزات..
-4- من الصعب أن نفصل بين مطالب السراح، وبين الأجواء التي دارت حولها!
فقد تناقلت الشبكات ووسائل الإعلام وشهادات الناس أحاديث عن تجاوزات في الاعتقال نفسه
بعيدا عن المؤسسات الأمنية الرسمية،..
حديث هم الاقتحام للبيوت، كما سمعت شخصيا من مناضلين ثقة من أهلنا في الريف، لا يمكن أن نتهمهم بالانحياز أو الاختلاق، ومداهمة المنازل في عز الليل، وما يمثله ذلك من استفزاز لأهل الريف ولكل بيت مغربي، بل إنساني..
-5- «المناصفة» في اعتقال سيدات مناضلات، وخروج الريفيات، من كل الأعمار، لمساندة العائلات التي تعرض أبناؤها للاعتقال، ولنا أن نتمعن هذا المعطى: لأول مرة ، تخرج النساء المغربيات، والمظاهرات متواصلة والاعتقالات متتابعة للتعبير عن مطالب السراح..
لقد قضينا عقودا طوالا، من الاعتقال والاختطافات، قبل أن تتعلم أمهاتنا الخروج إلى الشارع، وتتهيكل هيئة أمهات ونساء المعتقلين في المغرب، والحال أن الحادث اليوم موجود في حينه، وخرجت الأمهات في حينه..
هناك تحول في التعامل السياسي الأمني مع التظاهر..
صح،
ولكن هناك أيضا تحول أعمق لدى الأسر والنساء الرائعات فيه..بحيث المبادرة إلى طرح ملف، وهو ما زال في عز اشتعاله…
لهذه الأسباب ولغيرها، لم يعد من الممكن أن نغض الطرف عن قضية تنحو نحو الطابع السياسي.. ولا يمكن أن نسجنها في الطابع الحقوقي الصرف، أو الطابع الاجتماعي الصرف:
الاعتقال عندما يرتبط بالملفات الاجتماعية يتحول إلى …سياسة.. نقطة إلى السطر!