ما يحدث اليوم بالمغرب سيكون له افق خطير إن لم يتم التعامل معه بحكمة وتبصر اليوم قبل الغد.
ما يقع بالحسيمة ومدن عديدة بهذا الوطن قد ينفلت عن إيقاعه وشكله إن لم يتم التعامل معه بروح المسؤولية التي تنظر للأوضاع بعين الحوار من أجل الاستقرار لا من نافذة المقاربة الأمنية .فالتاريخ عبر التاريخ كان الحوار هو المخرج من الأزمات . وعبر التاريخ لم تستطع وزارة أمن أو داخلية لوحدها أن تعالج حركات اجتماعية أو احتجاجية.
ما يحدث اليوم استفحل بسبب ارتباك في تقييم الأحداث وعدم استيعاب لخطورتها في الزمان والمكان . لذلك المستعجل اليوم هو اتخاذ المبادرة التي تطمئن الجميع بمصداقيتها وبضماناتها وبحرصها على الاستقرار ووعيها بأن التفريط فيه له كلفة باهضة جد باهضه.
مبادرة تضع الدولة أمام مسؤولياتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وبكلمة واحدة مسؤولياتها الوطنية . وتضع المواطنين والمواطنين أمام مسؤولياتهم كذلك وبكلمة واحدة :الوطن موحدا آمنا نصب أعينهم .
إن ما يحدث هو مسار مركب له حمولات متعددة يجب الوعي بها . له من التاريخ ومن السياسة ومن الإهانة ومن الضرر الجماعي ومن المس بالكرامة ومن التهميش ومن التجارات الظاهرة والباطنة ومن لوبيات الصفقات العمومية ومن الأنانيات ومن…ومن…ما يجعله مركبا معقدا . لذلك المغرب بحاجة إلى مبادرة من شأنها أن تفكك هذا التركيب وتنصف أصحاب المطالب العادلة والمشروعة .
في أحداث ماي 1968 التي عرفتها فرنسا بخروج الطلبة والعمال في مظاهرات ضخمة بباريس وكبريات المدن اعتبر الرئيس شارل دوغول أن هؤلاء الشباب الذين قادوها وانخرطوا فيها بأنهم شجعان . وأقدم على اتخاذ اجراءات دستورية ومؤسساتية عززت العملية الديمقراطية بفرنسا.
في مصر التي عرفت انتفاضة من أجل الخبز خلال يناير 1977 وصف الرئيس أنور السادات الأحداث بأنها “ثورة حرامية” وادعت وسائل الاعلام الرسمية بأن هناك ” مخطط شيوعي لإحداث البلبلة والاضطراب . وشنت السلطات حملة اعتقالات واسعة ومحاكمات صورية . وتم الزج بمصر في طريق الدكتاتورية التي لازالت بصماتها مخيمة على هذا البلد العربي.
لذلك يجب أن نفتخر بشبابنا بمطالبهم العادلة والمشروعة من أجل الكرامة وأن تكون المبادرة إنصافا لهم وقطعا لطريق كل من أراد لمغربنا سوءا ويسعى إلى الدفع به إلى الفتنة.